أصدر العراق المئات من أوامر القبض القضائية على مسؤولين مشتبه بارتكابهم “جرائم فساد” السنة الماضية لكن القلة منهم أدينوا طبقاً لتقرير صدر مؤخراً عن دائرة رقابية حكومية فإن بعض المشتبه بهم هربوا بينما كان آخرون محميين من قبل مسؤولين أقوياء في الحكومة أو نجوا من تنفيذ القبض عليهم بموجب قانون عفو يتعلق بتبنّي شكل من أشكال المصالحة الطائفية في العراق هذه التوضيحات نسبت إلى تقرير صدر من مفوضية النزاهة في العراق الأسبوع الماضي لكنّ بياناته تتعلق بسنة 2008 إن الفساد يعدّ مشكلة كبيرة في العراق الذي عدّته مجموعة “الشفافية الدولية” خامس دولة مصابة ب “الفساد العام” خلال سنة 2009 . وتقول مفوضية النزاهة في العراق إن حوالي 630 أمراً قضائياً جرى إصدارها السنة الماضية ضد مسؤولين عراقيين متهمين بالفساد ومعظمهم موظفون في وزارة الداخلية لكنّ الذين نفذ قرار اعتقالهم وأدينوا في المحاكم فقط 97 مسؤولاً . ويقال إن هناك 136 من حالات الفساد تورّط فيها نحو 211 شخصاً معظمهم تابعون لوزارة النفط إلا أن الدعاوى ضد هؤلاء أغلقت بتأثير مسؤولين كبار . وفي هذا السياق يبدو أن المشكلة ليست في الفساد وحسب إنما في “أغطية الفساد” التي تحمي مرتكبي جرائمه وتمنع سوقهم إلى المحاكم فيما تنتشر قصص كثيرة في الشارع العراقي تؤكد أن “صفقات الرشوة” تلعب دوراً كبيراً في حسم الكثير من قضايا الفساد في الدوائر الحكومية، والمحاكم، ومراكز الشرطة . وفي الوقت نفسه تدخل “تهديدات التصفية” لأفراد العوائل من قبل منظمات سرية كثيرة عاملاً حاسماً في تجاهل الكثير من قضايا الفساد، طلباً ل “السلامة” . ويؤكد سياسيون عراقيون عن “جسامة تحمّل مسؤولية محاسبة فاسدين مالياً أو متهمين بسرقات كبيرة” لأنهم في الغالب ينتمون الى جماعات تستخدم العنف في الدفاع عنهم وحمايتهم . وفي الوقت نفسه هناك 1552 دعوى ضد الفساد تُركت لأنّ المتهمين فيها أو المشتبه بهم، مشمولون بقانون العفو الذي يشكل “حماية لهم” ومثل هذا القانون لم يشرع لمعالجة قضايا الفساد إنما لتشجيع “المصالحة” بالعفو عن عناصر الميليشيات السابقة ممن لم يرتكبوا جرائم عنف . وقال مسؤول حكومي إن المواطنين يسمعون كثيراً عن قانون العفو عن جرائم الفساد بهدف تشجيع المصالحة لكنهم في حقيقة الأمر لا يجدون ظلالاً واقعية ملموسة للمصالحة “نفسها” بينما يستمر “الفساد” بالاستشراء متخذاً له أغطية كثيرة سياسية وعائلية وطائفية وإرهابية أو من خلال “العلاقات الحميمة” مع مسؤولين كبار في الدولة . وأبدى المسؤول رأياً بصدد “المصالحة” و”التسويات السياسية” مؤكداً أنها يجب ألا تتحوّل إلى شماعات تعلق عليها الأخطاء وجرائم الفساد وسرقات أموال الدولة وكل الانحرافات التي أصيب بها الجهاز المالي والإداري في الدولة العراقية