إلي متي يستمر هذا الخلل في اهتمامات اعلامنا المرئي؟ إلي متي يستمر شغل قنواتنا وبرامجنا بالممثلين والمغنيات ولاعبي الكرة ونقادها..؟ وكأن مجتمعنا ليس فيه آخرون، لهم نصيب في هذه القنوات والبرامج؟ استسهل اصحاب القنوات والبرامج، من تليفزيون الدولة إلي القنوات الخاصة الاغراق في البرامج الفنية والرياضية، إلي حد الاسراف والزيادة عن حد المعقول، ولكي يملأ هؤلاء برامجهم، اصبح كل لاعب كرة نجما.. واصبحت الممثلة أو المغنية المبتدئة فنانة.. طبعاً فالكثرة تولد التهافت.. والتهافت يرخص الألقاب.. وتضيع المعايير.. ويسوق لنا شيئا أن طريقهم للشهرة والمال هو طريق الكرة والملاعب.. وورش الفن.. ولا مجال آخر! حتي عندما أقدم إعلامي جاد هو عمرو الليثي علي تقديم برنامج جديد بعنوان »أنا«.. واستبشرنا خيرا.. لان عمرو الليثي قدم برنامجين ممتازين: »اختراق« الذي يعالج فيه قضايا سياسية وتاريخية هامة.. و»واحد من الناس« الذي التحم فيه مع أحوال آحاد الناس وجماعاتهم المهمشين، وكان له فضل الكشف الميداني عن الوجه الآخر للناس في بلادنا. صحيح أنه شبك مع هؤلاء الاحاد البؤساء »آحادا« متميزين من الفنانين والرياضيين.. لكن كان ذلك »مبلوعا« لعمق حوارات عمرو وسلاسته في إدارة الحوار، مما جعل الاضافة ناجحة لكننا عندما شاهدنا تترات البرنامج، لاحظنا أن ضيوفه هم هم الفنانون والرياضيون. . أي المزيد من التعريف بالمعرفين.. واتاحة الظهور للذين يملأون جميع الشاشات. لست من الذين يقللون من قدر فنانينا ورياضيينا اطلاقا. لكني فقط، مع الكثيرين غيري، من المشغولين بقضايا التنمية الشاملة للمجتمع.. والذين يؤمنون بأنه لا تنمية ولا تقدم إلا بالعلم.. فإننا نريد تصحيح هذا الانحراف في اعلامنا المرئي، وتعديل توجهه، بحيث يغطي العلم والبحث العلمي.. وتشجيع الابتكارات والاختراعات التي تسهم في حل مشاكلنا نصيبها الطبيعي والضروري في التليفزيون، الذي له التأثير الأكبر علي الجمهور وعلي المسئولين سواء بسواء. يا زملاءنا الإعلاميين، والمسئولين عن التليفزيون.. في مصر عشرات الآلاف من العلماء، في مختلف التخصصات لا يسمع أحد عنهم شيئا. هؤلاء يستحقون أن يقدموا وتقدم ابحاثهم.. وأن نسعي لتطبيق نتائجها.. ونتابع ذلك في التطبيق. وفي مصر عشرات بل مئات المخترعين يستحقون عنايتنا، وتذليل العقبات البيروقراطية التي تحجب مخترعاتهم. الا يستحق علماؤنا ومخترعونا.. برنامجا واحدا وسط هذا السيل من برامج الفنانين والرياضيين؟ أم أنها صرخة.. في واد.