الدعوة إلي بناء مجمع إسلامي، تثقيفي يضم مسجداً بالقرب من مكان الهجمات التي تعرضت لها نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر2001 أحدثت انقساماً حاداً بين الشعب الأمريكي. فالغالبية كما تؤكد مصادر الجمهوريين ضد إنشاء المسجد في مكان الكارثة الإرهابية والتي راح ضحيتها آلاف المدنيين الأمريكيين. ومن رأي المعارضين أن قيام المسجد في هذا الحي بالذات، يعتبر طعنة في ظهر الآلاف من ضحايا الجريمة الإرهابية التي قام بها تنظيم القاعدة »الإسلامي«. روبعيداً عن التعميم.. أعلنت، يوم السبت الماضي، نتائج استطلاع رأي سكان المدينة المعنية »نيويورك« وحدها، فتبين أن 61٪ من »النيويوركيين« يرفضون المشروع مقابل 26٪ فقط ، وافقوا عليه. وهي نتيجة أسعدت عتاة السياسيين الجمهوريين المذعورين من »الإسلام والمسلمين« بزعامة رئيس مجلس النواب السابق: »نيوت جنجرتش« .. الذي وصفه البعض بأنه أي »جنجرتش« يخوض مع أنصاره »جهاداً حقيقيا -True jihad -سرعان ما سيتحول إلي صراع حضارات ضد الإسلام! الرئيس الأمريكي »باراك أوباما« كان له رأي مخالف في هذه القضية، أعلنه أمام ضيوفه في البيت الأبيض، بمناسبة حلول شهر رمضان. قال إنه كمواطن، و كرئيس للبلاد.. يري أن للمسلمين نفس حق ممارسة شعائر ديانتهم مثل غيرهم من باقي المواطنين.. بما في ذلك حقهم في إقامة مركزهم الديني علي أرض خاصة بهم في حي »مانهاتانّ«. .. كالعادة: أيد البعض رأي »أوباما« في حين رفضه البعض الآخر، ولم يكتف بمعارضته وإنما هاجم الرئيس شخصياً، لأنه افتقد لباقته وأقحم نفسه في قضية شائكة، لها حساسيتها البالغة.. كما فعل، وكما قال. واشتعلت الاحتجاجات علي ما أعلنه الرئيس »أوباما«، في العديد من الولايات مثل: »تينيسي« ، »ويسكونسن«، و»كاليفورنيا« وترددت شعارات، وتحذيرات، خلال الندوات واللقاءات التي تمت في مدن تلك الولايات وغيرها، من بينها تحذير نشرته صحيفة »نيويورك تايمز« لأحد نشطاء »الإسلام فوبيا« جاء فيه: [ لقد علمت أنه إذا استمر معدل مواليد المسلمين علي ما هو عليه حالياً، فإن نسبة تعداد المسلمين في الولاياتالمتحدة ستزيد علي تعدادنا خلال العشرين عاماً القادمة]. وأضاف الناشط في إبداء خوفه ورعبه قائلاً: [إنهم يقصد المسلمين يخططون لاختراق المجلسين التشريعيين، والمجلس الأعلي للقضاء.. حتي يسهل عليهم تغيير دستور البلاد بالشريعة الإسلاميةّ]. وناشط آخر قال للصحيفة الأمريكية الشهيرة، واسعة الانتشار: [ إني أؤيد حق كل مواطن في اختيار عقيدته، وممارسة شعائر دينه بكل حرية. لكن الإسلام ليس ديانة فقط. إنه أيضاً شكل من أشكال الحكم السياسي. وهو ما يتعارض مع كل نصوص ومباديء دستورنا الأمريكي]. يعلق كاتب أمريكي »William Saletan« علي ما نشر، وعرض في أجهزة الإعلام الأمريكية بأصوات وصور معارضي بناء مسجد بالقرب من مكان الكارثة الإرهابية، فيقول إنه لا ينفي وجود خطر علي الدستور. فهناك ما يؤكد وجوده. لكن الخطر الذي يشيرون إليه لم يأت المسلمون به. فهم لا يمثلون أكثر من 1٪ فقط من الشعب الأمريكي.. طبقاً للإحصائيات الرسمية الأخيرة. ومن يريد تهديد الدستور، يشترط فيه تمثيله للأغلبية. والمسلمون يمثلون أقلية كما نري. في حين أن أصوات الرفض ومعارضة بناء المسجد تمثل حقيقة أغلبية، قادرة بالتالي علي تهديد الدستور. والأغلبية وحدها لا تكفي لتهديد الدستور، وإنما يلزمها قائد، وموجه، لها يتمتع بقدر كبير من الجاذبية الشخصية والآثرة، ويستطيع أن يحشد هذه الأغلبية ليخلق منها قوة سياسية قاهرة. ويري الكاتب »William Saletan« أن الجمهوري العتيد، رئيس مجلس النواب السابق » نيوت جينجريتش« تتوافر فيه هذه القدرات والمواهب كلها، ويستطيع أن يواصل زرع الخوف، وتعبئة الرعب، من الإسلام والمسلمين في قلوب الأغلبية ليصل بها ومعها إلي ما يريد الوصول إليه. و»للإسلام فوبيا«.. بقية.