وزير التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن    الرئيس السيسي يطلق النسخة الخامسة من أسبوع إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين الكونغو الديموقراطية وحركة M23    حبس طرفي مشاجرة نشبت بينهما بسبب معاكسة فتاة في المطرية    «الداخلية» تقرر السماح ل 106 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    عاجل- طوارئ بغرف عمليات المرور تحسبًا لسقوط أمطار على الطرق السريعة    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    المجمع الطبى للقوات المسلحة بكوبرى القبة يستضيف خبيرا عالميا فى جراحة المسالك البولية    دراسة حديثة تكشف أسرار تدفق الدم لمصابي كوفيد طويل الأمد    وزير الثقافة يزور طلاب أسوان المصابين في حادث طريق إسنا للاطمئنان على حالتهم    الري: التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء أحد أدوات التعامل مستقبلا مع محدودية المياه وتحقيق الأمن الغذائي    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    بنين تعتمد تعديلات دستورية تشمل إنشاء مجلس الشيوخ وتمديد الولاية الرئاسية    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى المرج    للاطمئنان عليهم.. وزير الثقافة يزور طلاب أسوان المصابين في حادث طريق إسنا    متي ينضم محمد صلاح لمعسكر الفراعنة قبل أمم أفريقيا ؟ ليفربول يحدد الموعد    اليوم .. بدء القيد بالنقابة العامة لأطباء الأسنان لخريجى الكليات دفعة 2024    أسعار الدواجن والبيض اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025    سعر الدولار الأمريكي اليوم الأحد 16نوفمبر 2025    110 جنيهات زيادة في أسعار الذهب محلياً خلال أسبوع    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025    الأرصاد الجوية : الطقس اليوم مائل للبرودة وشبورة وأمطار والعظمى بالقاهرة 25 والصغرى 17    ضبط شخصين تعديا بالضرب بالشوم على شاب في الشارع بالمنيا    فرص عمل فى مشروع الضبعة النووية بمرتبات تصل ل45 ألف جنيه    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    مادورو: المناورات العسكرية الأمريكية مع ترينيداد وتوباجو غير مسئولة    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    البث المباشر لمباراة نيجيريا والكونغو الديمقراطية.. قمة نارية لحسم بطاقة الملحق العالمي لمونديال 2026    نجم مسلسل "الهيبة" السوري يعتنق الديانة المسيحية (فيديو)    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    «حماة الوطن» يعقد مؤتمرًا حاشدًا بالإسماعيلية لدعم مرشحيه    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    استقرار أسعار اللحوم في الأسواق المصرية اليوم الأحد    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    القصة أخدت بُعد ديني، حفل محمد عبد الجبار في ذي قار يثير جدلا بالعراق (فيديو)    حبس المتهم بسرقة المتاجر في النزهة    أدم محمد صبري: والدي رفض دخولنا نادي الزمالك ب "الواسطة".. وهذه وصيته لنا    "دولة التلاوة".. برنامج قرآني يتصدر الترند ويُحيي أصالة الصوت المصري    يومًا للتضامن.. شهادات صادمة تكشف حجم الانتهاكات في الفاشر    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    محمود حسن تريزيجيه: الانضباط والاحترام أساس تكوين شخصية لاعب الأهلي    الدفاع الروسية: إسقاط 36 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    فيران توريس بعد دخوله نادي العظماء: الطموح لا يتوقف مع الماتادور    ليفربول يحسم موقفه النهائي من بيع سوبوسلاي    "ضد الإبادة".. ظهور حمدان والنبريص والدباغ في خسارة فلسطين أمام الباسك    عمرو أديب بعد حادث أحمد سعد: واخد عين.. حوادثنا قاتلة رغم الطفرة غير الطبيعية في الطرق    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في إيجي برس يوم 03 - 06 - 2014

"يا بلد معاندة نفسها يا كل حاجة وعكسها".. كلمات تغنت بها ريهام عبد الحكيم، واصفة حال مصر، لترسم "الإعلانات التليفزيونية" ملامح مشهد التناقض.

فهذا طفل يربط حجر على بطنه من شدة الجوع، وآخر ييفتش بكفه الصغير بين القمامة بحثًا عن "لقمة" تخرس صرخات معدته التي تتعصر جوعًا، وثالث "يتشعلق" في الأتوبيس ليذهب إلى عمله، وهذا يسكن بالقصور تحاوطه عشرات الفدادين من المساحات الخضراء، يمارس الرياضة في النادي، يمتلك سيارة فارهة.

ففي مصر يعيش أكثر من 40 %، بحسب إحصائية لمركز التعبئة العامة والإحصاء، تحت خط الفقر، بعضهم يسكن ب "العشش" وآخرون ب "المقابر"، مياه الصرف الصحي تروي ظمأهم، والقمامة تغذيهم، وقطع من القماش تستر عوراتهم، وعندما يريد أن يمرح أطفالهم، يبحثون عن أي نافورة بجوار منطقتهم ليسبحوا فيها، لتأتي لهم "الإعلانات"، بحياة أخرى كانوا يظنون أنها لا توجد إلا في جنة الآخرة.

"الإعلانات" تطارد المشاهدين، تدعوهم لشراء شقة يبدأ سعر التقديم لها بما لا يقل عن 100 ألف جنيه، ومنتجعات وقرى وشاليهات، بأسعار تفوق الخيال، يتحدثون عنها وكأنها" ملاليم"، لا يدرون أنها تنزل على الفقراء كالسهام تمزق عقولهم وقلوبهم، تجعلهم يتمردون على معيشتهم "الضنك"، وتحول الكثير منهم لمجرمين ومنحرفين ومدمنين، وتدفع آخرين للانتحار، فهكذا يؤكد خبراء علم النفس والاجتماع والإعلان.

استفزاز وتمرد
ابتسام مرسي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، أوضحت أن إعلانات الرفاهية عكست وجود طبقة غنية جدًا بالمجتمع المصري، الذي يعيش في أكثر من 40 % تحت خط الفقر، وتكثر به البطالة، وهو ما يؤدي لنتائج سلبية وخطيرة، تتدفع بالأطفال والشباب من سن 10 أعوام حتى 30 عامًا، إلى الانحراف لتحقيق الرفاهية التي يرونها في الإعلانات.

وتابعت أستاذ علم الاجتماع، أن الطفل عندما يشاهد هذه الإعلانات تجعله يتساءل: " ليه احنا مش عايشين كده؟"، لتأتي الأعمال الدرامية لتكمل المشهد، وتوضح له كيفية الوصول لهذا الترف عن طريق النصب والسرقة والانحراف، وبالتالي يلجأ الطفل للانحراف أملًا في أن يحيا مثلما يحيا الأغنياء.

وأضافت مرسي أن هذه الإعلانات تتدفع الشباب للتمرد على حياتهم ومجتمعهم وبلدهم، ويبحث عن الهجرة غير الشرعية، مؤكدة أن إعلانات الرفاهية لها عامل كبير في تزايد أعداد المهاجرين ومعدلات الجرائم، مناشدة صناع الإعلان بالتوقف عن هذه الإعلانات رأفة بحال الفقراء، وحفاظًا على السلم الاجتماعي.

وأكدت هناء أبو شهبة، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، أن الإعلانات التي تبرز رفاهية مبالغ فيها، تستفز البسطاء، تخلق حالة من الكراهية والعداء والحقد من قبل الفقراء على الأغنياء، وتدفع البعض من الشباب للانحراف وتعاطي المخدرات بهدف تناسي ما رأوه في الإعلان من رفاهية مقارنة بمعيشته الضنك.

واقترحت أبو شهبة أن تصنع الدولة إعلانات مماثلة تخاطب الفقراء، تحدثهم فيها عن جمعيات استهلاكية تبيع اللحوم بأسعار منخفضة، على سبيل المثال، وعن وحدات سكانية للشباب بأسعار منخفضة.

وروت أبو شهبة، حديث دار بينها وبين نجل حارس العقار الذي تسكن بيه، ضاربه به المثل في كيفية تنامي الطموح لدى الفقراء بفعل الإعلانات: "بتعمل إيه بالبقشيش؟، فأجابها: كنت الأول بجيب بيه فينو وجبنة رومي، لكن دلوقتي هحوش علشان أجيب "ماكدونالدز".

الانتحار
اجتمع رأي خبراء النفس والاجتماع مع خبراء الإعلان على التأثير السيئ لإعلانات الرفاهية، على المشاهدين خاصة من الطبقة الكادحة، فمن جانبها قالت ثريا بدوي، أستاذ العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن هذه الإعلانات، سواء إعلانات " فيلات أو شاليهات أو منتجعات ووحدات سكانية جديدة، أو أكلات"، تزيد من الطموحات عند المشاهدين، وتجعلهم يشتهون العيش كالحياة التي يرونها في الإعلان، وتجنح بالبعض منهم للانتحار أو ارتكاب الجرائم.

وأوضحت بدوي، أن المشاهد يقارن بين معيشته وبين الحياة التي يراها في الإعلان، فيصاب بالإحباط واليأس، وخاصة مع تزايد نسبة البطالة وغلاء الأسعار، فتدفع البعض للتمرد، فيجنح للسرقة والأعمال الإجرامية لحصد أموال يحقق بها هذه الرفاهية، مؤكدة أن هذه الإعلانات تهدد السلم المجتمعي.

وشددت أستاذة الإعلان على ضرورة حل المشاكل الاجتماعية وإيجاد فرص عمل للشباب، للحد من التأثير السلبي لهذه الإعلانات على الشباب، لافتة إلى إنه لا يمكن منع مثل هذه النوعية من الإعلانات، لأن المحطات الفضائية لا يهمها نوعية الإعلان ولا ما يحويه من مضمون قد يتنافى مع المجتمع المصري، بقدر ما يهمها الأرباح التي تدرها الإعلانات.

وأضاف محمد رضا، رئيس قسم الإعلام بجامعة المنصورة، أن الإعلانات التي تحتوي على سلع باهظة التكلفة، تخاطب فئة معينة من المجتمع، ولكنها سلع استفزازية بالنسبة للمشاهد الفقير، الذي يسكن بالعشوائيات والمقابر، مؤكدًا أنه لا يمكن منع أو تقليل هذه الإعلانات، لأنها تمثل عائد ربح أساسي ورأسمال المؤسسات الصحفية والقنوات الفضائية.

شعب تاني
أما بالنسبة للمشاهدين، فصبوا جام غضبهم على صانعي هذه الإعلانات، وطالبوا بوقف عرضها مراعاة لمشاعر الفقراء.
محمود عبد العزيز، موظف، يقول: " أقسم بالله أنا حالي متوسط ومكتفي، ولكن بشعر بالقرف من الإعلانات دي، كأنهم بيتكلموا عن شعب تاني غير شعب مصر اللي ساكن في قبور وعشش وعشوائيات"، متمنيًا أن يتم التوقف عن هذه الإعلانات لمراعاة شعور الفقراء قائلًا:"متكملوش عليهم هما مش ناقصين هم وحزن على حالهم".

" أنا لما بشوف الإعلانات دي بقول احنا مش عايشين أصلًا، ده الحمام اللي بيجي في الإعلان أكبر من بيتنا، أنا كل أمنياتي في الحياه إني آكل وأعلم وأعالج عيالي كويس، بس حتى ده مش قادر عليه، رغم إنه في بلاد بره اسمه حقوق إنسان، لكن في بلدنا اسمه أماني "، كلمات قالها "هشام عبد الفتاح"، موظف، بنبرة حزن وانكسار وانحاء للواقع الذي جعله عاجزًا أن يرد على طفله عندما يقول له وهو يشاهد الإعلان" أنا عاوز من ده يا بابا".

" كل ده من دمنا إحنا، فلوس بيسرقوها من الغلابة، وقوت الشعب، ويروحوا يبنوا بيها عماير ومنتجعات، لما بلد يكون فيها فقير جعان بياكل من الزبالة، وغني بيسرق قوت الغلبان، يبقى نستنى إيه غير مجتمع فيه بلطجية ومدمنين ومجرمين"، هكذا علقت منى أحمد، موظفة، على إعلانات الرفاهية.
نقلا عن مصر بالعربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.