تنسيق المرحلة الأولى 2025.. تحذير لطلاب الثانوية العامة غير مسجلي الرغبات: «لن تدخلوا كليات القمة»    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    عيار 21 يفاجئ الجميع.. أسعار الذهب اليوم السبت 2 أغسطس بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    استشهاد 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف خيام نازحين شمال خان يونس    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل مطعم بولاية مونتانا الأمريكية    علي معلول يعلن انضمامه ل الصفاقسي التونسي (صورة)    يونس: شحاتة قادر على التطور..وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    تضاؤل فرص لحاق وافد الزمالك الجديد ببداية مشوار الدوري    محافظ سوهاج يطمئن على مصابى حريق مطعم بميدان الشبان ويوجه بدعم طبى عاجل    مشاجرة بين عمال محال تجارية بشرق سوهاج.. والمحافظ يتخذ إجراءات رادعة    بينهم طفل.. إصابة أسرة كاملة في انقلاب دراجة نارية بالوادي الجديد    سقوط مروع لطفل من دراجة نارية في الوادي الجديد    إخلاء سبيل منظم حفل محمد رمضان وعمال الفير ووركس بكفالة 50 ألف جنيه    حيل مذهلة لتحضير فنجان قهوة تركي لا ينسى (كلمة السر في الثلج)    قرارات عاجلة من محافظ سوهاج بعد حريق المطعم    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    رسميا الآن بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 2 أغسطس 2025    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    نجم الزمالك السابق: فترة الإعداد "مثالية".. والصفقات جيدة وتحتاج إلى وقت    الزمالك يحسم صفقة الفلسطيني عدي الدباغ بعقد يمتد لأربع سنوات    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    بيراميدز يستهدف صفقة محلية سوبر (تفاصيل)    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    أخبار × 24 ساعة.. وظائف فى البوسنة والهرسك بمرتبات تصل ل50 ألف جنيه    حماس: اتهامات ترامب باطلة وفندتها الأمم المتحدة    ماسك يؤكد وجود شخصيات ديمقراطية بارزة في "قائمة إبستين"    زفاف إلى الجنة، عريس الحامول يلحق ب"عروسه" ووالدتها في حادث كفر الشيخ المروع    مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة في سيوة    «الجو هيقلب».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: أمطار وانخفاض درجات الحرارة    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    مفاجأة عمرو دياب لجمهور العلمين في ختام حفله: مدفع يطلق «تي شيرتات» وهدايا (صور)    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    عمرو دياب الأعلى استماعا خلال شهر يوليو على أنغامي (صور)    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    "ظهور نجم الأهلي".. 10 صور من احتفال زوجة عماد متعب بعيد ميلاد ابنتهما    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    انتخابات الشيوخ 2025| استمرار التصويت للمصريين بالخارج داخل 14 بلد وغلق الباب في باقي الدول    الشيخ محمد أبو بكر بعد القبض على «أم مكة» و«أم سجدة»: ربنا استجاب دعائى    ترامب: نشرنا غواصتين نوويتين عقب تصريحات ميدفيديف "لإنقاذ الناس"    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يشهد فعاليات اليوم العلمى ل«الفنية العسكرية»    2 جنيه زيادة فى أسعار «كوكاكولا مصر».. وتجار: «بيعوضوا الخسائر»    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    الأسهم الأوروبية تتكبد خسائر أسبوعية بعد أسوأ جلسة منذ أبريل    فريق بحثي بمركز بحوث الصحراء يتابع مشروع زراعة عباد الشمس الزيتي بطور سيناء    مصر تتعاون مع شركات عالمية ومحلية لتنفيذ مشروع المسح الجوي للمعادن    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    إدارة مكافحة الآفات بالزراعة تنفذ 158 حملة مرور ميداني خلال يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بكرى يكشف : لغز حادث رفح
نشر في إيجي برس يوم 03 - 03 - 2013

كان الموعد هو التاسع من أغسطس، كانت المعلومات لدى جهات التحقيق العسكرية تشير فى هذا الوقت إلى تورط عدد من الكوادر الفلسطينية والمصرية، التى تنتمى إلى تنظيمات أصولية متشددة، فى مذبحة رفح مع مصريين متشددين.
انتظر الناس إعلان نتائج التحقيقات الأولية، إلا أن رئيس الجمهورية طلب من المشير طنطاوى تأجيل إعلان نتائج هذه التحقيقات لحين استكمالها نهائياً.
فى هذا الوقت تساءل المصريون: ماذا حدث، ولماذا تأجيل الإعلان؟ انتشرت الشائعات فى كل مكان، كانت الأجواء محتقنة، ازدادت حدة الخلافات بين المجلس العسكرى والرئيس، لكنها ظلت خلافات مكتومة، ودون إعلان.
أعضاء المجلس العسكرى طالبوا المشير برفض قرارات الرئيس لتعارضها مع الإعلان الدستورى المكمل.. والمشير طالب بتجاوز الأزمة
فى هذا الوقت تسربت معلومات تقول إن حركة «حماس» قد طلبت من كبار المسئولين المصريين تأجيل إعلان أسماء المتهمين الفلسطينيين الذين ينتمون إلى فصائل تكفيرية متطرفة.. حتى لا يحدث أى اضطراب فى العلاقات بين الشعبين المصرى والفلسطينى بسبب مشاركة بعض من العناصر الجهادية الفلسطينية فى الحادث، كما أشارت التحقيقات فى هذا الوقت.
ووفقاً لتصريح منسوب إلى مصدر أمنى مسئول إلى صحيفة «المصرى اليوم» فقد تم اتخاذ قرار التأجيل عنوة رغم رفض المؤسسة العسكرية لثلاثة أسباب، وهى:
1- حتى تهدأ الأجواء وتتضح الحقائق أمام الشعب المصرى الذى لا يجب أن يخلط بين حركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى وبين الجماعات الجهادية التكفيرية.
2- حتى تكتمل التحقيقات التى تجريها النيابة العسكرية فى الأحداث والتوصل إلى جميع الأطراف المتورطة، خاصة أن التحقيقات توسعت بشكل كبير، وتدخلت فيها أطراف متعددة، وهو ما يتطلب مزيداً من الوقت والجهد.
3- إعطاء الفرصة والوقت الكافيين للجهات الأمنية فى حركة حماس حتى تستطيع القبض على المتهمين وتسليمهم لجهات التحقيق المصرية، حيث إن التحقيقات أثبتت أن المتهمين الفلسطينيين فروا إلى قطاع غزة عبر الأنفاق بعد تنفيذ الجريمة.
وفى الوقت الذى صرح فيه د. ياسر على المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئاسة ستعلن فى تقرير كامل نتائج التحقيق والمعالجة الوقائية للأحداث، نافياً ضلوع أى من المفرج عنهم من الذين صدرت بحقهم أحكام من الجماعات المتشددة فى مصر فى هذه الأحداث.
كانت الاتصالات تجرى بين الرئيس ووزير الدفاع بشكل مستمر خلال هذه الأيام، وكان المشير قد أصدر قراراً فى هذا الوقت بأن يكون اللواء عبدالفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية هو حلقة الوصل بين مؤسسة الرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو ما استدعى من اللواء السيسى التردد على قصر الرئاسة كثيراً فى هذا التوقيت، وكان يساعده فى ذلك اللواء محمد العصار، مساعد وزير الدفاع لشئون التسليح.
فى يوم الأربعاء 8 أغسطس، كان هناك اجتماع لمجلس الدفاع الوطنى برئاسة الرئيس محمد مرسى، وحضور رئيس الوزراء د. هشام قنديل ووزير الدفاع اللواء حسين طنطاوى وبقية أعضاء المجلس من كبار المسئولين والقادة العسكريين والأمنيين.
وقد أعلنت رئاسة الجمهورية فى أعقاب هذا الاجتماع إقالة عدد من كبار المسئولين أبرزهم اللواء مراد موافى مدير المخابرات العامة الذى عين بدلاً منه اللواء رأفت شحاتة، وإقالة اللواء نجيب عبدالسلام، قائد الحرس الجمهورى، الذى عين بدلاً منه اللواء محمد زكى، واللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية، الذى عين بدلاً منه نائبه اللواء إبراهيم الدماطى، وإقالة اللواء عماد الوكيل، قائد الأمن المركزى وتعيين اللواء ماجد مصطفى كامل بديلاً عنه، وإقالة اللواء محسن مراد مساعد الوزير لأمن القاهرة، وتعيين اللواء أسامة الصغير بدلاً منه، كما جرى إقالة اللواء عبدالوهاب مبروك محافظ شمال سيناء فى نفس الوقت.
كان قرار رئيس الجمهورية بالطلب من المشير إجراء التغييرات المطلوبة داخل المؤسسة العسكرية بمثابة صدمة لأعضاء المجلس العسكرى، الذين طلبوا من المشير رفض هذه القرارات التى تمثل بداية تدخل من الرئيس فى المؤسسة العسكرية وهيكلتها، وهو أمر قد يمتد إذا ما تم السماح به إلى كبار المسئولين بالجيش.
كان القادة العسكريون يستندون فى موقفهم إلى المادة 53 مكرر من الإعلان الدستورى المكمل الصادر فى 17 يونيو 2012 التى تنص على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يختص بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الإعلان الدستورى بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومد خدمتهم ويكون لرئيسه حتى إقرار الدستور الجديد جميع السلطات المقررة فى القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع.
كان هذا النص عائقاً أمام رئيس الجمهورية الذى لم يكن قائداً أعلى للجيش حتى هذا الوقت، خاصة أن الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 أو الإعلان الدستورى المكمل لم ينص أى منهما على وجود منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن الرئيس كان يرى منذ خطابه الأول أثناء تسليمه مراسم السلطة فى الهايكستب فى 30 يونيو 2012 أنه هو المسئول عن الجيش وأن بإمكانه أن يأمرهم ويصدر إليهم التعليمات.
حدثت حالة ارتباك داخل أوساط الجيش فى هذا الوقت، ثار عدد من أعضاء المجلس العسكرى وطالبوا المشير برفض تنفيذ القرار إلا أن المشير قال لهم «يجب تفادى الأزمة وتفويت الفرصة؛ خوفاً من تردى الأوضاع المتوترة بعد حادث رفح».
اهتزت صورة المشير لدى الأوساط العسكرية توقع البعض منهم أن يكون الدور القادم فى الصراع الخفى بين الرئيس والمؤسسة العسكرية ضحيته المشير طنطاوى نفسه.
كان هناك الكثيرون الذين أبدوا اعتراضهم فى السابق على قبول المشير لمنصب وزير الدفاع فى حكومة قنديل وعندما ناقش معهم الأمر طالب بعضهم بألا يؤدى القسم أمام الرئيس لأن الإعلان الدستورى المكمل يعطيه الحق فى ذلك، بعد جدل طويل، وافق البعض على أن يؤدى المشير القسم، ولكن دون إذاعته فى وسائل الإعلام واتفق الحاضرون على ألا يحضر المشير أى اجتماعات لمجلس الوزراء إلا إذا ترأسها الرئيس نفسه.
كان المشير يحاول أن يدفع الأمور إلى الأمام لكنه حتى هذا الوقت لم يعرف ماذا تخبئ له الأقدار، فقرر أن يؤدى القسم رغم أنه ظل لمدة ثلاثة أيام عندما أعيد اختياره وزيراً للدفاع فى حكومة أحمد نظيف يرفض الانضمام إلى الحكومة شعوراً منه بالإهانة.
عندما أذاع التليفزيون المصرى مشهد المشير طنطاوى وهو يقف فى الطابور لأداء القسم ويقف منتظراً أداء الآخرين لقسم التكليف كان الأمر مثيراً للجميع.
وكانت الغضبة داخل المجلس العسكرى كبيرة اعتبر البعض أن ما جرى هو البداية وأن الرئيس لن يقف عند هذا الحد فى قراراته.
حاول المشير تهدئة الغضب الذى ساد جميع الأوساط العليا للجيش المصرى وكذلك الحال رجال الشرطة العسكرية، فأصدر بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع قراراً بتعيين اللواء حمدين بدين مساعداً لوزير الدفاع لشئون سيناء وبمجرد نقل التليفزيون المصرى لهذا الخبر ثار الرئيس وطلب من المشير طنطاوى التراجع عن هذا القرار لأنه يحمل ترقية وتكريماً للواء حمدى بدين، فاضطر المشير إلى التراجع وتعيين اللواء حمدى بدين ملحقاً عسكرياً بالصين.
تصاعدت حدة الاستياء داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة أدرك الكثيرون أن خوف المشير على الجيش ووحدته سيدفعه إلى مزيد من التنازلات بما يؤدى إلى الإطاحة به وبالمجلس العسكرى بأسره.
أدرك المشير أن الغضبة واسعة، التقى ببعض أعضاء المجلس الأعلى قال لهم أرجو تفويت الفرصة، أمريكا تقف بالمرصاد إنهم ينتظرون هذه اللحظة، لقد جاءت هيلارى كلينتون فى 14 يوليو الماضى لتصنع الأزمة وتدفع إلى التصعيد، إن المطلوب هو رأس الجيش المصرى، هدفنا الأساسى الآن حماية سيناء قبل أن تضيع، لا نريد مشاكل أو أزمات داخلية!!
وفى المخابرات العامة كان قرار إقالة اللواء مراد موافى صادماً، لقد أشيع فى هذا الوقت أن السبب الأساسى وراء إقالة اللواء مراد موافى من منصبه كمدير المخابرات العامة هو إدلاؤه بالتصريح الصحفى الذى قال فيه إنه أبلغ ما لديه من معلومات حول توقع الحادث الإرهابى إلى الجهات العليا، غير أن الحقيقة والهدف كانا أبعد من ذلك بكثير.
كان الرئيس مرسى يعرف أن اللواء عمر سليمان هو الذى رشح اللواء مراد موافى لمنصب مدير المخابرات العامة بعد اختياره نائباً لرئيس الجمهورية، ويدرك مدى العلاقة التى تربط بينهما، وكان يعرف أيضاً أن المشير طنطاوى كان أميل إلى ترشيح اللواء محمد التهامى الذى كان يتولى منصب مدير الرقابة الإدارية فى هذا الوقت، إلا أن ترشيح اللواء مراد موافى لقى قبولاً، وحسم الأمر لصالحه.
التحقيقات كشفت عن دخول فلسطينيين إلى سيناء بهويات مصرية بعد سرقة ماكينة طباعة الرقم القومى من سيناء أثناة الثورة
كانت مؤسسة الرئاسة هى الأخرى مستاءة من تصريحات اللواء موافى وحاولت إبراء ذمتها وهو ما أدى بالمستشار محمد فؤاد جاد الله المستشار القانونى للرئاسة، إلى الإدلاء بتصريح صحفى قال فيه إن الرئيس مرسى لم يكن يعلم بالتقرير الذى تحدث عنه اللواء مراد موافى وحذر فيه من العملية الإرهابية، كان الكلام يعنى رسالة موجهة إلى اللواء موافى.
بعد تدارس الأمر داخل المخابرات العامة اضطر اللواء موافى أن يصدر تصريحاً فى خطوة نادرة لا يقدم عليها جهاز المخابرات العامة فى تعامله مع الأحداث، حيث قال البيان إن جهاز المخابرات العامة جهة معلومات فقط وليس سلطة تنفيذية وأن المعلومات التى لديه بخصوص الحادث الإرهابى الذى وقع فى سيناء أرسلها إلى صناع القرار والجهات المسئولة وبهذا ينتهى دور الجهاز!!
واعتبرت رئاسة الجمهورية أن الرد جاء مستفزاً فقرر الرئيس إقالة اللواء موافى تحت هذا العنوان ووافق المشير على ذلك غير أن الهدف كان أكبر من ذلك بكثير.
وكان السبب المعلن فى هذا الوقت الذى يقف وراء إقالة اللواء نجيب عبدالسلام قائد الحرس الجمهورى هو طلب قائد الحرس من الرئيس عدم المشاركة فى جنازة توديع الشهداء خوفاً على سلامته بينما كان السبب الحقيقى هو البدء بخطوات عملية تمهد لحدث ما قد يحدث والرئيس يريد الاستعانة بقائد جديد للحرس.. ورغم أن اللواء محمد زكى كان قائداً للمظلات، إلا أن المجىء به كان الهدف منه أن يكون ولاؤه للرئيس صاحب القرار وليس لأحد آخر.
أما قرار إقالة مدير شرطة الرئاسة اللواء أحمد إيهاب الذى تم تعيينه نائباً لمدير مطار القاهرة فقد جاء على خلفية معلنة تقول إنه كان وراء الطلب من الرئيس المشاركة بالحضور فى جنازة الشهداء دون مراعاة للمخاطر الأمنية وهكذا أبعد الرئيس قائد الحرس الجمهورى تحت زعم أنه حذره من المشاركة فى مراسم الجنازة وأبعد مدير شرطة الرئاسة لأنه طالبه بالمشاركة فيها.
كان الهدف هو تهيئة المسرح لحدث ما قد تشهده الساعات القليلة القادمة، كان القرار قد اتخذ، لا حل أمام الرئيس سوى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل حتى يفتح الطريق أمامه واسعاً للانفراد بالسلطة والإمساك بالسلطة التشريعية وإعداد دستور جديد يحول دون إجراء انتخابات رئاسية جديدة ويضع قواعد جديدة تكون منطلقاً لدولة الإخوان التى يجرى ترسيخها على أرض الواقع.
وفى يوم الأربعاء الثامن من ديسمبر كان مجلس الشورى قد أعد العدة من جانبه إذ أصدر رئيس المجلس عدة قرارات أطاح خلالها بأكثر من خمسين قيادة صحفية وكأنه يفتح الباب أمام أخونة الصحافة وضمان تهيئة المسرح من الناحية الصحفية والإعلامية أمام الحدث المتوقع، خاصة بعد أن ضمن السيطرة على التليفزيون والإذاعة من خلال تعيين صلاح عبدالمقصود وزيراً للإعلام وهو عضو قيادى بجماعة الإخوان المسلمين.
ورغم جميع التحذيرات التى انطلقت فى جميع الأوساط الصحفية والبيان الصادر عن اجتماع للمجلس الأعلى للصحافة برفض المعايير التى وضعتها اللجنة التى شكلها مجلس الوزراء لاختيار رؤساء التحرير ورؤساء المؤسسات إلا أن الخطة كانت تقضى بالاستمرار فى إحكام قبضة الدولة والجماعة على الصحافة من خلال أخونتها واختيار عناصر أخرى يمكن أن تقبل بالإملاءات الإخوانية.
فى هذا اليوم قررت حركة 6 أبريل التجمع أمام منزل الرئيس بالقاهرة الجديدة وأمام منزل العائلة بالشرقية وأمام قصر الاتحادية لإظهار الدعم والتأييد لقرارات الرئيس ومطالبته بقرارات أكثر جذرية وأشد وطأة على ما أسموه بالدولة العميقة وضرورة تطهيرها.
واعتبر السياسى جورج إسحاق أن قرارات الرئيس تأتى فى محلها تماماً، أما الإعلامى والناشط السياسى حمدى قنديل فقد قال اليوم تسلم الرئيس رئاسة الجمهورية، واعتبر محمود عفيفى المتحدث باسم حركة 6 أبريل أن قرارات مرسى ليست كافية وأن البلاد فى حاجة لإجراءات أكبر للتطهير الحقيقى.
كانت النخبة فى معظمها ترى ضرورة أن يحسم الرئيس موقفه وأن يتسلم كامل السلطة فى البلاد، كما أنهم طالبوه بضرورة إلغاء الإعلان الدستورى المكمل وإنهاء ما أسموه بحكم «العسكر» الذى استمر ل60 عاماً.
فى يوم الجمعة 10 أغسطس قام الرئيس مرسى بأداء صلاة الجمعة فى مسجد الشيخ محمود الحصرى بمدينة 6 أكتوبر حيث ألقى خطاباً بعد انتهاء الصلاة وسط الحاضرين قال فيه إنه يقود بنفسه العمليات الجارية فى سيناء لتطهيرها من الإرهابيين وأن هذه العمليات لن تتوقف حتى تستقر الأحوال الأمنية فى سيناء تماماً.
لقد توقف المراقبون أمام مقولة أطلقها الرئيس مرسى خلال خطابه بمسجد الحصرى عندما قال «سأؤدب المتجاوزين من المواطنين أو الجيش أو الشرطة» إلا أن أحداً لم يكن يستطيع أن يتخيل وقائع ما شهدته الأيام التالية.
فى هذا الوقت كان الإعلامى توفيق عكاشة قد وجه تحذيراً من على شاشة قناة «الفراعين» إلى المشير طنطاوى ورئيس الأركان سامى عنان وقال لهما «أنا أحذركما خلال 48 ساعة سيتم الإطاحة بكما بقرار من الرئيس» واعتبر البعض أن هذه الأقاويل هى من باب المخاوف المشروعة وليس أكثر. بعد انتهاء الرئيس من خطابه فى مسجد الحصرى قرر السفر إلى مدينة العريش ومنها إلى رفح لمتابعة العمليات التى تقوم بها القوات المسلحة لتطهير سيناء من البؤر الإرهابية.
وقد وصل الرئيس فى وقت مبكر من المساء يرافقه المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع ورئيس الأركان الفريق سامى عنان، ووزير الداخلية أحمد جمال الدين، وعدد من القيادات العسكرية والأمنية.
فى هذا الوقت نقلت صحيفة «الأهرام» عن مسئول أمنى بارز تأكيده نجاح القوات المشتركة فى عملية «نسر سيناء» فى القبض على ستة من العناصر المتطرفة فى مدينة الشيخ زويد يوم الخميس 10 أغسطس وإصابة مسلحين فى مناطق أخرى، وقال المصدر إن أجهزة الأمن نجحت فى تحديد شخصية قائد التنظيمات المسلحة المسئولة عن العمليات الإرهابية فى سيناء، وأنه فلسطينى الجنسية وينتمى إلى ما يعرف بجيش «جلجلة» فى غزة. كان أكثر من 3500 ضابط وجندى يشاركون فى عملية «نسر سيناء» تدعمهم 87 مدرعة وطائرتان هليكوبتر قتاليتان إضافة إلى 60 مدرعة جديدة و117 آلية أخرى وصلت يوم الخميس وكانت التوقعات تشير إلى أن عدد المسلحين حوالى 1600 مسلح ينتمون لعدة محافظات مصرية فضلاً عن دول عربية مجاورة ويطلقون على أنفسهم أصحاب «الرايات السوداء».
ماذا إذا أعلن الفريق السيسى نتائج التحقيقات دون موافقة الرئيس؟
وصل الرئيس مرسى إلى العريش وسط إجراءات أمنية لم يسبق لها مثيل توجه وكبار المسئولين إلى المنطقة الحدودية الشرقية فى رفع فى حوالى الخامسة من مساء ذات اليوم 10 أغسطس.
لم يكن الرئيس قد أصدر قراراً بتعيين محافظ جديد لشمال سيناء فى هذا الوقت، فكان اللواء مدحت صالح رئيس مجلس مدينة العريش فى استقباله وعندما وصل الرئيس إلى منطقة رفح اصطحب فى سيارته المشير طنطاوى ورئيس الأركان، ووسط الجنود والضباط قام باعتلاء كرسى ليخطب فيهم، وإلى جواره وقف وزير الدفاع من الناحية اليسرى ورئيس الأركان من الناحية اليمنى.
بعد انتهاء زيارة الرئيس إلى سيناء طلب من المشير طنطاوى ضرورة عقد اجتماع فى الحادية عشرة من مساء ذات اليوم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بحضوره شخصياً، إلا أنه طلب من المشير أن يقتصر حضور الاجتماع على أعضاء المجلس الأعلى ال18 الأساسيين مع استبعاد كل المستدعين من الخدمة والذين ضمهم المشير إلى اجتماعات المجلس العسكرى، ولم يستطع المشير أن يرفض مطلب الرئيس، وقرر بالفعل قصر الاجتماع على الأعضاء الأساسيين للمجلس العسكرى.
فى هذا الاجتماع تحدث الرئيس عن تطورات الوضع فى سيناء وعن الأسباب التى دفعته إلى عدم نشر مضمون التحقيقات الأولية فى قضية استشهاد وإصابة الجنود فى رفح.. وتجاهل الرئيس فى حديثه أمام المجلس العسكرى الحديث عن أسباب قراراته الأخيرة بإبعاد قائد الشرطة العسكرية وآخرين، إلا أنه تحدث مطولاً عن المؤسسة العسكرية وضرورة النهوض بها وتوفير جميع الإمكانيات الضرورية لها.
كان الرئيس يستهدف من وراء هذا الاجتماع استمالة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكأنه يمهد الطريق أمام قرارات صعبة يريدهم، إن لم يكونوا إلى جواره فيها، فعلى الأقل يلتزمون بسياسة الحياد.
انتهى الاجتماع فى وقت متأخر من بعد منتصف هذا اليوم، بينما كانت الحشود قد انفضت منذ قليل من ميدان التحرير ومنطقة المنصة، وهى حشود كانت تطالب بمحاسبة المتسببين والمتورطين فى ارتكاب الحادث الإرهابى ضد الجنود المصريين فى رفح. لقد لوحظ حتى هذا الوقت أن رد فعل جماعة الإخوان المسلمين تجاه حادث رفح لم يكن قوياً، وتميز بعدم الاكتراث، بل إن بعضهم راح يحمّل المؤسسة العسكرية مسئولية ما حدث، ويطالب بتسليم الرئيس كامل سلطاته من المجلس العسكرى، ولم يكن أحد يعرف ما هى هذه السلطات التى فى حوزة المجلس العسكرى، باستثناء سلطة التشريع، وهى سلطة أصيلة للمجلس فى غياب البرلمان.
كان حادث رفح يغطى على ما عداه من أحداث. كان الناس يتساءلون فى كل مكان عن هوية القتلة، ومتى يكشف النقاب عنهم؟ كانت المعلومات الأولية تقول إن نتائج التحقيقات التى كان يُفترض إعلانها يوم الخميس 9 أغسطس كانت تشير إلى أن الجثث الخمس التى تسلمتها مصر من إسرائيل هى لعناصر فلسطينية قُتلت وهى فى طريقها إلى القيام بعملية فدائية ضد الجيش الإسرائيلى فى منطقة كفر أبوسالم كما أن مصدراً عسكرياً مصرياً قال فى هذا الوقت إن نتائج التحقيقات تضم الكثير من المفاجآت، ومن حق الشعب أن يعرفها، وسنعلنها بوضوح دون النظر إلى أى اعتبارات أخرى.
وعندما نشر هذا التصريح أدرك المصريون أن هناك أزمة تتصاعد بين الجيش والرئاسة، وتوقف المراقبون أمام كلمة «دون النظر إلى أى اعتبارات أخرى»!!
فى هذا الوقت كانت قد وصلت إلى الأجهزة الاستخبارية المصرية معلومات تتحدث عن تسلل بعض العناصر الفلسطينية المتشددة إلى داخل سيناء ومصر تحمل بطاقات رقم قومى مصرية وتنتحل أسماء مصريين، راجعت الجهات العسكرية مصلحة الأحوال المدنية فى هذا الوقت، ووضح لها أن ما تردد عن سرقة ماكينات طباعة الرقم القومى من مصلحة الأحوال المدنية فى سيناء وتهريبها إلى قطاع غزة واستخدامها بشكل غير شرعى، هو أمر جد ولا هزل فيه.
فى هذا الوقت صرح وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، بأن سبعة أشخاص مشتبه فى تورطهم فى حادث قتل الجنود المصريين على الحدود قد تم تحديد هويتهم، وكان الجيش قد قبض على 99 شخصاً ممن تدور حولهم الشبهات، وقيل إنه تم اكتشاف معلومات مهمة عن العناصر المتسللة عبر الأنفاق ببطاقات هوية مصرية وكذلك حجم التنسيق بين العناصر الجهادية المصرية داخل سيناء وعناصر أخرى تنتمى إلى تنظيم «جلجلة» داخل قطاع غزة.
كان جهاز المخابرات الحربية يقدم المعلومات أولاً بأول إلى جهات التحقيق، وقد وضع الجهاز الذى كان يترأسه اللواء عبدالفتاح السيسى فى هذا الوقت، يده على معلومات فى منتهى الخطورة، وكان من رأيه ضرورة الإعلان عن الحقائق كاملة.. لإبراء ساحة القوات المسلحة من أى اتهامات قد تلحق بها بزعم عدم إفصاحها عن هوية القتلة..
حتى هذا الوقت لم يكن فى ذهن القوات المسلحة أن هناك من سيأتى فى يوم ما ليحمِّل الجيش ويتهمه مباشرة بالمسئولية عن قتل جنوده فى رفح.
لقد كانت التصريحات التى أدلى بها المهندس على عبدالفتاح عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، فى محاضرة له بمجلس «الهدى والنور» فى كفر الدوار بمثابة صدمة كشفت عن الكثير من الحقائق رغم أن هذا التصريح تم نشره بعد مُضى أكثر من ستة أشهر على قرار عزل المشير طنطاوى والفريق سامى عنان وعدد من القيادات العسكرية والأمنية فى 12 أغسطس 2012.
لقد قال على عبدالفتاح حرفياً «عملوا للرئيس الفخ بتاع رفح، بس هو استفاد منه وراح مطهر الجيش، فحول المحنة إلى منحة، فكان أسد وكان لوحده وماكانش معاه لا جيش تبعه ولا حرس جمهورى تبعه، ولا مخابرات تبعه، وقتها ربنا نصره».
لقد أحدث هذا التصريح ردود فعل غاضبة داخل أوساط الجيش المصرى، حيث قال مصدر عسكرى إن ما ردده القيادى الإخوانى على عبدالفتاح باتهام المجلس العسكرى بتنفيذه عملية رفح هو نوع من التخاريف ومحاولة من بعض التيارات السياسية والدينية توريط الجيش المصرى مع الشعب، وتحقيق مكاسب للجماعة التى ينتمى إليها، خاصة أن الجيش يحظى باحترام وتقدير من الشعب المصرى كله فى الوقت الذى تتقلص فيه شعبية الإخوان المسلمين.
وقال المصدر العسكرى إن الجيش بعقائده وتقاليده يحتضن جنوده، مشيراً إلى أن القوات المسلحة تُدين مثل هذه الأقاويل والتصريحات غير المسئولة التى تثير غضب أبناء المؤسسة العسكرية، وأن صبر المؤسسة العسكرية لن يستمر طويلاً.
وطالب المصدر العسكرى قيادة جماعة الإخوان بتقديم اعتذار رسمى، واستنكر عدم صدور بيان من قيادات الجماعة يدين هذه التصريحات. وقال إن هناك حالة تربص متعمدة بالمؤسسة العسكرية، وأن القوات المسلحة لن تكون يوماً ميليشيات تابعة لأى تيار.
بعد هذا التصريح بقليل خرج المستشار الإعلامى لحزب الحرية والعدالة مراد على، ليعلن تبرؤ حزبه من تصريحات على عبدالفتاح، وقال إنها لا تعبر عن توجهات حزبه وإن الحزب يقدر لقيادات القوات المسلحة مساندتها للشرعية وابتعادها عن العملية السياسية، وإن قيادات الجيش شخصيات وطنية ولا يمكن أن تتآمر ضد الرئيس.
أما أحمد عارف المتحدث الإعلامى باسم جماعة الإخوان، فقد جاء هو الآخر كلامه لا يقل غموضاً عن سابقه، حيث قال إن هذه التصريحات يتحمل مسئوليتها من أصدرها، والجماعة ليس لها أى علاقة بها، وليست صادرة عنها، خاصة أن المذبحة التى سقط فيها شهداء من جنود مصر قيد التحقيق ولا يحق لأى جهة إصدار أحكام فيها، وأن ملابسات القضية والمعلومات عنها لا يتحدث فيها سوى مؤسسة الرئاسة، ولا يحق لأحد أن ينوب فى هذا الأمر.
كان طبيعياً والحال كذلك أن تتحرك القوات المسلحة، حيث ترددت معلومات عن تعليمات صدرت من الفريق أول عبدالفتاح السيسى إلى جهات التحقيق بالإعداد الفورى لإعلان الحقائق الكاملة أمام الشعب، مهما كانت النتائج.
السؤال المطروح.. هل سيُمكَّن وزير الدفاع من إعلان الحقائق بكل صراحة ووضوح حتى يهدأ المصريون ويعرفون من قتل أبناءهم، أم أن هناك من يعد سيناريو بديلا قد يدفع الأمور إلى مزيد من التأزم؟!
قضية رفح أصبحت قضية مفصلية وأساسية فى ظل حالة الأزمة الراهنة التى جاءت على خلفية تسريبات وشائعات بدت وكأنها تمهد الطريق أمام عزل الفريق أول ا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.