الاربعاء 10 ديسمبر: أمامنا ثلاثة أيام في المحيط الباسفيكي قبل ان نتوقف امام ميناء كالديرا في كوستاريكا. إلا اننا مازلنا نمر في مياه المكسيك التي تعتبر من حيث الجغرافيا من دول أمريكا الشمالية أما من حيث اللغة فتعتبر من دول أمريكا اللاتينية لأنها تتحدث الإسبانية وهي لغتها الرسمية وأن كان كثيرون يتحدثون الإنجليزية. وقد كانت المكسيك الدولة الوحيدة من دول أمريكا اللاتينية التي زرتها قبل ذلك عام 1980 وامضيت بها أسبوعا أتيح لي خلاله التعرف بصورة أوسع علي الحياة المكسيكية.. وفي ذلك الوقت قبل 30 سنة كانت المكسيك تجمع بين تناقضات الثراء البالغ والفقر الشديد. ورغم مرور السنين فما زال هذا التناقض مسيطرا رغم تحسن الأوضاع فيها ولكن وهذه مشكلة الدول النامية أن يتحقق التحسن في الأدوار العليا التي يسكنها الأغنياء.. ففي الوقت الذي توجد فيه مناطق تنافس في ثرائها أوروبا والغرب توجد مناطق أخري يقتسم فيها عشرة مواطنين غرفة نوم واحدة! وقد تعرضت المكسيك لأزمة إقتصادية إضطرت الرئيس المكسيكي في عام 1994( إيرنستو زيديللو) إلي تعويم عملة البلاد البيزو في مواجهة الدولار مما كان من نتيجته فقد العملة المكسيكية ثلث قيمتها في يناير 95 ثم انخفضت الي اكثر من النصف في مارس 95 ( تعرضت مصر لنفس الإجراء عندما قامت بتخفيض قيمة الجنيه في مواجهة الدولار بنسبة 34% ولكنه إستمر في الانخفاض حتي وصل إلي 60% قبل أن يستقر سعره) وبالنسبة للمكسيك فقد استطاعت بالإصرار علي طريق الاقتصاد الحر الخروج من أزمتها في الوقت الذي شهدت فيه البلاد تطورا سياسيا هاما انعكس في إجراء انتخابات نزيهة عام 2000 كان من نتيجتها فقد حزب الثورة الذي ظل يحكم المكسيك من حوالي 70 سنة أغلبيته وذهاب الحكم الي حزب المعارضة (الحزب الوطني) برياسة فينسينت فوكس.. وقد إستمر نجاح المعارضة في انتخابات 2006 برياسة الرئيس الحالي فيليب كالديرون ذلك ان من المتفق عليه في المكسيك ألا يستمر أي رئيس حتي لو كان من نفس الحزب أكثر من مدة واحدة كانت أربع سنوات ثم أصبحت منذ عام 1934 ست سنوات، ورغم ما قد يبدو أنه نظام ديمقراطي مثالي إلا أن المكسيك شهدت معه حالة غريبة هي قيام كل رئيس جديد بالمجيء بأقاربه وأعوانه ومؤيديه وتعيينهم مكان أقارب وأعوان الرئيس السابق ليتيح للجدد نهب مايقدرون عليه مما جعل المكسيك تشهد عمليات نهب مستمرة! وتاريخيا فللمكسيك تاريخ حافل بالحضارات المختلفة التي من أشهرها حضارة المايا Maya التي عرفت بناء الأهرامات، وحضارة الأزتيك Aztic وهم شعب من الهنود سيطروا علي وسط المكسيك وكانت لهم أعمال عظيمة في الهندسة والعمارة والفنون والرياضيات والفلك. وقد صنعوا لهم تقويما جعل السنة 260 يوما.. وقد بلغت حضارة الآزتك قمتها في المكسيك قبل وصول الإسبان الي المكسيك عام 1519 وقد تصور شعب الآزتك أن هؤلاء الأسبان بعث بهم الله للإصلاح فلم يقاوموهم كثيرا وكانت النتيجة تمكن الأسبان من السيطرة والقضاء علي حكامهم وقتل آخر إمبراطور لهم عام 1525 لكن أغرب ماشهدته المكسيك عملية بيع مساحات كبيرة من أراضيها للولايات المتحدة، وقد كانت البداية عقب إستقلال المكسيك عن أسبانيا عام 1821 وظهور إمبراطورية المكسيك التي سرعان مادبت الخلافات وإشتعلت الثورات في أرجائها بسبب تنازع الحكم. وفي عام 1836 بدأت تكساس وكانت جزءا من المكسيك الثورة علي الوطن الأم وأعلنت إنفصالها عن المكسيك عام 1845 في الوقت الذي أيدت الولاياتالمتحدة هذا الإنفصال وأعلنت تكساس الولاية رقم.28 ونتيجة لذلك أعلنت المكسيك الحرب علي أمريكا 1845 1848 إلا أن القوات الأمريكية تمكنت في عام1847 من الوصول إلي العاصمة الأمريكيةمكسيكو سيتي مما إضطر المكسيك الي عقد إتفاقيةGuadalupeHidalgo عام 1848 وبمقتضي هذه المعاهدة تنازلت المكسيك للولايات المتحدة عن الأراضي التي تقع شمال ريو جراند وهي الأراضي التي تضم: كاليفورنيا ونيفادا وأوتاه وجزءا كبيرا من ويومنج وكل ذلك نظير15 مليون دولار!! وهي صفقة لاتنافسها في التاريخ سوي صفقة بيع روسيا للولايات المتحدة أيضا أراضي الاسكا البالغ مساحتها2 مليون ونصف مليون كم2 عام1867 وذلك نظير7 ملايين و200 ألف دولار! [email protected] * نقلاً عن جريدة الاهرام المصرية