من أوضح علامات صدق الايمان الأمانة التي تتحقق بالضمير اليقظ الذي تصان به حقوق الناس ويحفظهم من دواعي الخيانة أو التفريط أو الاهمال، وكما ان الامانة من علامات الايمان الصادق فإن ضياع الأمانة من علامات الساعة فقد جاء رجل يسأل رسول الله »صلي الله عليه وسلم« متي الساعة؟ فقال له »صلي الله عليه وسلم«: »إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة«. فقال الرجل: وكيف اضاعتها؟ قال »صلي الله عليه وسلم«: »إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة«. وعندما يموت الضمير وينتج عن ذلك تصدع مستشفي قبل مرور 61 عاما علي انشائه واصدار روشتات خاطئة تهدد حياة المرضي، والغاء امتحانات بسبب تسريب أوراق الاسئلة وغش في الصناعة باستخدام نفايات ضارة وغيرها من جرائم ينعدم فيها الضمير وتندرج تحت مسمي أزمة أخلاق المهنة وانتشار الفساد الذي وصل إلي أيدي من يأتمنهم المجتمع علي حياته فان الأمر يحتاج إلي وقفة مع النفس ومحاسبة للأخلاق الفاسدة والرجوع إلي الله ومراجعة تعاليم الإسلام. تهذيب الأخلاق يقول د.مصطفي مراد الاستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر ان الضمير قوة فطرية أو دعها الله جسم الانسان ليميز بها الخير من الشر أي حاسة اخلاقية يميز بها ما هو حسن عما هو قبيح وكلمة »ضمير« لم ترد في القرآن الكريم ولكن جاءت في القرآن بمعني النفس »ونفس وما سواها« وبمعني النفس اللوامة »ولا أقسم بالنفس اللوامة« والضمير له قوة سلطان علي النفس ومحاسبتها »لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم« وربط الله سبحانه بين الضمير والعقل في الاستحقاق والجزاء وقال: »وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير. ويضيف ان المسئولية في الأخلاق تنقسم إلي مسئولية شخصية »من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها« ومسئولية جماعية قال »صلي الله عليه وسلم«: »ان الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه أوشك الله ان يعمهم بعقاب«. قيمة العمل ويؤكد د.محمد داوود الاستاذ بجامعة الأزهر ان في الدنيا جانب محمود ينبغي للانسان ان يسعي لتحصيله كي يحفظ كرامته والا يظهر الإنسان بين الناس بصورة غير مقبولة وان يكون انسانا نافعا كله عطاء ينفع الناس بما ينجز من أعمال وهناك مفهوم خاطيء بين الناس قديما وحديثا وهو اقتصار مفهوم العمل الصالح والعبادة علي الشعائر الإسلامية المعروفة كالصلاة والصيام والزكاة والحج ولكن علمنا النبي »صلي الله عليه وسلم« ان العمل يكون في سبيل الله ويمتد ليشمل الاعمال النافعة الحلال التي تقوم بها في دنيانا لتحصيل الأرزاق وعمارة الدنيا وكفاية الحاجة والقرآن الكريم يؤكد هذا المفهوم الايماني قال تعالي: »يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون« وجاء فعل الخير عاما وشاملا في سياق ذكر العبادات المشهورة كالسجود والركوع وفي هذا تعظيم لقيمة العمل وعمارة الدنيا وبناء الأمة بالحلال الطيب ولقد جعل الله السعي علي المعاش سببا من أسباب المغفرة لقوله »صلي الله عليه وسلم« : »من أمسي كالا من عمل يده أمسي مغفورا له« ومن ترك الحرام مخافة الله عز وجل فان الله تعالي يبدله خيرا منه والأمانة هي سلطان المراقبة علي الضمير وتتمحور في المراقبة من النفس ثم المراقبة من الله ثم المراقبة من الناس وكل الفضائل من اخلاق وصدق وامانة ووفاء بالوعد وغير ذلك اساسها المتين الايمان بالله عز وجل فكلما زاد التمسك وزاد الالتزام بهذه الفضائل ينعكس ذلك علي مستوي الايمان وليعلم شبابنا ان الأمانة طوق أمان. مسئولية المجتمع ومن آراء الشيخ محمد الغزالي عن محاربة الإسلام للجرائم الخلقية يقول يفترض ابتداء ان الإنسان يجب ان يعيش من طريق شريف أي انه لا يبني كيانه علي السرقة وما الذي يحمله علي السرقة؟ احتياجه إلي ما يقيم أوده فيلوفر له من الضرورات والمرفهات ما يغنيه عن ذلك وتلك فريضة علي المجتمع إن قصر فيها فألجأ فردا إلي السرقة فالجريمة هنا يقع وزرها علي المجتمع المفرط لا علي الفرد المضيع فإن كفلت للفرد ضروراته ثم مد يده بعد ذلك محصت حالته جيدا قبل ايقاع العقوبة عليه فلعل هناك شبهة تثبت ان فيه عرقا ينبض بالخير وإذا تبين من تتبع احوال الشخص انه أصبح مصدر عدوان علي البيئة التي كفلته وآوته وانه قابل عطفها وعنايتها بتعكير صفوها وأقلاق امنها فلا ملام علي هذه البيئة إذا حدث من عدوان احد افرادها فكسرت السلاح الذي يؤذي به غيره والإسلام يحمل البيئة قسطا كبيرا من تبعه التوجيه إلي الخير أو الشر واشاعة الرذائل أو الفضائل، وملاحظة البيئة وتقدير آثارها في تكوين الخلق عامل لتهذيب الأهواء الطائشة ضمانا لايجاد مجتمع تقي يزخر بأزكي الصفات وأعف السير.