هناك عدد هائل من نظريات الادارة ومن مختلف العلوم التكاملية الحديثة ولكل من هذه النظريات سمات في لغة التفاعل التي تولدها وتنتجها ويسمعها السامعون ويتطبع بها المتفاعلون، ولكن هذه النظريات تولدت في مجموعات حاضنة وكانت كل مجموعة تعبر عن مرحلة تاريخية من الفكر الانساني والاوضاع والقناعات السياسية والاقتصادية علي مستوي العالم ولقد ارتبطت نظريات الادارة بنظريات القيادة LEADERSHIP ومفهوم من هو القائد، حيث كان التركيز في الموجة الاولي لنظريات القيادة منصبا علي ان يكون للقائد قدرة خاصة علي السيطرة والتحكم وان تكون له حتي مواصفات جسدية توحي بالهيبة ولقد سادت في اطار هذه الموجة عقلية الوصاية والتسلط بصفة عامة وكان من الجذور المتحكمة والدافعة لهذه الموجة في الفكر الغربي مفهوم »الحق الالهي للملوك« اي كأن القائد هو ممثل الله علي الارض، وكان من تبعات هذه النظرية علي المستوي السياسي هو خروج شخصية مثل هتلر الذي رأي انه له مهمة تاريخية لتغيير العالم طبقا لتفوق العرق الاري من ناحية وتغيير قناعات هذا العالم من ناحية اخري طبقا للرؤية النازية وكان من تبعات النظرية ايضا ومما دعمها وابقي عليها وكان ذلك علي مستوي »البحث العلمي« والتنظير اعمال عالم النفس السلوكي د.ف سكينر SKINNER، وكان له كتاب علي درجة كبيرة من الاهمية جاء بعنوان »بعيدا« عن الحرية وبعيدا »عن الكرامة« وسوف اعود بالتحليل لهذا العمل الذي استدعي طروحات مضادة خاصة من عالم اللغويات المعروف نوم تشومسكي وخطورة طرح سكينر أنه عمق مفاهيم السيطرة السلبية في عمليات الإدارة تحت شعار »حقق المطلوب منك وفقط« أو حقق ما يطلبه القائد الإداري أو السياسي دون نقاش، وكانت الانتقادات والمناقشات التي وردت بخصوص هذه النظرية التسلطية والقائد صاحب عقلية الوصاية وكل اساليب السيطرة السلبية هي السبيل لظهور وشيوع الموجة الثانية المضادة من نطريات الإدارة ونظريات القيادة وصاحب ذلك ودعمه هزيمة المانيا النازية والقضاء علي شخصية مثل شخصية هتلر بما تحمله من عقلية السيطرة علي اتباعه وغيرهم ومستوي متضخم من عقلية الوصاية. كانت الموجة الثانية من النظرية هي تلك النظريات التي تدعم الحرية والكرامة وترفض عقليات الوصاية وتؤكد علي كل ما يؤدي الي الابتكار CREATIVITY وإلي دعم العقلية النقدية وعمليات اتخاذ القرار من خلال الادارة بالأهداف والادارة بالمشاركة ورفض التسلط ومركزيته من حيث الاستخدام المتعسف للسلطة وجاءت الموجة الثالثة بعد ذلك من نظريات الادارة والقيادة لتعمق توجهات الموجة الثانية من حيث تعميق كل ما يؤدي إلي الابداع وصقل العقلية النقدية الايجابية واللازمة لأي تقدم تحدثه المؤسسات والدول في ظل تنافسية جادة، كما عمقت الموجة الثالثة من نظريات القيادة والادارة من الشفافية ومفاهيم الحوكمة واصبح نطاق التفاعل اكثر انفتاحا في العالم كله واصبح العالم يموج بمساحات اوسع لمناقشة كل القضايا التي تمس المصالح العامة وفكرة التقدم والحديث يطول عن الطبيعة الانفتاحية لهذه الموجة الثالثة، ولكن أين يقف واقع الممارسات الادارية والسياسية في العالم العربي من هذه الموجات الثلاثة؟ وما هي الخلطة القائمة بين سمات الموجة الاولي والموجة الثانية والموجة الثالثة في واقعنا الذي نعيشه الآن؟! اعتقد ان الاستطراد وبحث هذا الواقع الذي نعيشه يحتاج إلي حديث مستفيض اقترح ان اخوض فيه بعد هذا الشهر الفضيل وكل عام والجميع بخير ومصر ام الدنيا بخير وسلام.