الهاجس الخطير الذي يُقلق بال التطرف الإسرائيلي ويدفعه إلي ممارسة العنصرية العرقية ومواصلة سياسة التوسع ضد الفلسطينيين يتمحور حاليا في تصاعد تعداد الفلسطينيين. كل الاحصائيات والدراسات تشير إلي ان عدد المواطنين في الأراضي الفلسطينية التي قامت عليها دولة إسرائيل سوف يتساوي مع تعداد اليهود عام 5102 إذا ما استمرت الزيادة في كلا الطرفين بالمعدلات الحالية. هذه الأرقام هي التي تدفع الإسرائيليين وبدعم امريكي غربي إلي رفع شعار يهودية إسرائيل الذي يضمن مخططات للتخلص من الفلسطينيين. وفقا للاحصائيات المعلنة من جانب جهاز الاحصاء الفلسطيني فان تعداد الفلسطينيين في أراضي فلسطينالمحتلة بعد نكبة 84 سوف يبلغ 6 ملايين و022 ألف نسمة متساويين بذلك مع عدد السكان الإسرائيليين. كما انه من المتوقع ان يرتفع عدد الفلسطينيين إلي 1.7 مليون نسمة عام 0202 بزيادة 003 ألف عن عدد اليهود. ويقدر عدد الفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة»فلسطين التاريخية« حاليا ب2.5 مليون نسمة بنسبة 54٪ من تعداد الدولة الإسرائيلية في مقابل 5.6 مليون اسرائيلي. بينما يبلغ العدد العام للفلسطينيين بما في ذلك اللاجئون الموزعون في عدد من الدول العربية نحو 9.01 مليون نسمة. من الطبيعي ان يشغل هذا التزايد المطرد في عدد الفلسطينيين فكر القائمين علي الدولة اليهودية التي تعمل حساب اليوم الذي يتفوق فيه تعداد الفلسطينيين علي تعداد الإسرائيليين. القلق الإسرائيلي لا يقتصر علي هذا العامل الذي هو لصالح الفلسطينيين بمرور الوقت ولكنه يذكرهم بمشاكل العنصرية التي أدت إلي زوال حكم البيض في جنوب افريقيا ذات الأغلبية السوداء. تحت هذا الضغط فان إسرائيل تجد نفسها في سباق مع الزمن لضمان أمنها واستقرارها الذي ولا جدال سيتعرض للخطر إذا ما أدت هذه التطورات إلي ذوبان الأقلية اليهود وسط الطوفان الفلسطيني. ان ما يزيد القلق من تأثير الزيادة السكانية الفلسطينية علي مستقبل إسرائيل ما تشهده حركة الهجرة إليها من تراجع نتيجة ما يتعرض له الحلم الصهيوني من تلاشي والذي تجسد في تزايد اعداد الهجرة المضادة -أي التي تغادر إسرائيل إلي أمريكا والدول الأوروبية . ورغم العائد المادي الذي تحصل عليه إسرائيل في شكل معونات نتيجة تصاعد خطر الصدامات العسكرية التي تتورط فيها إسرائيل والتي تؤدي في نفس الوقت إلي تشويه صورتها أمام الرأي العام العالمي إلا ان تواصل هذا الخطر يساهم في ارتفاع معدلات الهجرة إلي خارجها. في نفس الوقت فان رفض يهود الخارج - خاصة في الولاياتالمتحدة - لسياسة متطرفي يهود الداخل الذين يعملون علي وضع مزيد من القيود لضمان تنقية الجنس اليهودي وعدم اختلاطه بالاعراق الاخري . هذا الموقف أدي إلي خلاف عميق دفع بعض قيادات يهود الخارج الي التهديد بوقف تبرعاتهم لإسرائيل. من ناحية اخري تطالب جماعات من المثقفين اليهود في أوروبا الغربية الاتحاد الأوروبي بممارسة الضغط علي إسرائيل من أجل إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية وتوقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين. تقود هذه الحملة جماعة يهودية ليبرالية يسارية جديدة تمثل جميع يهود الدول الأوروبية تحمل اسم »كول جاي«. استطاعت هذه الجماعة ان تستقطب اعدادا كبيرة من كبار المثقفين والسياسيين اليهود في أوروبا. تسير هذه الجماعة علي نفس الطريق الذي يسلكه التنظيم اليهودي في أمريكا »جي ستريت «. سيتركز نشاط هذا التنظيم مع التنظيمات الاخري المماثلة علي مواجهة التنظيمات اليهودية اليمينية الموالية للحكومة الإسرائيلية وسياساتها المتطرفة. وتقوم استراتيجية هذه الجماعات علي مبدأ ان التأييد لإسرائيل لا يعني بالضرورة تأييد سياسة حكومتها وان علي إسرائيل ان تتجاوب مع توجهات السلام. بقي ان نطالب الطرف العربي الذي تمزقه الخلافات والاستقطابات الإقليمية خاصة الفلسطيني بأن يتوحدوا وان يتحركوا نحو هذه الجماعات لتوضيح وجهة النظر العربية الجانحة للسلام بما يؤدي إلي تقويتهم وتفعيل مواقفهم لصالح السلام.