الاهرام 28/12/2007 وتمضي السنون مع دورات عقارب ساعة التاريخ بأحداثه ومتغيراته, وتحل الذكري الخمسون لانعقاد أول مؤتمر للشعوب الافريقية والآسيوية بالقاهرة( فيما بين26 ديسمبر1957, أول يناير1958) وأسفر المؤتمر آنذاك عن وضع دستور تأسيسي لأول منظمة تضامن للشعوب الافريقية الآسيوية بمشاركة لجان التضامن الوطنية أو التنظيمات الشعبية أو الأحزاب أو حركات التحرير في55 دولة من آسيا وأفريقيا واستهدفت المنظمة توحيد وتنسيق كفاح شعوب القارتين في مواجهة بقايا الامبراطوريات الاستعمارية من أجل الاستقلال السياسي والاقتصادي وضمان السيادة الكاملة علي أرضها ومواردها. ولعل القيمة التاريخية الكبري لتأسيس منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية في هذا التوقيت تتلخص في كونها مبادرة غير مسبوقة علي مستوي قارتين كبيرتين. ولا عجب ان يكون اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا من أولي الاتحادات التي تأسست تحت مظلة المنظمة الأم وعقد مؤتمره الأول في طشقند عام1958 ولايزال قائما حتي الآن, وهنا يجب التذكير بدور رجال الصحافة والثقافة المصريين في تحمل العبء الأكبر في تأسيس منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية وفي مقدمتهم د.طه حسين, نجيب محفوظ, محمد حسنين هيكل, احسان عبدالقدوس, أحمد بهاء الدين... الي جانب عدد من رجال السياسة يتقدمهم أنور السادات وكيل مجلس الأمة آنذاك وتولي رئاسة اللجنة المصرية للتضامن التي ضمت مثل تلك الرموز ودعت الي انعقاد المؤتمر وتنظيمه وتولي يوسف السباعي منصب السكرتير العام للمنظمة منذ انشائها وحتي اغتياله اثناء اجتماع أحد مؤتمرات المنظمة بقبرص في18 فبراير1977 وتولي المسئولية بعده الكاتب المعروف عبد الرحمن الشرقاوي حتي رحيله في ديسمبر1987 وخلفه في رئاسة المنظمة د.مراد غالب حتي رحيله في18 ديسمبر الحالي بعد ان قاد المنظمة في السنوات العشرين الأخيرة محافظا علي مبادئها وأهدافها وكيانها مستحدثا ومجددا سبل التعامل مع متغيرات العصر الكونية بايجابياتها وسلبياتها. وجاء الرحيل كقدر مكتوب قبيل اسبوع واحد من موعد الاحتفال الخمسيني لقيام المنظمة( ويوافق تاريخ الأمس26 ديسمبر2007) وكذا احتفال لجنة التضامن المصرية بهذه المناسبة ويقود اللجنة حاليا المفكر الاستراتيجي المعروف أحمد حمروش. -هكذا كان نشوء منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية في الخمسينيات مواكبا لتحديات صعبة أمام جيل الأجداد والآباء الذي سعي لقيام منظمة للشعوب لتواكب مبادرة الحكومات بعقد مؤتمر باندونج في ابريل1955 وتبني منظمة الشعوب المبادئ والأهداف العشرة التي أعلنها مؤتمر باندونج في ابريل1955 وهي مبادئ وأهداف لم تفقد بريقها بعد حيث مازالت تشكل أبجديات العمل المشترك لحكومات وشعوب القارتين وهي:- احترام حقوق الانسان الأساسية ومبادئ وأهداف الأممالمتحدة احترام سيادة الشعوب وسلامة أراضيها الالتزام بالمساواة بين جميع الأجناس وبين جميع الأمم كبيرها وصغيرها الامتناع عن أي تدخل في الشئون الداخلية لأي بلد كان احترام حق كل أمة في الدفاع عن نفسها انفراديا أو جماعيا وفقا لميثاق الأممالمتحدة الامتناع عن الضغط علي الدول وتجنب التهديدات العدوانية أو استخدام العنف ضد السلامة الاقليمية والاستقلال السياسي لأي بلد تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية تنمية المصالحة المشتركة والتعاون الدولي المتبادل احترام العدالة الاجتماعية لقد مارست المنظمة دورها لقراءة روح العصر ومتطلباته وتحدياته من خلال المؤتمرات والندوات التي تعقدها أو تشارك فيها محليا واقليميا ودوليا, وأرست الكثير من المفاهيم والوسائل التي تتسلح بها للتعامل مع مشكلات العصر خاصة مع السنوات الثماني الأولي للألفية الثالثة(2000 2007) حيث ركزت المنظمة علي عدد من القضايا الاستراتيجية في مقدمتها: * العمل علي استحداث استراتيجية مشتركة لدول العالم الثالث في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية للتعامل مع الآثار السلبية للعولمة تحت مسمي( سياسة التنمية الاجتماعية المتكاملة) والاستفادة من الآثار الايجابية للعولمة بشأن معطيات ثورة المعلومات والاتصالات والعلوم والتكنولوجيا. وفي هذا السياق ايدت المنظمة حق جميع الشعوب في امتلاك ناصية العلوم والمعارف التقنية والسير في طريق النهضة المستدامة بما في ذلك امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. * العمل علي انعاش حركة عدم الانحياز في إطار تنشيط دورها في ظل التحولات الدولية الخطيرة التي طرأت علي المجتمع الدولي بعد أحداث11 سبتمبر2001 وتأثير ذلك علي قضايا نزع السلاح والانتشار العسكري الأمريكي واسع النطاق في بقاع العالم وخصوصا آسيا والشرق الأوسط. * تعزيز الدعوة لإجراء الاصلاحات في الدول الافريقية والاسيوية, بهدف ارساء الديمقراطية وتحقيق التنمية واشراك أطراف المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية واوساط الرأي العام في اعمال ولقاءات الحركة الأفروآسيوية. هكذا تمضي منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية علي طريق تحقيق أهدافها عبر عقود خمسة(1957 2007) وعلي الجيل الجديد أن يتدارك أهمية استكمال رسالة تلك المنظمة.