د. سمية سعد الدين ياأهل مصر .. إذا عدنا لمشهد ماقبل يوم25 يناير الفاصل الفاعل المجيد .. فعلي مصر السلام.. وهذه كلمات صادقة ، نقولها لكل من تولّوا أمورنا وأمور بلدنا في فترة مابعد ثورتنا السلّمية العظيمة حتي اللحظة وإلي كُل من سمّوا أنفسهم سواء بالنخبة أو الحزب أو الجماعة وإلي كّل من منحناهم أمانة وطننا ، وأصواتنا، وحق تمثيلنا والتحدث باسمنا ، وإلي كُل من صوتّنا لهم وانتخبناهم ورفعناهم علي رءوس الأشهاد . هذه كلمات تقول لهم خلّوا سبيلنا وسبيل مصرنا وكفاكُم حديثاً عنا كشعب ، وعنها كوطن وأعلنوها بصراحة ..أعلنوا وفاة الثورة »أيوه أعلنوها بوضوح من غير لف ولا دوران ، من غير دليل ولا برهان،ولا تحليل ولابيان، فالحالة واضحة والوفاة الإكلينيكية ظاهرة للعيان ، الكُل فاهم ، بس ماحدش قادر يقولها ، لأنها صعبة ومؤلمة ومحزنة . أعلنوا وفاة الثورة ، واسمحوا بمغادرة جسدها الطاهر النبيل لغرفة الإنعاش، وانزعوا عنها أجهزة التنفس الصناعي التي زرعها ألد أعدائها ممن ادعوا أنهم هم الدكاترة والممرضون والمطببون ، وطلعوا هم السحرة والمردة وقتالين القَتلة وأولاد أمُنا الغولة! أعلنوا وفاة الثورة وريحوا قلب أمها مصر من الضنا والحزن والأسي .. وقولوا للقرايب والغُرب ، إنه خلاص البُنية الجميلة الغضة البضة روحها فاضت عند خالقها ، وإنها ارتاحت مننا ومن دُنيتنا ، ومن خيبتنا وتعاستنا ، وأحلامنا المغزولة بدهاء الطمّاعين،وقلة أصل الشمتانين، وحقارة آكلي لحوم الوطن والبشر والحجر ! اكتبوا إعلان الوفاة في الجرايد كُلها ، وأذيعوا الخبر في الإذاعات كُلها ، وانعوها في كُل برامج التوك شو ، وماتنسوش تذكروا محاسنها قدام شبابها وثوارها وشهدائها، وتستضيفوا الثوار والمصابين وأهالي الشهدا وتعملوا معاهم أحاديث ومُداخلات حتي لوكان أولادهم عند ربهم ينعمون ، بعد أن ارتاحوا منا وتخلصوا من عبئنا وعبثنا، وتخلصوا من سوء تقديرنا وغبائنا وقصر نظرنا ، وعجزنا عن حماية أحلامهم وأولادهم ومستقبلهم ! أعلنوا وفاة الثورة ، وانصبوا السرادق بلا حُمرة خجل - في ميدان التحرير اللي هو للأسف كان نفس مكان ولادة الثورة ، وهاتوا خطيب الثورة ، وكليم الثورة ، وشهود الثورة ، وخلوهم يعلنوا لكل البلد وأولاد البلد وبنات البلد وكبارها وصغارها وستاتها ورجالها ، وشيوخها وأشباحها ، أن سعيكم ماكانش مشكوراً ، ولاذنبكم يمكن يكون مغفوراً "! أعلنوا وفاة الثورة ، وأحضروا كل أمهات وآباء الشهداء وكرّموهم للمرة الأولي والأخيرة، بعيدا عن ذُل الحديث عن أموال لايريدونها منكم ثمناً لهم ، ولكن سمعوهم الكلمات الحقيقية والنهائية عن ازاي خنتوهم وخدعتوهم وقتلوهم ، وكلموهم بصدق ولو لمرة واحدة هي الأخيرة« ! أمّا إذا ماعاد لكمّ الرُشد الوطني ، وعاودكم الضمير الثوري ، وأشهدتكم السماء علي حقوق الشهداء ، وآلمكم حق أوجاع المصابين ، وأرّقكم حال غالبية الشعب المصري الذي أنهكه الالتفاف والانقضاض علي ثورته ، الشعب الذي صبر وحلم رغم الصعاب والعقاب الذي ألمّ به طوال انتظاره لجني أطاييب الثورة ، والحرمان الذي ناله من مباشريها ، والعدوان الذي أصابه من مضاديها ، نعم إذا ماحدثت المعجزة واستعدتم ضمائركم ، فعودوا إلي الميدان .. اطلبوا الصفح من المواطنين المصريين الشرفاء ، واطلبوا السماح ممن خنتوهم من الثوار ، واطلبوا الغفران من الله الذي يملُك أقدار الأوطان والثورات كما يملُك أقداركم ورزقه، فهو وحده الذي يعرف نواياكم وماتضمرون ، وضمائركم وماتحملون ، وأهدافكم وماتغرضون. عودوا لميدان الشرف .. اطردوا ذئاب الحملة الرئاسية.. ولا تكونوا نعاجها، أصروا أولا علي دستورنا، ومدنية دولتنا، وعلي اختيار رئيسها القادم من رحم وطننا.. وأعلوا بشأن الوطن لا شأنكم ، وانظروا لقيمة الوطن لاقيمتكم ، وانزعوا فتيل الشر عن أمتكم ، أو اتركونا نترحم علي ثورتنا ، وغادرونا بلا رجعة كي نحمي بأنفسنا مصرنا وثورتنا ! مسك الكلام .. موت الأمل .. يعني انقطاع شرايين الحياة!