كعادتها ايام الجمع مع المواطنين المسلمين اتبعت الاسلوب نفسه مع المسيحيين حيث حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي كنيسة القيامة في مدينة القدسالمحتلة، إلى ثكنة عسكرية في يوم عيد سبت النور، أحد أهم الأعياد المسيحية التي تسبق عيد القيامة ونشرت المئات من عناصرها في شوارع المدينة وازقتها . وكما أوردت جريدة"الرأي" الاردنية شهدت البلدة القديمة مواجهات بين المصلين المسيحيين وقوات الاحتلال، ورغم ذلك سارت مراسم الزفّة في حي النصارى كالمعتاد وسط اعتداءات احتلالية على عدد كبير من المصلين والمشاركين فيها، حيث اشتبكوا مع الجنود دفاعاً عن حقهم الطبيعي في ممارسة شعائرهم. و"الزفة" هي تقليد مقدسي قديم، حيث يسير أبناء المدينة خلف بطريرك الروم الأرثوذكس وهم يهتفون ويطلقون الأهازيج التراثية مروراً بحي النصارى ووصولاُ إلى كنيسة القيامة. ويعتبر يوم سبت النور هو من أهم المناسبات الدينية المسيحية لكنه أيضاً يعتبر ‹عيداً للقدس› مما يجعله يوماً مستهدفاً من قبل الاحتلال؛ ففيه تتجلى القيمة الدينية والوطنية والثقافية والتراثية للمدينة المحتلة، وتتحول المدينة وخاصة كنيسة القيامة إلى محط أنظار العالم المسيحي أجمع، وتبرز العادات والتقاليد الفلسطينية المسيحية الموروثة منذ قرون لتنتصر على محاولات قمع الاحتلال وانتهاكاته لحقنا في العبادة. وأشار إلى أن الاحتفالات بعيد القيامة تبدأ بعد ظهور النور المُقدّس على شكل شموع مضاءة تنطلق من قبر السيد المسيح على أيدي بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث لتنتقل بسرعة بواسطة شموع يحملها المصليين المحليين والحجاج الذين يهمّون بمسيرات ضخمة في أرجاء المدينةالمحتلة ويوصلون النور إلى باقي المدن والبلدات والقرى الفلسطينية. وتستكمل جريدة"الأيام" الفلسطينية رحلة "شعلة النور" بعد مسيرة طويلة من كنيسة القيامة بالقدسالمحتلة إلى مدينة رام الله، حتى تعالت هتافات المحتفلين ب"سبت النور"، بعدما حرمهم الاحتلال الإسرائيلي من الوصول إليها. متمسكون بهويتهم الفلسطينية، طاف مسيحيو الضفة الغربية في شوارع مدينة رام الله، حاملين شموع وقناديل أضيئت نارها من شعلة النور المقدسة، رافضين الإذعان لشروط سلطات الاحتلال بالحصول على تصاريح خاصة لدخول القدس، بعد اقتصارها على فئة قليلة منهم. وقالت رئيسة بلدية رام الله جانيت ميخائيل: "إن منع الاحتلال لنا من الدخول إلى القدس، لن يمنعنا من الاحتفال بعيد سبت النور، وسنحتفل في مدينة رام الله بوجود شعلة النور". وأضافت ميخائيل: "إن الاحتلال يحاول من خلال سياسته القمعية التعسفية، جر الشعب الفلسطيني إلى الهجرة والخروج من وطنه، لكننا سنبقى هنا في وطننا مهما زادت الإجراءات القمعية". وتابعت: "إن القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة، وستبقى كذلك مهما حاول الاحتلال تهويدها، ومنعنا منها مسلمين ومسيحيين، لكنها عاصمتنا وسنصلي في كنيسة القيامة، والمسجد الأقصى، طال الزمان أو قصر". وقال الشاب رامز مسعد (24 عاماً) من قرية عابود، شمال رام الله: "أنا محروم من قبل الاحتلال من الوصول إلى المدينة المقدسة، وهذا شيء صعب خاصة في هذه الأعياد المقدسة، لا لشيء إلا لأنني أحمل الهوية الفلسطينية". ورغم الادعاءات الإسرائيلية بمنح حرية العبادة للفلسطينيين "مسلمين، ومسيحيين"، إلا أن الإجراءات على الأرض تتناقض مع هذه الادعاءات، حيث ربطت إسرائيل الدخول إلى المدينة بإصدار تصاريح خاصة، الأمر الذي رفضه المسيحيون، رابطين ذلك بالاعتراف بشرعية الاحتلال. وكان رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا، ناشد في وقت سابق المسيحيين في الأرض الفلسطينية التوجه إلى المدينة المقدسة، للاحتفال بالأعياد المقدسة، والتصدي لما تتعرض له المدينة من تهويد، رافضاً في الوقت نفسه مبدأ "التصاريح" الإسرائيلية من أجل ذلك. وقال إن "أخذ هذه التصاريح هو اعتراف بشرعية الاحتلال، في مدينة هي تاريخنا وتراثنا وحقنا كشعب فلسطيني". وتابع : "لسنا من استورد إلى هذه البلاد، فنحن أصليون فيها ونحن أبناؤها، وعلى كل دخيل فيها الخروج منها". وقال الشاب رامي شمشوم (37 عاماً) من مدينة رام الله خلال مشاركته في الاحتفال: "شعوري هو شعور أي إنسان فلسطيني مسلم حرم من الوصول إلى المسجد الأقصى، فنحن جميعاً متجذرون في هذا الوطن". وأشار شمشوم إلى أنه ممن يستطيعون الحصول على تصاريح إلى مدينة القدس، لكنه آثر الاحتفال في مدينة رام الله مع إخوانه الذين حرموا من الوصول إلى المدينة المقدسة. وقالت شخصيات مسيحية: إن أعداد المسيحيين الفلسطينيين المشاركين في الأعياد بالمدينة المقدسة تراجعت بشكل لافت بسبب الإجراءات الإسرائيلية. وشهدت الاحتفالات يوم الجمعة، في كنيسة القيامة أعداداً كبيرة من الناس جلهم من الأجانب، فيما سمعت هتافات تؤكد فلسطينية المكان، حيث منعت الشرطة الإسرائيلية أفراد الكشاف الفلسطيني والمصلين العرب من دخول كنيسة القيامة، فقاموا بالهتاف "بالروح بالدم نفديك يا فلسطين". وقال حنا عقال (45 عاماً) من مدينة رام الله: "جئت من الولاياتالمتحدة الأميركية، مخلفاً ورائي أبنائي وزوجتي، وفضلت الاحتفال بهذه المناسبة بمدينة رام الله، إلى جانبي إخواني رغم أنه بإمكاني الوصول إلى مدينة القدس كوني أحمل الجنسية الأميركية".