ذكرت مصادر مطلعة اليوم الخميس، في العاصمة نواكشوط، أن "الوفد الليبي الذي زار موريتانيا مؤخرًا، من أجل تسليم مدير المخابرات الليبية السابق عبد لله السنوسي، عرض أثناء لقائه بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وثائق الديون الليبية المستحقة على موريتانيا، التي تبلغ 70 مليار أوقية (أي ما يعادل 28 مليون دولار)"، متعهدًا "بشطب تلك الديون، مقابل تقديم موريتانيا لرأس السنوسي". وصرح رئيس الوفد الليبي، قبيل مغادرته نواكشوط، أن حكومتها ستسلم السنوسي لطرابلس، وهو ما نفته موريتانيا قائلة إنها لم تتعهد بتسليم السنوسي للمجلس الوطني الانتقالي الحاكم في ليبيا. ومن جهته، وجه المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي الليبي، رسالةً إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، مفادها أن موافقته على تسليم السنوسي إلى ليبيا لمحاكمته، ستعني نقلة نوعية في العلاقات الليبية – الموريتانية". كما ألقى عبد الجليل بورقة ضغط جديدة، على السلطات الموريتانية، حيث اعتبر أن "أي مبادرة موريتانية لتسليم من وصفه ب(المجرم السنوسي) إلى ليبيا لمحاكمته عن الجرائم التي اقترفها، ضد أبناء الشعب الليبي، إبان نظام (العقيد الراحل معمر) القذافي سيكون لها تأسيس مستقبلي، لعلاقات وطيدة، بين الشعبين الشقيقين" محذرًا "موريتانيا من عدم تسلميها السنوسي لطرابلس". وقال مسؤول ليبي رفيع المستوى ل"الشرق الأوسط"، الخميس، إن "الكرة الآن في ملعب موريتانيا.. إذا أرادت علاقات جيدة مع ليبيا، بما في ذلك المنافع الاقتصادية والتجارية، فعليها أن تسلمنا السنوسي. ولن نقبل بأقل من هذا"، معتبرًا أن "تصريحات عبد الجليل تمثل تلويحًا بسياسة العصا والجزرة، باتجاه نواكشوط". وأشار المسؤول الليبي الرفيع، إلى أن "تسليم السنوسي إلى أية جهة غير ليبية، بما في ذلك فرنسا، أو المحكمة الجنائية الدولية، سيؤثر بالسلب على العلاقات الليبية – الموريتانية"، معتبرًا أن "المجلس الانتقالي سيكون في موقف محرج للغاية، لأن هناك رأي عام في ليبيا، يعتبر أن الأمر الطبيعي، هو محاكمة السنوسي في الداخل.. الضغط الشعبي سيدفع المجلس وحكومته الانتقالية إلى اتخاذ خطوات حادة، إذا رفضت موريتانيا الطلب الرسمي، الذي تقدمت به ليبيا لتسلم السنوسي". وكشف "النقاب عن أن المستشار عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي، أكد رسميًا للرئيس الموريتاني، أن السنوسي سيخضع لمحاكمة عادلة ونزيهة، وأنه سيتمتع بكل حقوقه كمتهم أمام القضاء الليبي، ولن يتعرض لأي اعتداء، وسيكون تحت حماية أمنية مشددة، ورعاية طبية طيلة المحاكمة". وكان الوفد الليبي الذي ترأسه مصطفى أبو شاقور، نائب رئيس الحكومة الانتقالية، ونقل رسالة عبد الجليل إلى الرئيس الموريتاني، قد عاد، الأربعاء، بخفي حنين إلى العاصمة الليبية طرابلس، من دون أن يصطحب معه السنوسي، فيما قال ناصر المانع الناطق الرسمي باسم الحكومة إن "موريتانيا وافقت على تسليم السنوسي إلى المجلس الانتقالي"، لافتا إلى أن "هناك إجراءات قانونية يتعين على السلطات هناك القيام بها، قبل إتمام هذه الخطوة". وفي رسالة أخرى على موقع «تويتر»، أوضح أبو شاقور أن "المواثيق الدولية لا تسمح بنشر صور المعتقلين، ونحن نحترم هذه المواثيق، فلم نأخذ أي صور للسنوسي، والسلطات الموريتانية لا تسمح بذلك"، لكنه أكد في المقابل أن أفرادًا من الوفد الذي رافقه إلى موريتانيا "زاروا السنوسي في سجنه، وتحققوا من هويته"، مضيفا أن "المجرم يقبع في سجن بموريتانيا، وقريبًا سيقبع في سجن بليبيا". نفي موريتاني التعهد بتسليم السنوسي وفي المقابل، أعلن مصدر رسمي، الأربعاء، لوكالة فرانس برس، أن موريتانيا "لم تقطع أي تعهد" لليبيا بشأن تسليمها السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبي سابقًا، المعتقل في نواكشوط. وفي السياق ذاته، أعلن مصدر رسمي بالسلطات الموريتانية أن بلاده "لم تقطع أي تعهد" حيال ليبيا بشأن تسليمها السنوسي المعتقل في نواكشوط. وقال هذا المصدر، رافضًا الكشف عن هويته، إن "موريتانيا لم تقطع أي تعهد حيال أي كان يتعلق بتسليم السنوسي"، نافيًا بذلك إعلان الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية، ناصر المانع، أن السنوسي سيسلم إلى طرابلس قريبًا. وكان المناع قال إن موريتانيا التزمت بتسليمه السنوسي إلى بلاده، "حيث سيحظى بمحاكمة عادلة"، ولم يحدد أي موعد لذلك لكنه سيكون "قريبًا جدًا". وردًا على سؤال الأربعاء في طرابلس بشأن نفي السلطات الموريتانية تسليم السنوسي، كرر المناع القول إن نواكشوط وافقت على ترحيل السنوسي الى ليبيا. يذكر أن الوفد الليبي مساء الثلاثاء الماضي إلى نواكشوط، وذلك بعدما أعلنت السلطات الموريتانية السبت اعتقلت الرجل، الذي كان يعرف بأنه الساعد الأيمن للقذافي قبل الإطاحة بنظامه في العام 2011، أثناء قدومه من الدارالبيضاء بالمغرب. وأوضح بيان رسمي أن السنوسي اعتقل في مطار نواكشوط على متن رحلة آتية من الدارالبيضاء وبجواز سفر مالي مزور، دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل . ودعت جماعات دولية معنية بحقوق الإنسان إلى تسليم السنوسي للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية.