دبي، الإمارات العربية المتحدة، السبت 20 يوليو2013: ضمن مجالسه الرمضانية الحوارية نظم نادي دبي للصحافة مساء أمس الأول (الخميس) مجلساً بعنوان"إعلام الإمارات هل يواكب القفزة الثقافية؟" بمشاركة نخبة من القيادات والمسؤوليين وممثلين عن وسائل الإعلام. أدار الحوار سعيد حمدان الكاتب في صحيفة الاتحاد، وتحدث فيها كل من بلال البدور وكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، المساعد لشئون الثقافة والفنون، والدكتور صلاح القاسم مستشار هيئة الثقافة والفنون بدبي، والكاتب والناشر جمال الشحي والكاتب والإعلامي علي آل سلوم ويوسف أبولوز رئيس القسم الثقافي بجريدة الخليج.
وافتتح مدير الجلسة سعيد حمدان الحديث بوصفه الحراك الثقافي في دولة الإمارات العربية بالزخم والنشط على مدار الساعة، مرورا بالمسرح والفنون والمعارض والإصدارات، بوجود أكثر من 200 جنسية، تؤثر وتتأثر، وطموحات حكومة الإمارات في أن تقدم الأفضل للإنسان على أرض الإمارات، واستعداداتنا لاستقبال محفل مهم مثل اكسبو2020، والمشروعات الطموحة كالمنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، ومتحف اللوفر، والعديد من المباردات كالصالونات الثقافية والمجالس الفكرية، والمنابر الإلكترونية، والمدن الإعلامية، وما حتمه ذلك على وسائل الإعلام المحلية والعاملة في دولة الإمارات للتعامل مع هذا المشهد الغني، وما إذا كان إعلامنا يعبر عن المشهد الثقافي.
وحول علاقة الإعلام والثقافية تحدث بلال البدور والذي وصفها بالعلاقة الحميمة والطردية في آن واحد، حيث تشكل الثقافة المادة الأساسية للإعلام كمنتج رئيسي، ولقد برز الكثير من الكتاب والأدباء والمثقفين من خلال الصحافة، أما اليوم تغيرت رسالة ودور الإعلام ليساهم في بناء المعرفة والاقتصاد، وأصبح الإعلام أكثر انشغالاً في اهتمامات أخرى بعيدة عن الثقافة، إلا أن الثقافة بدورها لم تتمكن من إنتاج مادة تجذب الإعلام لمتابعتها، ليس فقط لوصف تطورها وإنما ليكون جزءً ومحركا لها بدلا أن يكتفي بنقل الأخبار. فالإعلامي يريد أن يقدم البارز والمشهور ولا يقدم الإبداع الناشىء والشاب، وتسارع الأحداث ألغى دور الإبداع الشاب ومنذ الخمسينات لم يخرج علينا فيلسوف أو مفكر عربي، ولا توجد لدينا رموز ثقافية عربية. المؤسسة الثقافية لم تقدم الأجيال الجديدة، ولقد تكررت الكثير من الأسماء إلى درجة النعي. فعندما ننظر إلى جهد الشباب ولا نعطيها حقها ونصيبها من الإبراز وأبقى أتحدث عن المشاريع القديمة، متى سنعطيهم حقهم. وقال البدور أنه لا يرى أن الثقافة يجب أن تكون نخبوية، وعلى المثقف والإعلامي أن يقدم الثقافة التي تتناسب مع الجميع وعلى مختلف مستوياتها. اتجاه الصحافي الثقافي يحدد من سيتابعه بالمادة التي يعدها. دور الوزارة هو الاعتناء بالمنتج الثقافي الإماراتي، وربما لم يتمكن الإعلام من تقديم الوزارة ومشاريعها بالشكل المناسب. أما الدكتور صلاح القاسم أجاب على تساؤل حول ما إذا تمكن الإعلام من نقل المشهد الثقافي، قال أنها مسؤولية مشتركة بين القائمين على الإعلام والثقافة، ولكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الإعلام، في ظل عدم نجاح القائمين على قطاع الثقافة في إتقان لغة التسويق لإبراز المبادرات والمشاريع الجديدة. ربما لم يكن للجيل السابق فرصة كما هي متاحة للجيل الجديد في ظل ثورة التواصل ومخرجاته. وقال أن هناك غياب لمفهوم الشراكة بين الوسائل الإعلامية والثقافية بما يتناسب مع استراتيجية الدولة، وهناك ضعف في التواصل مع وجود هوة بحاجة إلى ردمها بجهود من الطرفين. من ناحيته تحدث الكاتب جمال الشحي عن علاقة الإعلام بالثقافة كعلاقة الشواطىء بالأمواج، إذا اتفقنا ضمنا أحد التنمية الثقافة هي أحد أركان التنمية، فهذا يضعها جزء من أساس التنمية العامة، وإذا لم ننتبه لذلك فنحن في مشكلة، فكما انتبهت لها المؤسسات الدولية كمحرك رئيس للتنمية، يجب علينا أن ننتبه لها ونواكبها. وأعتقد أن الثقافة الشهيد الأول وصاحب الحظ الأقل في تغطيات واهتمامات وسائل الإعلام. لا
توجد مؤسسات نشر احترافية في دولة الإمارات، وهناك حاجة ملحة، وبصفتي رئيس لجمعية نشر جديدة أؤكد أن السوق بحاجة إلى العديد من دور النشر. ولفت الشحي أن الصحف نخبوية للغاية، وكذلك النشر تعكس عقلية نخبوية، وهناك فجوة كبيرة بين الجيل الجديد والجيل القديم من الكتاب، وأرى أن هناك ربيع ثقافي في دولة الإمارات في مجال الإعلام والثقافة، والجيل الجديد يصنع المستقبل ولا ينتظرا أحداً. وأجاب الإعلامي علي آل سلوم، على سؤال مدير الجلسة حول كيفية تجاوب الثقافات الأخرى في محاولاتك الناجحة لنقل ثقافة الآخر، وقال أنه لا بد أن يمر كل إنسان مرحلة في حياته، وأنا لا أعتبر نفسي إعلامي كدارس ومختص، ولكني لمست ألماً يتمثل في عدم معرفة الثقافات الأخرى بثقافتنا، وبدأت في محاولة بسيطة في عام 2007 مع موقع ويكيبيديا لتعريف الناس بمعنى ألوان علم الإمارات. وأعتقد أن تحديد الهدف غائب عن وسائل الإعلام المحلية. إلى ماذا نريد أن نصل، وعلى المؤسسات الإعلامية المحلية أن تتبنى كل المواهب الموجودة. ورأي سلوم أن هناك إيجابيات وسلبيات للإعلام التقليدي والإعلام الجديد، وقال أنه وجد فرصته في الإعلام الجديد بالرغم من بعض سلبياته، فما زال الإعلام التقليدي مهيمناً في منح الفرص، وفي الإعلام الجديد لا توجد قيود أو محددات. وذكر يوسف أبولوز أن الإعلام والثقافة ثنائية مهمة، فالإعلام صورة البلد ولكن الثقافة جوهر الشعب والبلد، الإعلام يحمل الثقافة والثقافة تحتضن الإبداع، ولكني متفائل وأختلف قليلاً مع زملائي في حلقة النقاش، علينا أن لا نقلل من شأن الإعلام ودوره، وقد خصصت بعض الفضائيات والمجلات لخدمة الثقافة، ولقد تطورت وسائل الإعلام في عملية نقل الخبر، وأعتقد أن عليها أن تقوم بتقديم المزيد من الرؤى النقدية. المادة الموجودة في الصفحة الثقافية في الإمارات هي مادة خبرية ولا يوجد نص أدبي نظراً لازدحام الإمارات بالفعاليات الثقافية، وقد عملت قيادات الإمارات على دعم الثقافة ومختلف احتياجاتها، وأعتقد أن رواد الثقافة هم قراء نخبويون ومن الطبيعي أن لا نشهد متابعة من أصحاب الاهتمامات الأخرى. وقال أن الجيل الجديد يصنع إعلامه الخاص بنفسه، وكأنه ليس بحاجة إلى محرر الصفحة الثقافية، ولكني أعتقد أن هناك تقصير من قبل الصفحات الثقافية المحلية في إتاحة المجال للإبداعات الشابة، وأن تخفف من انشغالها في الخبر.
ورأي أبولوز، أن المثقف الحقيقي لا يحتاج إلى صانع مفتاح، ولا أحد يفرش سجاداً أحمر تحت أرجل المثقف، وعليه أن يعمل بجهده وأظافره ليفتح طريقه. بعض المثقفين لديهم مفهوم محدد للثقافة والفن والإبداع، ولكن دولة الإمارات دولة مفتحة على كل الثقافات والإبداعات. وناقش الحضور قضية اللغة العربية كمحرك أساسي في دفع مسيرتي الثقافة والإعلام على حد سواء، وتجدر الإشارة إلى أن شركة اتصالات هي الشريك والراعي الرسمي لكافة مجالس نادي دبي للصحافة الرمضانية، حيث تعمل على تقديم جوائزة قيمة للمشاركين من خلال السحوبات اليومية على الحضور.