فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية لدخول كلية الحقوق والرابط الرسمي    نادية مصطفى لفيتو: احنا مش متطرفين ومصطفى كامل بيخاف على البلد (فيديو)    «زي النهارده» فى ‌‌30‌‌ يوليو ‌‌2011.. وفاة أول وزيرة مصرية    رغم إعلان حل الأزمة، استمرار انقطاع الكهرباء عن بعض مدن الجيزة لليوم الخامس على التوالي    ترامب يحذر من تسونامي في هاواي وألاسكا ويدعو الأمريكيين إلى الحيطة    وزير الخارجية يلتقي السيناتور ليندسى جراهام بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الإفريقي يصدم "الدعم السريع" بعد تشكيل حكومة موازية بالسودان ويوجه رسالة للمجتمع الدولي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة، أبرزها ليفربول ضد يوكوهاما    ثروت سويلم: لن يتكرر إلغاء الهبوط في الدوري المصري.. وخصم 6 نقاط فوري للمنسحبين    انهيار جزئي لعقار مكون من 7 طوابق في الدقي    من "ترند" الألبومات إلى "ترند" التكت، أسعار تذاكر حفل عمرو دياب بالعلمين مقارنة بتامر حسني    طريقة عمل الأرز باللبن، تحلية سريعة التحضير ولذيذة    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    ليلى علوي تسترجع ذكريات «حب البنات» بصور من الكواليس: «كل الحب»    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين الحكومي والخاص    ترفع الرغبة الجنسية وتعزز المناعة.. 8 أطعمة ترفع هرمون الذكورة بشكل طبيعي    لا تتبع الوزارة.. البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب منصة جنوب شرق الحمد    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    4 أرغفة ب دينار.. تسعيرة الخبز الجديدة تغضب أصحاب المخابز في ليبيا    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    تنسيق الجامعات 2025| كل ما تريد معرفته عن بكالوريوس إدارة وتشغيل الفنادق "ماريوت"    إبراهيم ربيع: «مرتزقة الإخوان» يفبركون الفيديوهات لنشر الفوضى    وفاة طالب أثناء أداء امتحانات الدور الثاني بكلية التجارة بجامعة الفيوم    القانون يحدد شروط لوضع الإعلانات.. تعرف عليها    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    ناشط فلسطيني: دور مصر مشرف وإسرائيل تتحمل انتشار المجاعة في غزة.. فيديو    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    ترامب: الهند ستواجه تعريفة جمركية تتراوح بين 20% و25% على الأرجح    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    محمد السادس: المغرب مستعد لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أثر التحولات الاقتصادية على المنظومة القانونية لحماية المستهلك
نشر في إيجي برس يوم 05 - 05 - 2013


بقلم الدكتور عادل عامر
المقدمة:- يعتبر التحول إلى نظام اقتصاد السوق الحر من أهم الركائز الأساسية لدفع عجلة التنمية ورفع مستوى الإنتاج في جميع القطاعات الصناعية المختلفة في الدولة الحديثة.
وحتى يكون هذا التحول ناجحاً ومحققًا لأغراضه التنموية يتوجب علينا استيفاء ألان والجوانب الأساسية لمثل هذا التحول، ويأتي في مقدمة هذه الآن وضع السياسات الملائمة لانضباط السوق واستقراره وبالتالي توفير الحماية الفاعلة للمستهلك من تقلبات السوق واحتكار فئة معينة للأسعار أو السلع أو خطوط الإنتاج على المستوى المحلي. حيث تعتبر حماية حقوق المستهلك جزءً لا يتجزأ من منظومة حماية حقوق الإنسان الاقتصادية بصفة عامة حيث يتعين ضمان حقوق الإنسان في الحصول على معاملة كريمة في جميع الأمان التي يقصدها والمحافظة على صحته وسلامته وذلك دون تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو مستواه الاجتماعي وأن تقدم له الخدمة والسلعة الجيدة بسعر مناسب وجودة عالية.
حماية المستهلك علي الساحة المصرية
يعتبر موضوع حماية المستهلك من المواضيع التي ظهرت منذ وقت ليس ببعيد على الساحة المصرية حيث آن هناك العديد من التوجهات التي تهدف إلى تبني منظومة ثابتة لتوفير حماية للمستهلك من الغش أو الاحتيال أو شراء بضائع فاسدة منذ عقد الثلاثينيات.
إلا أن لبنة الأفكار هذه لم تتبلور في آلية واحدة حتى يومنا هذا، لذلك انه لا بد من وجود آلية لحماية المستهلك تراعي مصالحه واحتياجاته في ظل تفاوت الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والمستجدات في عالم الإنتاج والتصنيع وما يتبعها من مسؤوليات مدنية وقانونية عند الحديث عن موضوع حماية المستهلك.
لاشك أن التطورات التي لحقت الظواهر الاقتصادية الكبرى التي يعرفها العالم تفرض على الدولة خاصة السائدة في طريق النمو تحسين برامجها الاقتصادية لمواجهة التحديات الكبرى والخطيرة للعولمة بتطوير آلياتها الإنتاجية والرفع من قدراتها التنافسية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية التي تساهم سياسة المنافسة في تجسيدها والتي حددها خبراء الاقتصاد في أهداف تهم الأداء الاقتصادي للشركات والأداء الاقتصادي للأنشطة الاقتصادية وخدمة الأداء الفردي والجماعي والتوزيع غير الممركز والأمثل للأنشطة الاقتصادية وترسيخ دعائم الحرية الاقتصادية وإنعاش قواعد قانونية شفافة في عالم المقاولات والأعمال وأمام هذه التحولات لابد أن التعاملات البشرية في إطار ما يسمى بالتعاقد أو العقد الناشئ عن توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه نجد أن الضابط الحقيقي لهذه التعاملات هو العقد وأن الضابط الحقيقي لهذا العقد هو الإرادة، إلا أن هذه التحولات تركت بصماتها على هذا النظام القانوني التقليدي للعقود والتي يثبت أركانه على أساس مبدأ سلطان الإرادة التعاقدي، حيث يرجع الأصل التاريخي لهذا المبدأ إلى القانون الكنسي الذي كان يوجب الوفاء بالوعود بل ويعتبر مذنبا من نقض وعده، خاصة إذا علمنا أن الوعد كان يقترن باليمين، ولا يجوز الطعن فيه إلا إذا صدر تحت تأثير التدليس، وحيث كان العقد العاري (المجرد من الشكل) يكفي بذاته لترتيب الالتزام، لكن على أساس أن تكون إرادة الملزم غير معيبة ومتجهة إلى غرض مشروع، أما قبل هذه المرحلة فلم يكن هذا المبدأ معروفا، فالقانون الروماني لم يقر به في أية مرحلة من مراحل تطوره طالما كانت صحة وإلزامية الاتفاقات مرتبطة بضرورة صبها في قوالب شكلية أو بمجرد تبادل إشارات أو عبارات محددة دون اعتبار لمدى سلامة الإرادة أو حتى لعدم وجود أو عدم مشروعية سبب الالتزام وقد ظل الأمر كذلك حتى بعد ظهور بعض أنواع من العقود بحيث ظلت الشكلية فيها هي الأصل وظلت الرضائية مجرد استثناء.
مبدأ سلطان الإرادة
وما لبث أن عاد مبدأ سلطان الإرادة إلى الانتعاش في أوائل القرن السادس عشر لتعود للاتفاقيات قوتها ولتعزز بعد ذلك مع مشارف القرن الثامن عشر حين ظهور أنصار القانون الطبيعي والمذاهب الفردية عموما، والذين نادوا بتقديس حرية الفرد وتقوية دوره في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية وكذا القانونية، وقد توج ازدهار هذا المبدأ بمبادئ الثورة الفرنسية (1789) المكرسة لحرية الفرد وما كان له من تأثير على النزعة التي هيمنت بعد ذلك على مدونة نابليون (1804) ومنها إلى التشريعات الأخرى التي استلهمت أحكامها ولاشك أن أول من رفع شعار "حرية المبادلات، حرية العقود، حرية العمل وحرية المزاحمة"
مبدأ الحرية الاقتصادية
أي ضرورة وجود أسواق مختلفة لترويج هذه السلع والمنتجات المتراكمة الناتجة عن مبدأ "دعه يعمل"، وهكذا كانت مصر من بين الدول التي طبق عليها المبدأ السابق، فخضع للحماية الانجليزية ومن تم طبق عليه مبدأ الحرية الاقتصادية الذي نتج عنه الحرية التعاقدية وإذا أرجعنا انتصار مبدأ سلطان الإرادة إلى عوامل اقتصادية بالأساس فهذه العوامل ذاتها بعد أن تطورت وقامت الوحدات الإنتاجية الكبيرة ونظمت طوائف العمال على إثر اختلال التوازن بين القوى الاقتصادية، مما أدى إلى انتشار روح الاشتراكية وقيامها في وجه المذاهب الفردية، هذه العوامل كان من شأنها أن تنتقص من مبدأ سلطان الإرادة، فيكون هذا المبدأ قد قام على أساس اقتصادي، وانتكس متأثرا بعوامل اقتصادية اعتمدته كمطية بين ما هو اقتصادي وقانوني، أو بين رجل الاقتصاد ورجل القانون، فإذا كان الأول يحكمه عامل الربح والاحتكار والتعسف في الشروط والمنافسة، والثاني يحكمه العقد والاقتصاد معا، حيث يكون مجبرا أمامهما بوضع سياسة معينة لتوجيه الاقتصاد الوطني وفقا لمتطلبات اقتصادية وتجعل العقد يحمل أرباح اقتصادية ونفس الوقت اجتماعية، ومن خلال تفعيل الاقتصاد لكسب الرهانات الداخلية المتمثلة في الصحة، التعليم، العدل لرفع مؤشر النمو الداخلي وكسب الرهانات الخارجية المتمثلة في العولمة والتنمية .
مؤسسة العقد الاقتصادي والاجتماعي
وبهذا تصبح الدولة تحمل على عاتقها مسؤولية التوفيق بين هذه الأهداف التي أدت إلى خلق علاقة تنافسية بين القانون الاقتصادي والقانون العقدي والقانون الدولي، هذا الأخير الذي يخضع هو باستمرار لتطورات الاقتصاد أو لضغوطات دولية تفرضها عليه من أجل التدخل التشريعي لتوجيه الاقتصاد وتوجيه العقد من أجل التجاوب التفاعلي بين القانون والواقع الاقتصادي في صورة مؤسسة العقد الاقتصادي والاجتماعي. بعدما ظهرت أنواع جديدة من العقود ليست منظمة من قبل القطاع العام الذي تقادم وشاخ وأصبح بذلك عاجزا عن مواكبة هذه المتغيرات، وأدى إلى عدم الفعالية تمخض عنه ما سمي "بأزمة العقد"، دفعت إلى تزايد تدخل المشرع لحماية الطرف الضعيف في العقد من خلال ظاهرة خاصة من أجل تحقيق التوازن العقدي النسبي في طرفي العلاقة. لكن الإشكال المطروح كيف تعامل القانون الرسمي (الدولة) مع ثورة العقود على القطاع العام حتى لا يطلق العنان إلى مبدأ سلطان الإرادة أو ليس في هذا ضرب لهذا المبدأ؟ينتج عنه تساؤل حول طبيعة العلاقة التي ستربط العلاقات الاتفاقية التي يحكمها قانون العقود والميدان الاقتصادي والتي يحكمها قانون المنافسة، هل يتعلق الأمر باندماج كامل أم تعارض وتصادم؟ أو بعبارة أدق هل الأمر يتعلق بتراجع المبادئ الأساسية لقانون العقود أم بتطورها بسبب تواجد قانون المنافسة إلى جانبه؟ بمعنى آخر هل يسير العقد نحو الانهيار أم أنه مازال ثابتا بالرغم من جميع التغيرات التي لحقت التحولات التي أصيب بها ؟ وإذا كان كذلك فإلى أي حد سيبقى محافظا بمناعته أمام مقتضيات التحولات الاقتصادية.
قانون ملزم يحمي حقوق المستهلك
أولا: من الطبيعي أن تزداد الحاجة إلى قانون ملزم يحمي حقوق المستهلك يكون مكملاً وداعماً لقواعد وسياسات حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية على المستوى المحلي، مما يضمن سلامة السوق المحلي من أي ممارسات احتكارية تؤثر على الأسعار المحلية وعلى رفاهية المستهلك. ولقد اقتصرت حماية المستهلك قديماً وحتى وقت ليس ببعيد على ما تقوم به بعض الجمعيات الخاصة بحماية المستهلك وان آنت تقوم بعملها بشيء من الحياء لعدم مقدرتها على التأثير بشكل فاعل في حماية المستهلك، وعدم وجود النص الذي تستند إليه في مواجهة الأشخاص الذي يؤثرون على حقوق ومصالح المستهلك في أثير من المواضيع.
ثانياً: وضع التشريعات الثانوية لتنفيذ القانون عند صدور أي قانون في دولة ما، يستوجب عادة إصدار التشريعات الثانوية المتمثلة في الأنظمة أو اللوائح والقرارات والتعليمات لتطبيق أحكام القانون، حيث تعتبر الأنظمة الأداة الرئيسة في تنفيذ وتطبيق أحكام القانون نظراً لدورها المتمثل في توضيح آلية تطبيقه من حيث النص على بعض الأحكام التي يترك أمر تنظيمها للأنظمة أو النص على الإجراءات التي يتجنب عادة النص عليها في القانون وذلك لسهولة العمل على تعديل الأنظمة مقارنة بتعديل القانون، آما قد تتضمن الأنظمة بعض الأحكام التي يهدف منها توضيح الغاية أو الهدف من إدراج تلك المادة في القانون، وعليه فإن إصدار الأنظمة الملحقة بالقوانين تعتبر أمراً حتمياً يستوجب أخذه بعين الاعتبار عند العمل على إعداد القوانين.
ثالثا: وجود رقابة فعالة لا بد من وجود إستراتيجية رقابية فعالة في أي اقتصاد حر حتى الممارسات الاحتكارية وذلك من خلال وجود جهاز رقابي قادر على تحديد الممارسات الاحتكارية من عدمها، بالإضافة إلى قدرته على فحص ودراسة عمليات الدمج والاستحواذ وبيان آثاره الاقتصادية على السوق، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وجود رقابة فعالة على الأسواق، حيث ترتبط آفاءة عمل الأسواق من وجهة نظر المستهلك والوحدات العاملة في السوق بكفاءة الرقابة عليها.
حرية المبادرة والتكيف مع المعطيات الاقتصادية
إن الرقابة على الأسواق لا ينبغي النظر إليها على أنها تدخلاً في عمل الأسواق بالمعنى الذي يفقدها حرية المبادرة والتكيف مع المعطيات الاقتصادية المحيطة بها، وإنما الرقابة هدفها مواجهة الأفعال والتصرفات الضارة بالسوق ذاته والتي تمس بقدرة العاملين فيه على اتخاذ قراراتهم الاقتصادية في ضوء الاعتبارات التجارية وحدها، وذلك لمواجهة الآثار السلبية الناشئة عن أفعال تهدف إلى الإضرار بالمستهلك وبالوحدات العاملة بالسوق.
مبدأ الحاجة الاستهلاكية
وإذا ما تطرقنا إلى المشكلة الاستهلاكية التي تتمحور حول مبدأ الحاجة الاستهلاكية التي تتعلق بالمستهلك وافتقاره للخبرة أو القدرة على تقييم السلع والخدمات من حيث مدى جودتها أو الفائدة التي تتضمنها، وخاصة عندما لا يتم تزويده بمعلومات آافية عن هذه السلع أو الخدمات، يصطدم المستهلك بما يعرف بالمشكلة الاستهلاكية التي قامت نتيجة عدم المعرفة الصحيحة بحقيقة السلع والخدمات المعروضة. تحفظ المستهلك من التجاوزات التي قد يرتكبها بعض الموزعين أو التجار في حق المستهلكين، وعليه ينبغي أن تتطرق الرقابة على الأسواق إلى حماية المنافسة فيها، وذلك حتى يمكن لآليات التحرر الاقتصادي أن تمارس دوراً حقيقياً يهدف لإحداث تغيرات هيكلية في البناء الاقتصادي الوطني وفى الممارسات الاقتصادية والتجارية التي تتم في نطاقه، الأمر الذي يتطلب ضرورة السيطرة على تحتل المواصفات والمقاييس موقعاً مهماً على المستوى الدولي في مجال مراقبة المنتجات والصناعات العالمية والتجارة الدولية، حيث عمدت الدول المتقدمة والمتطورة على تنظيم المواصفات والمقاييس ضمن اتفاقيات ومعاهدات بينها لضمان حسن وجودة خطوط الإنتاج وحماية المستهلك.
الرقابة الدائمة على منتجاته
وعلى المستوى المحلي المتعلق بكل من السوق والمستهلك داخل المجتمع المصري نرى بان الهدف الأساسي من وجود المواصفات والمقاييس هو حماية المستهلك الذي لا يتوفر لديه العلم الكافي عن ماهية السلع التي يحصل عليها وذلك لضمان صحته وسلامته ورفع مستوى جودة الإنتاج المحلي، حيث يعتبر المستهلك المستفيد الأول من وجود مثل هذه المواصفات والمقاييس التي تدفع المُنتج أو المُصنع على رفع جودة إنتاجه وتخفيض الأسعار ليضمن استمرارية عمله نظراً لوجود الرقابة الدائمة على منتجاته، وتتجلى أهمية المواصفات والمقاييس في أنها حاجة وطنية واقتصادية يتم من خلالها حماية المستهلك والمُنتج ورفع آفاءة الإنتاج الوطني للحد من عمليات المنافسة غير المشروعة والغش والتدليس. وهنا تجب الإشارة إلى أهمية التفرقة بين المواصفات والمقاييس المحددة والتعليمات الفنية الإلزامية، حيث يترآز الفرق في أن الأول يعني صفات السعلة أو المادة أو خصائصها أو متطلبات السلامة فيها وما إلى ذلك من رموز وطرق اختبار، أما التعليمات الفنية فهي الوثيقة التي تحدد خصائص المنتجات أو العمليات المرتبطة بها والتي يكون الالتزام بها إجباريا آما يمكن أن تتضمن أو تتناول المصطلحات الفنية أو الرموز أو التغليف أو طريقة الإنتاج. يتوجب على الدول إنشاء وإيجاد معايير قانونية وإدارية تمكن المستهلك أو المؤسسات ذات العلاقة من الحصول على التعويض اللازم من خلال اتخاذ الإجراءات الرسمية أو غير الرسمية سواء آنت مباشرة أو غير مباشرة بحيث تكون سريعة وعادلة وغير مكلفة وسهلة، على أن تراعي هذه الإجراءات احتياجات المستهلك ذو الدخل المحدود وتشجع جميع المؤسسات على حل خلافات المستهلك بأسلوب عادل وسريع وتقديم خدمات استشارية لمساعدة المستهلك على اختيار السلعة الأنسب له والأوفر اقتصاديا.
حماية المستهلك
وهذا يدعو بطبيعة الحال إلى حماية المستهلك من أية تجاوزات أو خروقات قد تصدر بحقه، وحمايته من أية مخاطر على صحته أو سلامته وتعزيز وحماية المصالح الاقتصادية للمجتمع المصري بأسره، وتوفير وتقديم المعلومات الكافية للمستهلك والتي تمكنه من اتخاذ قرار مبني على معلومات متكاملة، والترآيز على نشر ثقافة الاستهلاك المتعلقة بآليات اختيار السلع وطرق الحماية من الغش والخداع، والحرية في تشكيل جماعات أو مؤسسات تعنى بالمستهلك وإعطاء الفرصة لهذه المؤسسات في المشاركة في عملية صنع سياسات الاستهلاك.
آما ويجب أن تتعدى سياسات حماية المستهلك حدود الدولة الواحدة وذلك بإرساء فكرة التعاون الدولي في هذا المجال لإنجاح هذه الحماية، لذلك يجب على الدول العمل على تبادل المعلومات المتعلقة بالسياسات الخاصة بالمستهلك والتدابير الوطنية في ميدان حماية المستهلك، وتعزيز الصلات الإعلامية المتعلقة بالمنتجات التي تم حظرها أو سحبها أو تقييد استخدامها بكافة الطرق المتاحة سواء باستخدام الانترنت أو باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة الأخرى وذلك من اجل تمكين البلدان المستوردة من حماية نفسها من الآثار الضارة لهذه المنتجات بأفضل الطرق والوسائل. ولتحقيق هذه الاحتياجات يجب على الحكومة توفير بنية تحتية ملائمة من اجل تطوير وتنفيذ ومتابعة سياسات حماية المستهلك، وشمولها جميع قطاعات المجتمع. آما ويجب العمل على مراعاة وإرساء أهم الأسس والمبادئ التي تقوم عليها عملية وألا يتولد عنها وضع اقتصادي مناف لمبادئ الاقتصاد ، مثل قيام احتكارات أو تفاوت واسع في التوزيع، أو سيطرة الأجانب على مواردها، أو غير ذلك مما يهدد مصالح الأمة، فالخصخصة في الأول والأخير ليست هدفاً أو غاية، وإنما هي وسيلة أو أسلوب لتحقيق هدف، يتمثل في توفير مصالح الأمة.
إن هذه الضوابط وغيرها تستهدف جعل عملية الخصخصة تحوز المشروعية الشرعية والاقتصادية والاجتماعية، كما تحوز القبول العام من قبل أفراد المجتمع، حتى لا يتعرض المجتمع لهزات عنيفة تقوض استقراره الاجتماعي والاقتصادي، بل والسياسي.
الخاتمة
أما الخصخصة بمفهومها الواسع والذي يفيد، كما سبق، التحول إلى نظام السوق، بحيث يكون السوق هو المهيمن على الحياة الاقتصادية، وقد يمتد إلى نواحي أخرى، وفي الوقت ذاته تهميش دور الدولة وتقليص وظائفها فإن ذلك مغاير للنهج العلمي، ومتعارض مع أصول النظام الاقتصادي ، كما أنه ليس من صالح الدولة المعاصرة انسحاب حكوماتها من الحياة الاقتصادية تاركة إياها للقطاع الخاص، فهناك تحديات كبار لا يتأتى للقطاع الخاص مواجهتها في غيبة دولة قوية ذات دور بارز، هناك تحديات العولمة، وهناك تحديات التنمية، وهناك تحديات البيئة، وهناك التحديات الاجتماعية والسياسية. وهناك تحديات تتعلق بقدرات القطاع الخاص في هذه الدول وسلوكياته، وكل ذلك يحتم بقاء الدولة بقاء فعالاً في الساحة الاقتصادية لقيادة المجتمع القيادة السليمة نحو تحقيق أهدافه، وإلا كانت الأمة كسفينة وسط خضم لجي تتقاذفها عواصف وأمواج عاتية دونما ربان قوي ماهر، لا تلبث أن تفتك بها تلك الأنواء.
الدكتور عادل عامر
أستاذ مساعد القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
و عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية والسياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.