بىرس بروسنان فى شخصىة رئىس الوزراء و إىوان ماكجرىجور فى فىلم "الكاتب الشبح " لم يستطع المخرج الفرنسي البولندي رومان بولانسكي الحائز علي جائزة الأوسكار تسلم جائزة الدب الذهبي كأفضل مخرج عن فيلمه "الكاتب الشبح" الذي شارك به في مهرجان برلين في طبعته الستين لأنه رهن الإقامة الجبرية التي فرضتها عليه السلطات السويسرية في فيلا يملكها لحين البت في أمر تسليمه إلي السلطات الأمريكية لتنفيذ العقوبة التي صدرت بحقه في ادانته باغتصاب قاصر -13 عاما- في سبعينيات القرن الماضي. وقد احتل العرض الأول لفيلم "الكاتب الشبح" بؤرة الاهتمام في نسخة هذا العام من المهرجان لأنه يتناول قصة تتطابق إلي حد كبير مع رحلة الحياة السياسية لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الفيلم مأخوذ من رواية للكاتب البريطاني روبرت هاريس ويروي قصة كاتب يجسد شخصيته النجم "إيوان ماكجريجور" الذي استدعي لاستكمال كتابة مذكرات ادام لانج رئيس وزراء بريطاني سابق يجسد شخصيته النجم »بيرس بروسنان«، وفي أحد مشاهد الفيلم يورد المخرج رومان بولانسكي مشهداً كان قد كُتب وتم تصويره قبل احداث الاعتقال التي تعرض لها ووضع بموجبها رهن الاقامة الجبرية لحين الفصل في تسليمه للسلطات الامريكية، في المشهد المقصود، يشكو رئيس الوزراء البريطاني المعزول أدام لانج من أنه مطلوب القبض عليه في أكثر من دولة ويوافقه محاميه قائلاً له بأنه سيتعرّض للاعتقال في أوروبا إذا ما انتقل بين دولها، ثم يذكر له بعض الدول الآسيوية التي من الممكن أن يلجأ اليها، والتي لا ترتبط بمعاهدات أمنية توجب تسليمه الي السلطات التي تطالب بمحاكمته كمجرم حرب، ولا يختلف "الكاتب الشبح" عن المعضلة التي يواجهها بولانسكي حاليا، حيث إن رئيس الوزراء في الفيلم يجد نفسه محتجزا في جزيرة "مارثاس فاينيارد" بالمحيط الأطلسي وسط تحركات في أوروبا للتحقيق معه بخصوص تورطه في جرائم حرب ، وامام هذا المشهد لا يملك المرء إلا أن يضحك علي مصادفات القدر التي خلقت موقفا متطابقا ً بين وضع إحدي شخصيات الفيلم الرئيسية وبين وضع مخرجه رومان بولانسكي الآن علي خلفية ما حدث له عندما تم إلقاء القبض عليه في سويسرا ثم تقييد إقامته والتهديد الذي لا يزال سارياً بإعادة تقديمه للقضاء الأميركي بتهمة الاعتداء علي قاصر قبل نحو ثلاثين سنة، لو ان هذا الفيلم قد تم تصويره بعد حادثة توقيف رومان بولانسكي وتحديد اقامته، لكان قد تمتع بقدر من الذاتية في الربط بين عالم الفيلم وعالم مخرجه، لكن رومان بولانسكي الفنان الذي وضع في بعض أفلامه الكثير من رؤاه الشخصية الخاصة حول العوالم المستنتجة من حياته الخاصة وتاريخ ما حدث معه كصبي يهودي عاني من تخويف الجنود له عندما وضعوا تفاحة علي رأسه وأطلقوا النار عليها، عاكساً بذلك أجواء من الخوف والعنف، يبتعد في فيلمه الجديد عن معظم مساراته السابقة، مانحاً مشاهديه فيلماً بوليسياً يقوم علي استفاضة في شرح الحيثيات، قبل أن ينجلي في النهاية عن جهد جيد في التنفيذ التقني الذي يكشف عن أستاذ في الحركة والتحريك يقف وراء الكاميرا، فالبطل "كاتب" نراه في مطلع الفيلم يوافق علي لقاء رئيس الوزراء البريطاني آدم ليساعده في كتابة مذكراته مقابل ربع مليون دولار، أمام الكاتب شهر واحد لكن ما يجعل المهمّة سهلة الي حد ما، أن رئيس الوزراء وضع المذكّرات فعلا، وما علي الكاتب الا أن يجلس معه لتنقيحها من خلال مقابلة معه تمنح المادة بعض المرجعية الشخصية ، الصعوبة تتمثل في ان كتابة المذكرات تأتي وسط أزمة تطال صاحبها وسرعان ما تحيله الي الاستقالة، فقد اتضح أنه منح الموافقة علي تعذيب أربعة متهمين بالانتماء الي القاعدة مما أدّي الي وفاة أحدهم ، هذا ما يحدث في الواقع حالياً في بريطانيا بعد ان انطلقت الاتهامات التي تؤكد أن شعبة الاستخبارات البريطانية كانت علي علم بقيام السي آي ايه بتعذيب المتهمين، ما يثير غرابة الكاتب هو أنه تسلم المهمّة بعد مقتل الكاتب السابق في ظروف غامضة ، من هنا يصبح الفيلم لغزاً قائماً علي امن القاتل؟ وعما إذا كان الكاتب الحالي سيلاقي مصير الكاتب السابق، وبالفيلم اصوات تدافع عما يتخذ من اجراءات ضد خطر الارهاب حين يصرخ أحدهم " لنفتح قسماً من المطار لا يمارس عمليات مراقبة من أي نوع ، وقسما آخر يمارس القاء القبض علي المشتبه بهم ونري ماذا سيحل بالبلد في كلا الحالتين" ، والمقصود هنا هو أن الخطر الإرهابي سيكون مؤكداً في الحالة الأولي ومنعه مؤكد في الحالة الثانية والفيلم بهذا الطرح يخرج عن نطاق المقصود المتمثل في قضية التعذيب لأجل استخراج المعلومات سواء كانت صحيحة او كاذبة. يرسم فيلم "الكاتب الشبح" صورة لعالم متشكك وساخر يظهر حول رئيس الوزراء آدام لانج الذي توقع أن يحصل علي ثروة مقابل مذكراته ، وفي حال غريبة توضح أن الفن يعكس في بعض الأحيان الحقيقة ، تزامن الإعداد للعرض الأول للفيلم مع الكشف عن أدلة أمام لجنة تحقيق خاصة في لندن حول ملابسات مشاركة بريطانيا في الحرب علي العراق، ولهذا قال كاتب الرواية روبرت هاريس إن الأحداث تتآمر لتجعل الفيلم يبدو وثائقيا أكثر منه خياليا ، إذ يواجه رئيس الوزراء في الفيلم اتهامات بالتغاضي عن اعتقال بعض المشتبه في كونهم إرهابيين، وقد تم تسليمهم للمخابرات الأمريكية سرا ليتعرضوا للتعذيب، وفي عالم السياسة الحقيقي، تتعرض الحكومة البريطانية لضغوط بسبب حكم قضائي بالكشف عن وثائق خاصة بقضية مواطن بريطاني كان محتجزا في معتقل جوانتانامو، ويزعم تعرضه للتعذيب في باكستان، بينما تحتجزه المخابرات الأمريكية بعلم الحكومة البريطانية ، ولهذا قال هاريس " كل هذه الأشياء في الرواية استبقت ما كان ليتحقق بعد ذلك"، مضيفا أنه كان يفكر في بعض الأحيان في أن بريطانيا هي الولاية ال51 للولايات المتحدةالأمريكية، وتساءل عما إذا كان رئيس الوزراء يعمل مع المخابرات الأمريكية ، وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بمناسبة عرض الفيلم في برلين، لم يخف هاريس والممثلون سرا أن شخصية رئيس الوزراء الاسبق توني بلير ساعدت في إلهامهم بأبعاد الشخصية الخيالية لرئيس الوزراء في الفيلم، الذي تم وضع اللمسات الأخيرة عليه بينما يخضع مخرجه للإقامة الجبرية ، وقال النجم بيرس بروسنان إنه سأل المخرج بولانسكي في المراحل الأولي من تصوير الفيلم " يبدو ان آدم لانج رئيس الوزراء المتخيل في الفيلم هو توني بلير ". بولانسكي ينتظر الفرج بعيدا عن فيلم " الكاتب الشبح " ، فقد نقلت وكالات الانباء السويسرية عن موظف كبير بوزارة العدل أن السلطات السويسرية لن تبت في طلب تسليم المخرج الفرنسي البولندي رومان بولانسكي للولايات المتحدة قبل صدور القرار النهائي للقضاء الاميركي حول محاكمته غيابيا ، وامام بولانسكي الانتظار حتي يتم استئناف قرار صادر عن احد قضاة لوس انجلوس رفض فيه في 22 يناير الماضي طلبا من محاميه يقضي بمحاكمته غيابيا، وقد اعلن محامو بولانسكي علي الفور انهم سيستأنفون الحكم.