فجأة وبدون مقدمات عادت ظاهرة مسرح الفرجة الشعبية في الموسم المسرحي الحالي في عدة عروض مرة واحدة .. شاهدناها في عروض قصور الثقافة في الاقاليم وفي مسرح الدولة في عرض »ملك الشحاتين« في المسرح الحديث وعرض »الشطار« بمسرح الغد وكان السؤال لماذا اختفت عروض الفرجة الشعبية التي كانت تميز مسرحنا المصري لعهود طويلة ولماذا عادت وماهي ضرورتها الآن ؟ مثل هذه العروض هي صمام الامان لهذا المسرح وهي التي تحمي تراثنا المسرحي وتؤكد علي هويتنا الثقافية ويجب الاهتمام بها بدلا من ان تكون مجرد محاولات فردية فقط وايضا التنوع في عروضه .. ففي مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ينبغي ان نقدم مثل هذه العروض التي تعبر عن اصالتنا وتراثنا الشعبي والحمد للة لدينا من يكتب لهذا النوع من المسرح من امثال الكاتب الكبير يسري الجندي والكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني وغيرهم الكثير .. هذا النوع من المسرح مطلوب بشدة لانني لاحظت من خلال عضويتي في لجان النصوص المسرحية ان معظم الكتاب من الجيل الجديد يلجأ الي تقليد الكتاب الغربيين ومحاكاة نصوصهم ظنا منهم ان هذا هو الطريق الامثل للنجاح واختراق حصار عدم وجود فرصة حقيقية لهم لعرض نصوصهم وهنا مكمن الخطورة علي ثقافتنا وتراثنا .. ليس مطلوبا ان نفرض عليهم نوعا من الكتابة وليس مفروضا ان نحد من حرية تناولهم في اعمالهم لكن ينبغي ان يتسابق المسرح الرسمي لدعم مسرح الفرجة الشعبية باعتباره مشروعا مصريا خالصا يبرز القيم والمعاني والسير الشعبية المصرية ودور البطل الشعبي في مقاومة الاحتلال الاجنبي ولدينا الكثير لنقدمه .. مثل هذا المشروع الثقافي يجب ان يواكب اهتمامنا بالقاهرة الفاطمية والمشروع الضخم الذي قامت به وزارة الثقافة ووزيرها الفنان فاروق حسني في شارع المعز لدين الله الفاطمي واعادة ترميم الاثار الاسلامية في هذه المنطقة. ينبغي الا نغفل دور المسرح في ايصال الثقافة بكل صورها في حوارنا مع الآخر ونحن نعتز بتراثنا ونقدره ومن حولنا دول صغيرة تخترع تراثا لها ودول تسعي لسرقة هذا التراث فمن غير المنطقي الا نحاول نحن الحفاظ علي هذا التراث وان نسعي الي احضاره في نصوصنا الادبية وخاصة المسرحية ولدينا المثل والقدوة في كتاب كبار استمدوا شهرتهم من التراث المصري وطالما افرد المهرجان القومي للمسرح المصري الذي يقام كل عام في شهر يوليو جائزة للتأليف المسرحي وهي جائزة مالية مقدارها 15 ألف جنيه للكتاب الصاعدين فمن الضروري الاهتمام بمسرح الفرجة الشعبية وتشجيع الكتاب الجدد علي الكتابة فيه. الكاتبة الكبيرة سناء فتح الله رحمها الله اثرت الحركة النقدية المسرحية وعلمتنا كيف يكون الناقد منزها عن كل غرض وان يكون أمينا مع القاريء والا يدخل مصالحه الشخصية في عمله.. كانت تمتلك شجاعة نادرة في ابداء رأيها وكانت لها مواقفها التي لا تنسي في الوقوف بجوار الحق في هذا المكان الذي تشرفت بالكتابة فيه .. رحمك الله رحمة واسعة وبارك في ولديك الصديق والزميل العزيز الشاعر والكاتب الصحفي محمد بهجت والدكتور خالد بهجت المخرج التليفزيوني .