اكتب هذه الكلمات في ذات الوقت الذي يلتقي فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو، ومن القواعد الأساسية في مجال الصحافة والإعلام انه لا ينبغي ابدا للكاتب الصحفي ان يتناول موضوعا مازال في علم الغيب، لانه بذلك يتحول من صحفي محترف إلي قاريء طالع ينظر في »كرته البللورية« مثل السحرة، يسرد لنا روايات وتفاصيل هي في كل وقت، وتحت أي ظرف، لا علاقة لها بحقيقة ما جري وما سوف يجري! ومع، ورغم، ذلك فإنني أغوص عمدا في هذه التجربة التي طالما حذرنا منها اساتذة الصحافة والاعلام مستشهدين في ذلك بالقصة الشهيرة لمراسل صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد محاكمات نورمبرج الشهيرة، عندما تقرر اعدام احد قادة النازي في الساعة السابعة صباحا، وهي بسبب فروق التوقيت، الثانية عشرة في منتصف الليل بتوقيت واشنطن! وحرصا من المراسل علي عدم تفويت هذا الحدث كان ان أبلغ صحيفته بإعدام القائد النازي طبقا للبرنامج المحدد، ولكن لسوء حظه أصيب هذا القائد الألماني بوعكة صحية تقرر معها تأجيل اعدامه، فما كان من الصحيفة الأمريكية الكبري الا ان بعثت ببرقية إلي مراسلها في برلين تتكون من كلمتين وحيدتين: »أنت مفصول«! رغم كل ذلك، فان التجارب العديدة السابقة في مجال العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تشجع وتحفز أي صحفي في العالم العربي علي الحديث مسبقا عما سوف يتمخض عنه هذا اللقاء المرتقب، فمن المؤكد ان اسرائيل ستحصل علي كل ما تطلبه من واشنطن، حتي لو كان البيان الصادر عن المحادثات يقول عكس ذلك تماما! ومن المؤكد أيضا ان جانبا كبيرا من المحادثات سيتناول العلاقات القوية بين أنقرة وتل أبيب، وأنه في سبيل الابقاء علي هذه العلاقة الاستراتيجية والحيوية ستتدخل واشنطن لتغذية -فقط تغذية- حلم تركيا بالانضمام إلي الكيان الأوروبي، وإلي جانب هذا وذاك، ورغم احتمال اصدار بيان عن المحادثات يتسم بالغموض والتشاؤم، فانه من المؤكد أيضا ان إسرائيل ستحصل علي جميع المساعدات العسكرية، والمالية والدبلوماسية...إلخ التي سيطلبها »بيبي« وذلك علي غرار الأغنية الأمريكية المشهورة التي تقول كلماتها: كل ما تطلبه لولا فان لولا تحصل عليه!!