موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    «المالية»: نصف مليار جنيه تمويلًا إضافيًا لدعم سداد أجورالعاملين بالصناديق والحسابات الخاصة بالمحافظات    رئيس الوزراء: برامج التعاون مع البنك الدولي تستهدف دعم القطاع الخاص    انطلاق «عمومية المنشآت الفندقية» بحضور رئيس إتحاد الغرف السياحية    كيفية الحفاظ على كفاءة التكييف في فصل الصيف    تطهير شبكات ومواسير المياه بقرية الأبطال في الإسماعيلية    السعودية ترحّب باعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين    يديعوت أحرونوت: وزارة الخارجية الإسرائيلية تدرس سلسلة من الإجراءات العقابية ضد أيرلندا وإسبانيا والنرويج    بعد الفشل في سداد الديون.. شركة أمريكية تستحوذ على ملكية إنتر ميلان    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    "الرجل الأول والعقد".. كواليس رحيل بوتشيتينو عن تشيلسي    هاني شكري: الكاف المسؤول عن تنظيم نهائي الكونفدرالية ونتمنى فوز الأهلي بدوري الأبطال    "معيط" يوجه بإتاحة نصف مليار جنيه لدعم سداد أجور العاملين بالصناديق والحسابات الخاصة بالمحافظات    تأجيل محاكمة طبيب نساء شهير وآخرين بتهمة إجراء عملية إجهاض بالجيزة    المشدد 7 سنوات للمتهم بقتل ابن زوجته بالقليوبية    ترقب المصريين لموعد إجازة عيد الأضحى 2024: أهمية العيد في الحياة الثقافية والاجتماعية    انتقاما من والده.. حبس المتهمين بإجبار شاب على توقيع إيصالات أمانة بالمقطم    تطورات الحالة الصحية للفنان عباس أبو الحسن.. عملية جراحية في القدم قريبا    المتحف القومي للحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    غادة عبد الرازق تعود للسينما بعد 6 سنوات غياب، ما القصة؟    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    تراجع جديد.. سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 22-5-2024 مقابل الجنيه المصري بمنتصف التعاملات    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    لمواليد برج القوس.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    « وتر حساس » يعيد صبا مبارك للتليفزيون    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    لمدة يومين.. انطلاق قافلة طبية إلى منطقة أبوغليلة بمطروح    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    قمة عربية فى ظروف استثنائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    حفظ التحقيقات حول وفاة طفلة إثر سقوطها من علو بأوسيم    صدمه القطار.. مصرع تلميذ أثناء عبوره «السكة الحديد» بسوهاج    جامعة حلوان الأهلية تنظم ندوة حول "تطوير الذات"    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    سيدة «المغربلين»    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    الرئيس الصيني: السياحة جسر مهم بين الشعبين الصيني والأمريكي للتواصل والتفاهم    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    الحكومة العراقية تطالب بإنهاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «يونامي»    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أثر التحولات الاقتصادية على المنظومة القانونية لحماية المستهلك
نشر في إيجي برس يوم 05 - 05 - 2013


بقلم الدكتور عادل عامر
المقدمة:- يعتبر التحول إلى نظام اقتصاد السوق الحر من أهم الركائز الأساسية لدفع عجلة التنمية ورفع مستوى الإنتاج في جميع القطاعات الصناعية المختلفة في الدولة الحديثة.
وحتى يكون هذا التحول ناجحاً ومحققًا لأغراضه التنموية يتوجب علينا استيفاء ألان والجوانب الأساسية لمثل هذا التحول، ويأتي في مقدمة هذه الآن وضع السياسات الملائمة لانضباط السوق واستقراره وبالتالي توفير الحماية الفاعلة للمستهلك من تقلبات السوق واحتكار فئة معينة للأسعار أو السلع أو خطوط الإنتاج على المستوى المحلي. حيث تعتبر حماية حقوق المستهلك جزءً لا يتجزأ من منظومة حماية حقوق الإنسان الاقتصادية بصفة عامة حيث يتعين ضمان حقوق الإنسان في الحصول على معاملة كريمة في جميع الأمان التي يقصدها والمحافظة على صحته وسلامته وذلك دون تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو مستواه الاجتماعي وأن تقدم له الخدمة والسلعة الجيدة بسعر مناسب وجودة عالية.
حماية المستهلك علي الساحة المصرية
يعتبر موضوع حماية المستهلك من المواضيع التي ظهرت منذ وقت ليس ببعيد على الساحة المصرية حيث آن هناك العديد من التوجهات التي تهدف إلى تبني منظومة ثابتة لتوفير حماية للمستهلك من الغش أو الاحتيال أو شراء بضائع فاسدة منذ عقد الثلاثينيات.
إلا أن لبنة الأفكار هذه لم تتبلور في آلية واحدة حتى يومنا هذا، لذلك انه لا بد من وجود آلية لحماية المستهلك تراعي مصالحه واحتياجاته في ظل تفاوت الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والمستجدات في عالم الإنتاج والتصنيع وما يتبعها من مسؤوليات مدنية وقانونية عند الحديث عن موضوع حماية المستهلك.
لاشك أن التطورات التي لحقت الظواهر الاقتصادية الكبرى التي يعرفها العالم تفرض على الدولة خاصة السائدة في طريق النمو تحسين برامجها الاقتصادية لمواجهة التحديات الكبرى والخطيرة للعولمة بتطوير آلياتها الإنتاجية والرفع من قدراتها التنافسية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية التي تساهم سياسة المنافسة في تجسيدها والتي حددها خبراء الاقتصاد في أهداف تهم الأداء الاقتصادي للشركات والأداء الاقتصادي للأنشطة الاقتصادية وخدمة الأداء الفردي والجماعي والتوزيع غير الممركز والأمثل للأنشطة الاقتصادية وترسيخ دعائم الحرية الاقتصادية وإنعاش قواعد قانونية شفافة في عالم المقاولات والأعمال وأمام هذه التحولات لابد أن التعاملات البشرية في إطار ما يسمى بالتعاقد أو العقد الناشئ عن توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه نجد أن الضابط الحقيقي لهذه التعاملات هو العقد وأن الضابط الحقيقي لهذا العقد هو الإرادة، إلا أن هذه التحولات تركت بصماتها على هذا النظام القانوني التقليدي للعقود والتي يثبت أركانه على أساس مبدأ سلطان الإرادة التعاقدي، حيث يرجع الأصل التاريخي لهذا المبدأ إلى القانون الكنسي الذي كان يوجب الوفاء بالوعود بل ويعتبر مذنبا من نقض وعده، خاصة إذا علمنا أن الوعد كان يقترن باليمين، ولا يجوز الطعن فيه إلا إذا صدر تحت تأثير التدليس، وحيث كان العقد العاري (المجرد من الشكل) يكفي بذاته لترتيب الالتزام، لكن على أساس أن تكون إرادة الملزم غير معيبة ومتجهة إلى غرض مشروع، أما قبل هذه المرحلة فلم يكن هذا المبدأ معروفا، فالقانون الروماني لم يقر به في أية مرحلة من مراحل تطوره طالما كانت صحة وإلزامية الاتفاقات مرتبطة بضرورة صبها في قوالب شكلية أو بمجرد تبادل إشارات أو عبارات محددة دون اعتبار لمدى سلامة الإرادة أو حتى لعدم وجود أو عدم مشروعية سبب الالتزام وقد ظل الأمر كذلك حتى بعد ظهور بعض أنواع من العقود بحيث ظلت الشكلية فيها هي الأصل وظلت الرضائية مجرد استثناء.
مبدأ سلطان الإرادة
وما لبث أن عاد مبدأ سلطان الإرادة إلى الانتعاش في أوائل القرن السادس عشر لتعود للاتفاقيات قوتها ولتعزز بعد ذلك مع مشارف القرن الثامن عشر حين ظهور أنصار القانون الطبيعي والمذاهب الفردية عموما، والذين نادوا بتقديس حرية الفرد وتقوية دوره في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية وكذا القانونية، وقد توج ازدهار هذا المبدأ بمبادئ الثورة الفرنسية (1789) المكرسة لحرية الفرد وما كان له من تأثير على النزعة التي هيمنت بعد ذلك على مدونة نابليون (1804) ومنها إلى التشريعات الأخرى التي استلهمت أحكامها ولاشك أن أول من رفع شعار "حرية المبادلات، حرية العقود، حرية العمل وحرية المزاحمة"
مبدأ الحرية الاقتصادية
أي ضرورة وجود أسواق مختلفة لترويج هذه السلع والمنتجات المتراكمة الناتجة عن مبدأ "دعه يعمل"، وهكذا كانت مصر من بين الدول التي طبق عليها المبدأ السابق، فخضع للحماية الانجليزية ومن تم طبق عليه مبدأ الحرية الاقتصادية الذي نتج عنه الحرية التعاقدية وإذا أرجعنا انتصار مبدأ سلطان الإرادة إلى عوامل اقتصادية بالأساس فهذه العوامل ذاتها بعد أن تطورت وقامت الوحدات الإنتاجية الكبيرة ونظمت طوائف العمال على إثر اختلال التوازن بين القوى الاقتصادية، مما أدى إلى انتشار روح الاشتراكية وقيامها في وجه المذاهب الفردية، هذه العوامل كان من شأنها أن تنتقص من مبدأ سلطان الإرادة، فيكون هذا المبدأ قد قام على أساس اقتصادي، وانتكس متأثرا بعوامل اقتصادية اعتمدته كمطية بين ما هو اقتصادي وقانوني، أو بين رجل الاقتصاد ورجل القانون، فإذا كان الأول يحكمه عامل الربح والاحتكار والتعسف في الشروط والمنافسة، والثاني يحكمه العقد والاقتصاد معا، حيث يكون مجبرا أمامهما بوضع سياسة معينة لتوجيه الاقتصاد الوطني وفقا لمتطلبات اقتصادية وتجعل العقد يحمل أرباح اقتصادية ونفس الوقت اجتماعية، ومن خلال تفعيل الاقتصاد لكسب الرهانات الداخلية المتمثلة في الصحة، التعليم، العدل لرفع مؤشر النمو الداخلي وكسب الرهانات الخارجية المتمثلة في العولمة والتنمية .
مؤسسة العقد الاقتصادي والاجتماعي
وبهذا تصبح الدولة تحمل على عاتقها مسؤولية التوفيق بين هذه الأهداف التي أدت إلى خلق علاقة تنافسية بين القانون الاقتصادي والقانون العقدي والقانون الدولي، هذا الأخير الذي يخضع هو باستمرار لتطورات الاقتصاد أو لضغوطات دولية تفرضها عليه من أجل التدخل التشريعي لتوجيه الاقتصاد وتوجيه العقد من أجل التجاوب التفاعلي بين القانون والواقع الاقتصادي في صورة مؤسسة العقد الاقتصادي والاجتماعي. بعدما ظهرت أنواع جديدة من العقود ليست منظمة من قبل القطاع العام الذي تقادم وشاخ وأصبح بذلك عاجزا عن مواكبة هذه المتغيرات، وأدى إلى عدم الفعالية تمخض عنه ما سمي "بأزمة العقد"، دفعت إلى تزايد تدخل المشرع لحماية الطرف الضعيف في العقد من خلال ظاهرة خاصة من أجل تحقيق التوازن العقدي النسبي في طرفي العلاقة. لكن الإشكال المطروح كيف تعامل القانون الرسمي (الدولة) مع ثورة العقود على القطاع العام حتى لا يطلق العنان إلى مبدأ سلطان الإرادة أو ليس في هذا ضرب لهذا المبدأ؟ينتج عنه تساؤل حول طبيعة العلاقة التي ستربط العلاقات الاتفاقية التي يحكمها قانون العقود والميدان الاقتصادي والتي يحكمها قانون المنافسة، هل يتعلق الأمر باندماج كامل أم تعارض وتصادم؟ أو بعبارة أدق هل الأمر يتعلق بتراجع المبادئ الأساسية لقانون العقود أم بتطورها بسبب تواجد قانون المنافسة إلى جانبه؟ بمعنى آخر هل يسير العقد نحو الانهيار أم أنه مازال ثابتا بالرغم من جميع التغيرات التي لحقت التحولات التي أصيب بها ؟ وإذا كان كذلك فإلى أي حد سيبقى محافظا بمناعته أمام مقتضيات التحولات الاقتصادية.
قانون ملزم يحمي حقوق المستهلك
أولا: من الطبيعي أن تزداد الحاجة إلى قانون ملزم يحمي حقوق المستهلك يكون مكملاً وداعماً لقواعد وسياسات حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية على المستوى المحلي، مما يضمن سلامة السوق المحلي من أي ممارسات احتكارية تؤثر على الأسعار المحلية وعلى رفاهية المستهلك. ولقد اقتصرت حماية المستهلك قديماً وحتى وقت ليس ببعيد على ما تقوم به بعض الجمعيات الخاصة بحماية المستهلك وان آنت تقوم بعملها بشيء من الحياء لعدم مقدرتها على التأثير بشكل فاعل في حماية المستهلك، وعدم وجود النص الذي تستند إليه في مواجهة الأشخاص الذي يؤثرون على حقوق ومصالح المستهلك في أثير من المواضيع.
ثانياً: وضع التشريعات الثانوية لتنفيذ القانون عند صدور أي قانون في دولة ما، يستوجب عادة إصدار التشريعات الثانوية المتمثلة في الأنظمة أو اللوائح والقرارات والتعليمات لتطبيق أحكام القانون، حيث تعتبر الأنظمة الأداة الرئيسة في تنفيذ وتطبيق أحكام القانون نظراً لدورها المتمثل في توضيح آلية تطبيقه من حيث النص على بعض الأحكام التي يترك أمر تنظيمها للأنظمة أو النص على الإجراءات التي يتجنب عادة النص عليها في القانون وذلك لسهولة العمل على تعديل الأنظمة مقارنة بتعديل القانون، آما قد تتضمن الأنظمة بعض الأحكام التي يهدف منها توضيح الغاية أو الهدف من إدراج تلك المادة في القانون، وعليه فإن إصدار الأنظمة الملحقة بالقوانين تعتبر أمراً حتمياً يستوجب أخذه بعين الاعتبار عند العمل على إعداد القوانين.
ثالثا: وجود رقابة فعالة لا بد من وجود إستراتيجية رقابية فعالة في أي اقتصاد حر حتى الممارسات الاحتكارية وذلك من خلال وجود جهاز رقابي قادر على تحديد الممارسات الاحتكارية من عدمها، بالإضافة إلى قدرته على فحص ودراسة عمليات الدمج والاستحواذ وبيان آثاره الاقتصادية على السوق، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وجود رقابة فعالة على الأسواق، حيث ترتبط آفاءة عمل الأسواق من وجهة نظر المستهلك والوحدات العاملة في السوق بكفاءة الرقابة عليها.
حرية المبادرة والتكيف مع المعطيات الاقتصادية
إن الرقابة على الأسواق لا ينبغي النظر إليها على أنها تدخلاً في عمل الأسواق بالمعنى الذي يفقدها حرية المبادرة والتكيف مع المعطيات الاقتصادية المحيطة بها، وإنما الرقابة هدفها مواجهة الأفعال والتصرفات الضارة بالسوق ذاته والتي تمس بقدرة العاملين فيه على اتخاذ قراراتهم الاقتصادية في ضوء الاعتبارات التجارية وحدها، وذلك لمواجهة الآثار السلبية الناشئة عن أفعال تهدف إلى الإضرار بالمستهلك وبالوحدات العاملة بالسوق.
مبدأ الحاجة الاستهلاكية
وإذا ما تطرقنا إلى المشكلة الاستهلاكية التي تتمحور حول مبدأ الحاجة الاستهلاكية التي تتعلق بالمستهلك وافتقاره للخبرة أو القدرة على تقييم السلع والخدمات من حيث مدى جودتها أو الفائدة التي تتضمنها، وخاصة عندما لا يتم تزويده بمعلومات آافية عن هذه السلع أو الخدمات، يصطدم المستهلك بما يعرف بالمشكلة الاستهلاكية التي قامت نتيجة عدم المعرفة الصحيحة بحقيقة السلع والخدمات المعروضة. تحفظ المستهلك من التجاوزات التي قد يرتكبها بعض الموزعين أو التجار في حق المستهلكين، وعليه ينبغي أن تتطرق الرقابة على الأسواق إلى حماية المنافسة فيها، وذلك حتى يمكن لآليات التحرر الاقتصادي أن تمارس دوراً حقيقياً يهدف لإحداث تغيرات هيكلية في البناء الاقتصادي الوطني وفى الممارسات الاقتصادية والتجارية التي تتم في نطاقه، الأمر الذي يتطلب ضرورة السيطرة على تحتل المواصفات والمقاييس موقعاً مهماً على المستوى الدولي في مجال مراقبة المنتجات والصناعات العالمية والتجارة الدولية، حيث عمدت الدول المتقدمة والمتطورة على تنظيم المواصفات والمقاييس ضمن اتفاقيات ومعاهدات بينها لضمان حسن وجودة خطوط الإنتاج وحماية المستهلك.
الرقابة الدائمة على منتجاته
وعلى المستوى المحلي المتعلق بكل من السوق والمستهلك داخل المجتمع المصري نرى بان الهدف الأساسي من وجود المواصفات والمقاييس هو حماية المستهلك الذي لا يتوفر لديه العلم الكافي عن ماهية السلع التي يحصل عليها وذلك لضمان صحته وسلامته ورفع مستوى جودة الإنتاج المحلي، حيث يعتبر المستهلك المستفيد الأول من وجود مثل هذه المواصفات والمقاييس التي تدفع المُنتج أو المُصنع على رفع جودة إنتاجه وتخفيض الأسعار ليضمن استمرارية عمله نظراً لوجود الرقابة الدائمة على منتجاته، وتتجلى أهمية المواصفات والمقاييس في أنها حاجة وطنية واقتصادية يتم من خلالها حماية المستهلك والمُنتج ورفع آفاءة الإنتاج الوطني للحد من عمليات المنافسة غير المشروعة والغش والتدليس. وهنا تجب الإشارة إلى أهمية التفرقة بين المواصفات والمقاييس المحددة والتعليمات الفنية الإلزامية، حيث يترآز الفرق في أن الأول يعني صفات السعلة أو المادة أو خصائصها أو متطلبات السلامة فيها وما إلى ذلك من رموز وطرق اختبار، أما التعليمات الفنية فهي الوثيقة التي تحدد خصائص المنتجات أو العمليات المرتبطة بها والتي يكون الالتزام بها إجباريا آما يمكن أن تتضمن أو تتناول المصطلحات الفنية أو الرموز أو التغليف أو طريقة الإنتاج. يتوجب على الدول إنشاء وإيجاد معايير قانونية وإدارية تمكن المستهلك أو المؤسسات ذات العلاقة من الحصول على التعويض اللازم من خلال اتخاذ الإجراءات الرسمية أو غير الرسمية سواء آنت مباشرة أو غير مباشرة بحيث تكون سريعة وعادلة وغير مكلفة وسهلة، على أن تراعي هذه الإجراءات احتياجات المستهلك ذو الدخل المحدود وتشجع جميع المؤسسات على حل خلافات المستهلك بأسلوب عادل وسريع وتقديم خدمات استشارية لمساعدة المستهلك على اختيار السلعة الأنسب له والأوفر اقتصاديا.
حماية المستهلك
وهذا يدعو بطبيعة الحال إلى حماية المستهلك من أية تجاوزات أو خروقات قد تصدر بحقه، وحمايته من أية مخاطر على صحته أو سلامته وتعزيز وحماية المصالح الاقتصادية للمجتمع المصري بأسره، وتوفير وتقديم المعلومات الكافية للمستهلك والتي تمكنه من اتخاذ قرار مبني على معلومات متكاملة، والترآيز على نشر ثقافة الاستهلاك المتعلقة بآليات اختيار السلع وطرق الحماية من الغش والخداع، والحرية في تشكيل جماعات أو مؤسسات تعنى بالمستهلك وإعطاء الفرصة لهذه المؤسسات في المشاركة في عملية صنع سياسات الاستهلاك.
آما ويجب أن تتعدى سياسات حماية المستهلك حدود الدولة الواحدة وذلك بإرساء فكرة التعاون الدولي في هذا المجال لإنجاح هذه الحماية، لذلك يجب على الدول العمل على تبادل المعلومات المتعلقة بالسياسات الخاصة بالمستهلك والتدابير الوطنية في ميدان حماية المستهلك، وتعزيز الصلات الإعلامية المتعلقة بالمنتجات التي تم حظرها أو سحبها أو تقييد استخدامها بكافة الطرق المتاحة سواء باستخدام الانترنت أو باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة الأخرى وذلك من اجل تمكين البلدان المستوردة من حماية نفسها من الآثار الضارة لهذه المنتجات بأفضل الطرق والوسائل. ولتحقيق هذه الاحتياجات يجب على الحكومة توفير بنية تحتية ملائمة من اجل تطوير وتنفيذ ومتابعة سياسات حماية المستهلك، وشمولها جميع قطاعات المجتمع. آما ويجب العمل على مراعاة وإرساء أهم الأسس والمبادئ التي تقوم عليها عملية وألا يتولد عنها وضع اقتصادي مناف لمبادئ الاقتصاد ، مثل قيام احتكارات أو تفاوت واسع في التوزيع، أو سيطرة الأجانب على مواردها، أو غير ذلك مما يهدد مصالح الأمة، فالخصخصة في الأول والأخير ليست هدفاً أو غاية، وإنما هي وسيلة أو أسلوب لتحقيق هدف، يتمثل في توفير مصالح الأمة.
إن هذه الضوابط وغيرها تستهدف جعل عملية الخصخصة تحوز المشروعية الشرعية والاقتصادية والاجتماعية، كما تحوز القبول العام من قبل أفراد المجتمع، حتى لا يتعرض المجتمع لهزات عنيفة تقوض استقراره الاجتماعي والاقتصادي، بل والسياسي.
الخاتمة
أما الخصخصة بمفهومها الواسع والذي يفيد، كما سبق، التحول إلى نظام السوق، بحيث يكون السوق هو المهيمن على الحياة الاقتصادية، وقد يمتد إلى نواحي أخرى، وفي الوقت ذاته تهميش دور الدولة وتقليص وظائفها فإن ذلك مغاير للنهج العلمي، ومتعارض مع أصول النظام الاقتصادي ، كما أنه ليس من صالح الدولة المعاصرة انسحاب حكوماتها من الحياة الاقتصادية تاركة إياها للقطاع الخاص، فهناك تحديات كبار لا يتأتى للقطاع الخاص مواجهتها في غيبة دولة قوية ذات دور بارز، هناك تحديات العولمة، وهناك تحديات التنمية، وهناك تحديات البيئة، وهناك التحديات الاجتماعية والسياسية. وهناك تحديات تتعلق بقدرات القطاع الخاص في هذه الدول وسلوكياته، وكل ذلك يحتم بقاء الدولة بقاء فعالاً في الساحة الاقتصادية لقيادة المجتمع القيادة السليمة نحو تحقيق أهدافه، وإلا كانت الأمة كسفينة وسط خضم لجي تتقاذفها عواصف وأمواج عاتية دونما ربان قوي ماهر، لا تلبث أن تفتك بها تلك الأنواء.
الدكتور عادل عامر
أستاذ مساعد القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
و عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية والسياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.