تألم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنته التي ترملت في الثامنة عشرة من عمرها، وقرر أن يبدد حزنها ويختار لها بنفسه زوجا ينسيها أحزانها. فكر عمر في أبوبكر الصديق.. فرزانة كهولته وسماحة خلقه ووداعة طبعه كفيل بأن يحتمل حفصة بما في طبعها من حدة مزاج وما أصابها من هم وحزن بعد فقدها لزوجها.. وارتاح لفكرة مصاهرة أحب رجل إلي النبي »[«.. عرض عمر ابنته علي الصديق لكن أبا بكر أمسك فلم يجب! حزن عمر ولم يصدق أن صاحبه رفض ابنته.. سارت قدماه إلي عثمان بن عفان »]« وكانت زوجته رقية بنت الرسول قد توفيت بعد بدر. وعرض علي عثمان حفصة، وكان جواب عثمان: ما أريد أن أتزوج اليوم. غضب عمر من صديقيه فقادته ثورة غضبه إلي رسول الله »[« يشكو صاحبيه ويقول: أمثل حفصة في شبابها وتقواها وشرفها ترفض؟ تبسم الرسول وقال: يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة. أشرق وجه عمر.. وجال في خاطره لمحة مضيئة: أيتزوج الرسول من ابنته؟ ذاك والله شرف لم تتطاول إليه أمانيه. تهيأ بيت النبي لاستقبال حفصة في شهر شعبان من السنة الهجرية الثالثة.. كانت حفصة معتدة بنفسها لا تري في منزلة عائشة أو سواها ما يجور علي مكانتها.. ولم تكن تتحرج من معارضة زوجها الرسول حين يبدو له من الأمر مالا يرضيها.. وكانت السبب في واقعة اعتزال الرسول لنسائه شهرا بعد أن أفشت سرا أوصاها زوجها أن تكتمه فأشعلت النار بينه وبين نسائه. عندما انتقل الرسول »[« إلي جوار ربه كانت حفصة هي التي أختيرت من بين أمهات المؤمنين جميعا وفيهن عائشة لتحفظ النسخة الخطية للمصحف الشريف.. وتفرغت حفصة من بعد الرسول للعبادة وعاشت صوامه قوامه حتي ماتت في أخريات عهد عثمان بن عفان. رجاء النمر [email protected]