من العراق وأفغانستان والقوقاز مرورا بالجزيرة العربية وحتى الشمال الإفريقي المغرب والجزائر وصولا إلى الشام ترتبط جماعات التجنيد الالكتروني في شبكة معلوماتية متطورة وحديثة تتصاعد وتيرتها وجودتها يوما بعد آخر بنقل حي ومباشر، وبالاخص بعد ان سنت لها أسس علمية ومنهجية لتأصيل العمل الاعلامي «الجهادي» تم تعميمها على مختلف الهيئات الاعلامية الجهادية عبر الشبكة العنكبوتية في سبيل توفير «منهج اعلامي جهادي قائم على اسس علمية». وقد أقر المشروع من قبل مسؤولي الهيئات الاعلامية كمؤسسة الشورى للانتاج الاعلامي والجبهة الاعلامية الاسلامية العالمية، بما في ذلك مؤسسة السحاب للانتاج الاعلامي، لتبدأ خطتها المعلنة ببرنامج «اعدادي كامل لتثقيف وتربية وتدريب الابطال وتوجيههم لدق عروش اليهود والصليبيين والمرتدين والملحدين ويكون الدرع الحامي للاسلام واهله»، كما جاء في بياناتهم الإعلامية. ويركز البرنامج بداية على توفير كتب «المقاومة الاسلامية العالمية» والتي يبحث مجملها واقع المسلمين وجذور الصراع بين الحق والباطل وتاريخ التيار الجهادي وتجاربه، تليها عناصر التربية المتكاملة للمجاهد متضمنة نمط قتال «اعداء الله» والنظريات العسكرية مع تزويد القارئ بدورات عسكرية للوصول الى «مستوى المواجهة المطلوب». وقد حمل احد المواقع الأصولية شعار«اهداء لمدرسة محو الامية الاسلامي لعلوم القتال والحرب»، موفرة في سبيل ذلك كل ما يتعلق بالتدريب العسكري من طرق صنع المتفجرات والقنص، وصنع الاسلحة الخفيفة والمركبة، وتشريك السيارات، ومحاضرات حول حرب العصابات والمدن، وعقب كل ما توفره من افلام مرئية وموسوعات اعداد متكاملة وملفات تصنيع المتفجرات وضعت تحذيرها في اسفل صفحاتها «نرجو عدم استخدام الافلام المصورة لتصنيع المتفجرة ضد الابرياء ونرجو الاستفادة منها ضد العدو»، وملاحظة اخرى في قاع الصفحة «في الغرب الاطفال يعرفون كيفية استخدام السلاح أما رجالنا فلا يعرفون ابسط البديهيات» والذي قصدت فيه «اسيد النتريك» و«البارود الاسود» و«الصاعق الشعبي» وما الى ذلك. ورغم ما وفرته الجماعات المتشددة من دورات تدريبية للجانها وكودارها الاعلامية في «سرايا الجيوش»، تتلخص في التعريف بحلاوة الجهاد في سبيل الله وابراز اهمية الجهاد الاعلامي، من خلال تكثيف حملاتها عبر المنتديات الجهادية الى جانب توفير دورات امنية لمرتادي هذه المواقع حماية لهم من المراقبة والمتابعة الامنية، الى جانب التعريف بمهارات الصحافي المجاهد. ودعت احد هذه المنتديات الذائعة الصيت الى ضرورة سد «ثغرة» بدأت في الاتساع في «الاعلام الجهادي» والتي باتت تشكو بحد زعمهم من قلة الكتاب والمرتادين بشكل «خطير»، ادى الى ظهور بعض الاعراض غير الصحية، ككثرة النقل من المنتديات «غير الجهادية» وغياب القراء عن المواضيع الهامة والمبدعة، الى جانب ضعف تأثير المواضيع التي تكتب للمنتديات الجهادية لقلة الشريحة المستهدفة. وأضاف النداء اشكالية ضعف مستوى الاطروحات في المنتديات «الجهادية» والبعد عن الاهداف العامة المتفق عليها بالتطرق في الجزئيات التي تزيد من الخلافات والشقاق، بحسب البيان مرجعا السبب في ذلك الى شح رواد المنتديات وتقوقعهم على انفسهم، بحيث لا يجدون ما يناقشونه سوى في الامور الخلافية. ودعى المنتدى «الجهادي» الى ضرورة التركيز على سبل جذب الزوار والعودة الى اساس مهام المنتديات الجهادية، والتي هي التعريف بالجهاد والمجاهدين والذب عنهم وفضح الانظمة وتوسيع القاعدة الجماهيرية للمجاهدين.وفي محاولة لاعادة الفارين من المواقع «الجهادية» وتوسيع القاعدة الشعبية لها، والتي شخصها منتدى «جهادي» آخر في خوف المرتادين من الملاحقة والمتابعة الامنية، دعا النداء في بيانه الخاص الى ضرورة اختراق المواقع الترفيهية العامة وبث دعاية مكثفة للمنتديات الجهادية وذلك من خلال التسجيل باسماء جديدة في مواقع عامة، ووضع مواضيع شائقة عن الجهاد او تحميل ملفات جهادية مع اختتام الموضوع بقائمة طويلة من عناوين المنتديات الجهادية مع «بنر» خاص لكل منتدى الى جانب ارسال المواضيع الجهادية عبر القوائم البريدية. ورغم استجداء المنتديات والمواقع «الجهادية» وتحديدا الداعمة لاصدارات الجماعات المتشددة في الجزيرة العربية، عقب الحملات الامنية الناجحة، والتي طالت قادة الاعلام القاعدي في السعودية، يبقى الاعلام الجهادي والمنتديات التكفيرية الداعية الى الجهاد والانقلاب على الحكام تحتل موقعا متصدرا ضمن قائمة المواقع الالكترونية، مؤدية دورها الفعال في التجنيد، فكما كشف الدكتور عبد الرحمن الهدلق مشرف لجنة المناصحة التابعة لوزارة الداخلية في وقت سابق ل«الشرق الاوسط» أن 80 في المائة من عمليات تجنيد الشباب للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية تتم عبر الانترنت بعد أن تمت السيطرة على منابع التجنيد الأخرى كان أبرزها بحسبه توزيع الكتيبات والأشرطة الحماسية الداعية جميعها إلى القتال والجهاد.