حمدى الكنىسى احتل مكانة متميزة بين الدعاة والمفكرين الإسلاميين إذ أن له حضوره واجتهاده، كما يحسب له تخليه عن الطموح السياسي الذي كانت أبوابه مفتوحة له من خلال والده القيادي والزعيم اليمني الكبير، لذلك كان سفر »الحبيب بن علي الجفري« إلي إسرائيل متوجها إلي القدس موضع جدل صاخب مثيرا لتساؤلات عديدة قد يتسلل في ثناياها قدر من المزايدات والاتهامات المتسرعة. وكان من الطبيعي ان ينزعج الكثيرون من محبيه ومريديه، والغريب انه كان يعلم مسبقا أنه سيتعرض لانتقاد قد يصل إلي حد التجريح لكنه اتخذ قراره وتقبل- كما أعلن- دعوة مغلفة بطابع ملكي أردني لنصرة المسجد الأقصي، واشترط ألا يدنس جواز سفره ختم إسرائيل، كما اشترط ألا يكون في رفقة أحد الإسرائيليين حتي لو كان بهدف حمايته وحراسته. هكذا أغرته الدعوة الملكية الأردنية، وأغراه الهدف المعلن من نصرة للمسجد الأقصي حتي لو اقتضي ذلك دخول القدس وهي ترزح تحت الاحتلال الاسرائيلي! لكنك يا »الحبيب« فاتك بالتأكيد أن توقيت الزيارة لم يكن إطلاقا في صالحك، ذلك لأن اسرائيل لم تتوقف عن اعتداءاتها وتنفيذ مخططاتها للاستيطان والعمل علي قدم وساق في تهويد القدس علنا وبمنتهي التحدي السافر وهي كعادتها تستغل حالة الارتباك في الصفوف العربية حيث مازالت دول الربيع الثوري تسعي لاستعادة توازنها وانطلاقتها الثورية، كما تتخذ الدول الأخري مواقف متناقضة ما بين التأييد أو التعاطف أو التربص والتآمر، كما تستغل إسرائيل - كعادتها خضوع قادة الولاياتالمتحدةالأمريكية لرغباتها وأوامرها خاصة وهم يتأهبون لخوض معركة الانتخابات الرئيسية حتي أن »أوباما« ومنافسيه يتبارون ويتنافسون في اطلاق التصريحات والوعود التي تؤكد الانحياز الفاقع لتل أبيب. من جهة أخري شاء حظك العاثر يا »الحبيب« ان تتوافق زيارتك للقدس مع مشكلة سفر عدد من الأقباط المصريين إلي الأراضي المحتلة لزيارة المعالم المسيحية بمدينة القدس بالرغم من أن البابا شنودة - رحمه الله- كان يرفض ذلك تماما، وقالها واضحة حاسمة إنه لا دخول للقدس وهي تحت الاحتلال الاسرائيلي، وبالمناسبة قال الأقباط العائدون من تلك الزيارة ان رحلتهم كانت دينية بحتة لكن ضمائرهم تعذبهم، وقالوا ان شوقهم لرؤية أي شئ يتعلق بالسيد المسيح دفعهم لتلك الزيارة التي لا صلة لها بالسياسة! وبالمناسبة أكدت يا الحبيب الجفري أنك قبلت الدعوة الملكية للسفر لأن قلبك مشتاق لمسري الرسول عليه صلوات الله وسلامه، لكنك فاتك أنك كرجل دين مرموق قد منحت رخصة لزيارة القدسالمحتلة بما يعنيه ذلك من تطبيع مع العدو الجاثم علي صدر شعبنا الفلسطيني، المدنس لمقدساتنا، الموغل في تحديه وعدوانه واستفزازه لمشاعر المسلمين والمسيحيين، ويكفي أن الشيخ »عكرمة صبري« رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدسالمحتلة وخطيب المسجد الأقصي انتقد بشدة زيارتك للقدس والمسجد الأقصي مؤكدا أنها تعتبر تطبيعا وإقرارا بشرعية الاحتلال الإسرائيلي. لماذا يا »الحبيب« فعلتها مهما كان اشتياقك لمسري النبي [؟ لماذا وكيف غاب عنك البعد السياسي والقومي؟!