ما قيمة زيارتك للطبيب ليشخص مرضك فتعرفه ثم لا تتناول الدواء؟ وما قيمة أن تعرف ان المذاكرة هي طريقك للنجاح وانها ستأخذ بيدك للحصول علي أرفع الدرجات ومع ذلك لا تذاكر رغم أنك تنتظر النجاح؟ ثم ما قيمة ان تعرف كيف تدخل الجنة والأعمال التي تؤدي بك إليها ثم لا تقوم بها وتهملها وتري آخرين يقومون بها بمنتهي الاقبال والنشاط بينما أنت تتابع بكسل ولا مبالاة وكأن الجنة مضمونة وفي جيبك أو كأنك ستأخذها بلا ثمن وبدون تعب؟ سألت أحد العلماء عن هذه الظاهرة. ظاهرة عدم الخشية من الله واللامبالاة في أمور الطاعات والعبادات. بل والتهاون في أمر المعصية. فتجد منا كثيرين يرتكبون المعاصي بدم بارد دون أن يرمش لهم جفن! وإذا حاولت توجيههم تجدهم يستمعون ويفهمون وقد يندمون ولكنهم لا يعملون فقال لي: ما تتحدث عنه اسمه ظاهرة نقص الايمان.. فالذي يرتكب المعصية وهو يعلم انها تورده موارد التهلكة هو يستهين بالعقوبة. أو ربما يظن بدون مقتضي انه سينجو منها.. مثل هذا الشخص يوصف بأن ايمانه ضعيف وان شهوات جسده أو غياب عقله يسيطر عليه ولا يقوده الي طريق فيه نجاته؟! ولاحظ ان كل أمور الدين غيبية.. فالناس تعرف ان هناك جنة ونارا ولكنهم لم يروهما.. ويفهمون معني الثواب علي الطاعات والعقاب علي المعاصي ولكنهم لم يروا شخصا عاد وروي ما رأي وهذا هو الاختبار.. ان تصدق دون ان تري الوعد.. وان تطيع دون خوف من عقاب! سألته: وكيف يزداد الايمان ولا ينقص؟ قال بوضوح: يزداد الايمان في البيئات الايمانية وينقص في غيرها.. لن يزداد الايمان وأنت جالس في المقهي ولكن يزداد وأنت في المسجد تستمع باهتمام لدرس علم ولن يزداد وأنت تشاهد فيلما دراميا ولكن قد يزداد وأنت تتابع مذاكرة فقهية أو حوارا دينيا.. هناك ايمان قادر علي أن يوقظك لصلاة الفجر من عز النوم. وقادر علي أن يمشي بك إلي المسجد في كل أوقات الصلاة، وقادر علي أن يجعلك تنفق في سبيل الله ما استطعت من مالك. وهناك إيمان لا يكفي لاكثر من صلاتك في بيتك. وايمان أضعف يجعلك تعرف كل أبواب الخير ولكنك لا تقوي علي المضي فيها. ومثل هذا مصيبته ثقيلة لانه عرف وانصرف.. قدر وأعرض.. فهم واهمل .. يا تري أنت مين فيهم؟