يجب ألا تشغلنا التطورات الداخلية فقط عما يجري حولنا من تغيرات اقتصادية قد نتأثر بها خاصة إذا كنا مشاركين في مؤسسات دولية شاركنا في وضع أول لبناتها عام 44 مع 781 دولة، في اعقاب الحرب العالمية الثانية. شهور قليلة وتنتهي فترة ولاية رئيس البنك الدولي وتحديدا في يونيو القادم.. وبعد ان اغلق الباب اقتصرت الترشيحات علي رجلين وسيدة.. الأول الأمريكي جيم يونج كيم، والثاني الكولومبي خوزيه انتونيو اوكامبو، والسيدة هي النيجيرية نجوزي اكونجو ايويلا.. وهنا السؤال الذي يطرح نفسه بقوة.. هل ترأس أكبر مؤسستين ماليتين في العالم المرأة؟ في التصويت الذي بدأ أمس. الأولي صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد »الفرنسية«.. والثانية البنك الدولي نيجيرية؟ في الوقت الذي يدعو فيه بعض المتشددين إلي عودة المرأة إلي البيت!! سر الاهتمام بالموضوع جولة مباحثات مصر مع البنك والصندوق الآن. لم يكن ممكنا أن ازور واشنطن دون المرور علي شارع بنسلفانيا حيث المؤسستين اللتين تحكمان اقتصاد ومصارف العالم.. انهما البنك الدولي الذي انشئ لاعادة تعمير الدول التي تم تدميرها في اعقاب الحرب العالمية الثانية طبقا لاتفاقية بريتون وودز، والثانية انشئت في نفس التوقيت لمراقبة الأزمات والانهيارات المالية وبحث محاولة انعاشها، ومنح دولها شهادة صلاحية تستطيع بمقتضاها الحصول علي القروض. منذ البداية كان الاتفاق غير المكتوب ويقضي بأن تتولي أوروبا رئاسة الصندوق، وأمريكا رئاسة البنك باعتبار مساهمتها بأكبر نصيب في رأس المال، وبالتالي أكبر قوة تصويتية.. ولكن الآن تغيرت الأحوال، وظهرت قوي اقتصادية صاعدة تتنامي بسرعة بقيادة الصين والهند والبرازيل.. وظهر هذا الاتجاه بعد تنحي دومينيك ستراوس كان رئيس الصندوق السابق والبحث عن بديل عنه، وجاءت إلي قمة المؤسسة المالية الفرنسية أول سيدة هي كريستين لاجارد. والآن جاء الدور علي شغل منصب رئيس البنك الدولي.. وسارعت أمريكا كالمعتاد بالدفع بجيم يونج كيم المنحدر من أصل كوري جنوبي، وجيم يؤيد ترشيحه بقوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما واوروبا واسيا واليابان، لذا سارعوا بتقديمه إلي وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي.. ويونج 25 سنة نال شهادة الطب والتحاليل من جامعة هارفارد، وارتقي إلي درجة الأستاذية في جامعات كثيرة، كما تولي ملف مكافحة الإيدز في منظمة الصحة العالمية بتوزيع الدواء علي دول العالم النامي، وساهم في انشاء منظمة طبية لعلاج الفقراء في المنطقة الواقعة من هايتي إلي روسيا.. وهو حاليا رئيس لجامعة دار ثماوث العريقة.. أما زوجته فهي أيضا مهتمة بمكافحة الايدز عند أطفال أفريقيا.. والرجل الثاني الذي حظي بأوراق الترشح لرئاسة البنك الدولي والذي يري البعض ان طريقه لن يكون مفروشا بالورود، هو وزير المالية الكولومبي خوسيه انطوينو اوكامبو الذي تؤيده البرازيل.. خوسيه عمره 95 عاما.. خبير اقتصادي.. عمل لحساب بلاده والأمم المتحدة وتولي مناصب وزير الزراعة ورئاسة مجلس ادارة البنك المركزي، ومديرا تنفيذيا للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي لمدة 6 سنوات، ومساعدا للأمين العام للأمم المتحدة للشئون الاقتصادية والاجتماعية، وهو الآن أستاذ في معهد الشئون الدولية في جامعة كولومبيا بنيويورك. أما المرأة التي تسلط عليها الاضواء بعد ان دخلت حلبة المنافسة فهي النيجيرية انا بولا التي خدمت من قبل مديرة في البنك الدولي.. وتؤيدها ايضا جنوب افريقيا وانجولا لمنصب رئاسة البنك الدولي لذلك اصدرت الدول الثلاث بيانا مشتركا منذ أيام قليلة ان الترشح والاختيار يجب ان يكون علي اساس الجدارة والشفافية والنزاهة خاصة وان مرشحتهم لديها أوراق الاعتماد والمؤهلات لتكون رائدة لمجموعة البنك، حيث انها شغلت منصب المدير العام بالبنك لمدة 4 سنوات، وتخرجت من جامعة هارفارد، وحاصلة علي الدكتوراه من معهد باتسوتشيس للتكنولوجيا عام1891.. إلي جانب دعمها من أكبر منتجي النفط في أفريقيا كما تشغل احد المقاعد الافريقية الثلاثة في مجلس المديرين الذي يضم 52 عضوا.. كما ان بلادها نيجيريا من أقوي الاقتصاديات. وفي مواجهة المنافسة القوية لمن تكون الغلبة؟ سؤال تجيب عليه اليوم نتيجة التصويت الذي بدأ أمس.. جملة قصيرة: اللسان ليس عظماً لكنه يكسر العظام..