وزير الكهرباء يبحث مستجدات تنفيذ مشروعات «مصدر» الإماراتية في مصر    مصر تشجب إعلان حالة المجاعة في قطاع غزة    الأهلي بطلا لكأس السوبر السعودي على حساب النصر    استئناف الإسكندرية تفتح تحقيقات موسعة بصدد حادث الغرق الجماعي في شاطىء أبو تلات    توجيهات حكومية بسرعة إنهاء أعمال تطوير المواقع الأثرية بالإسكندرية    محافظ الغربية يفتتح قسم جراحة المخ والأعصاب بمستشفى كفر الزيات العام    مذكرة تفاهم بين جامعتي الأزهر ومطروح تتضمن التعاون العلمي والأكاديمي وتبادل الخبرات    وزير الصحة الفلسطيني: فقدنا 1500 كادر طبي.. وأطباء غزة يعالجون المرضى وهم يعانون من الجوع والإرهاق    بحوث الصحراء.. دعم فني وإرشادي لمزارعي التجمعات الزراعية في سيناء    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    مؤتمر ألونسو: هذا سبب تخطيط ملعب التدريبات.. وموقفنا من الانتقالات    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    قيادي بمستقبل وطن: تحركات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة ومشبوهة    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    وزيرا الإنتاج الحربي والبترول يبحثان تعزيز التعاون لتنفيذ مشروعات قومية مشتركة    منال عوض تناقش استعدادات استضافة مؤتمر الأطراف ال24 لحماية بيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث    "التنمية المحلية": انطلاق الأسبوع الثالث من الخطة التدريبية بسقارة غدًا -تفاصيل    50 ألف مشجع لمباراة مصر وإثيوبيا في تصفيات كأس العالم    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    ماذا ينتظر كهربا حال إتمام انتقاله لصفوف القادسية الكويتي؟    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء "سايس" على قائد دراجة نارية بالقاهرة    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    إزالة مزرعة سمكية مخالفة بمركز الحسينية في الشرقية    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    تكريم الفنانة شيرين في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته ال41    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطر الدول الفاشلة
نشر في أخبار مصر يوم 18 - 12 - 2009

عندما قرر الاتحاد السوفييتي سحب قواته أخيراً من أفغانستان عام 1989، خلف وراءه دولة مزقتها الحرب وسرعان ما دخلت في أتون حرب أهلية مرعبة، لتصل حركة "طالبان" إلى سدة الحكم هناك في نهاية المطاف. في ذلك الوقت تفادت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها المقربون في المنطقة والمتعاونون معها في توفير الدعم الرئيسي للمجاهدين الذين كانوا يخوضون الحرب ضد قوات الجيش الأحمر السوفييتي في أفغانستان، التورط في المأزق الأفغاني، وتخلوا جميعاً عن أفغانستان إثر الانسحاب السوفييتي. وبالنتيجة فقد تحولت أفغانستان إلى دولة فاشلة توفرت فيها أفضل الظروف المثالية لانتقال مقاتلي تنظيم "القاعدة" وقيادته بمعسكرات تدريبهم وخططهم الإرهابية للإقامة فيها والانطلاق من داخل أراضيها لتنفيذ عملياتهم فيما بعد. ومن فوق جبال أفغانستان تم تدبير هجمات 11 سبتمبر التي نفذت داخل الأراضي الأميركية في عام 2001. واليوم تحاول الولايات المتحدة الأميركية، ومعها 43 دولة أخرى من حلفائها، من بينهم 28 من أعضاء حلف "الناتو"، و15 دولة من خارجه، الحيلولة دون سقوط أفغانستان مجدداً في قبضة الحكم الطالباني. وكما نلاحظ فإن أحد أقوى المبررات لاستمرار العمليات العسكرية الجارية حتى اليوم هناك بقيادة أميركا وحلفائها الدوليين، هو منع عودة حركة "طالبان" إلى حكم كابول، بما يفتح الباب تارة أخرى أمام عودة تنظيم "القاعدة" إلى أفغانستان، حيث تتوفر له الملاذات الآمنة وميادين الانطلاق نحو عمليات أشد وحشية ودموية ضد خصومه الغربيين عامةً وأميركا على وجه الخصوص.
ثم هناك الصومال، وهي نموذج آخر للدولة الفاشلة، إذ ظلت تجتاحها الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي وإلى اليوم. وليست المشكلة الأمنية التي تواجهها الصومال قاصرة على النزاعات الداخلية من أجل السلطة والحكم فحسب، إنما تشمل كذلك سواحلها الممتدة لنحو 3 آلاف كيلومتر يسرح فيها ويمرح لوردات الحرب كما يشاؤون، وإلى جانبهم هناك مئات القراصنة الذين ينشطون في المياه القريبة من سواحلها حيث يقومون باعتراض السفن التجارية التي تمر من هناك في طريقها إلى السواحل الغربية من المحيط الهندي، وهي سفن ثمينة تدر عليهم بملايين الدولارات. هذا وتشير التقارير إلى أن نسبة 50 في المئة من هجمات القرصنة التي تتعرض لها السفن التجارية المارة بتلك السواحل لا يكشف عنها خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى إلحاق أضرار بالغة بسمعة وتدفق التجارة البحرية في تلك المياه. كما تشير المعلومات المتوفرة إلى أن نسبة 75 في المئة من تلك الهجمات تعود إلى أطقم السفن الداخلية، بمشاركة قبطان السفينة شخصياً. وبسبب الفقر المدقع الذي تعانيه الصومال، إلى جانب الغياب التام تقريباً لسلطة الحكم المركزي، فقد تحول نشاط القرصنة إلى نشاط استثماري حقيقي. ويذكر أن القراصنة الصوماليين عرفوا بنشاطهم المحموم، وبقدرتهم على توسيع وتنويع غنائمهم التي شملت الناقلات النفطية، إضافة إلى السفن التجارية وتلك التي تحمل شحنات الأسلحة المربحة. وكان الكثير من هؤلاء القراصنة صيادي أسماك تقليديين فقدوا مصدر رزقهم ومعيشتهم بسبب الفوضى التي عمت سواحلهم وسمحت لعمليات صيد الأسماك الأجنبية بسرقة أسماكهم دون وجه حق قانوني. ومما يذكر أيضاً أن السواحل الصومالية ظلت طيلة السنوات الماضية تتعرض لانتهاكات خطيرة جراء بعض العمليات الأجنبية وأنشطة السفن التي تلقي بكميات كبيرة من النفايات السامة في تلك السواحل، مقابل مبالغ مالية تدفع لبعض لوردات الحرب المتحكمين في مقاطع من سواحل البلاد، مع العلم أنها مبالغ أقل بكثير مما يجب أن تدفعه تلك الدول أو الشركات مقابل ممارستها الصيد أو إلقاء النفايات السامة في المياه الإقليمية الصومالية. وقد طفح بعض تلك النفايات إلى السطح إثر موجات التسونامي العاتية عام 2005، لتحدث تأثيرات صحية بالغة على الكثير من المواطنين.
وبعد أن تحولت القرصنة إلى خطر أمني جدي يهدد الملاحة البحرية في السواحل الصومالية، اضطرت في العام الماضي "القوات البحرية الدولية"، وهي القوات الدولية المعنية بمكافحة القرصنة، للتدخل بعملياتها هناك. وقد تشكلت هذه القوات بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبمساهمة من 22 دولة بينها بريطانيا، وفرنسا وألمانيا، وإيطاليا، والدنمارك، وأستراليا، ودول مجلس التعاون الخليجي، وباكستان... إلخ. ولهذه القوة الدولية حوالي 45 سفينة و15 طائرة تقوم بمهام الاستطلاعات والدوريات البحرية، يلاحظ أن ثلثها تقريباً ليس مملوكاً لأميركا. وإلى جانب الدول المذكورة، تساهم الصين والهند بنصيب مقدر من هذه العمليات. ورغم هذا الوجود الدولي الكثيف لقوات مكافحة القرصنة في السواحل الصومالية، يلاحظ أن نشاط القرصنة شهد ارتفاعاً هائلاً ومثيراً للقلق. وبسبب طول تلك السواحل وانعدام أي سيطرة حكومية وطنية عليه، فإنه من الطبيعي أن تعجز أفضل القوات البحرية العالمية عن السيطرة عليه.
وسواء بسبب النزاعات الدموية والحروب الأهلية التي أوقعت أفغانستان تحت سيطرة "طالبان" ثم تنظيم "القاعدة"، أم بسبب النزاعات نفسها التي سلمت مقاليد السلطة الحقيقية إلى أيدي لوردات الحرب والقراصنة في الصومال، فإن في النموذجين من خطر الدولة الفاشلة على الدول الإقليمية المجاورة لها، ما يكفي للفت نظر خبراء الأمن الدولي لأهمية الخطر الأفغاني على استقرار باكستان. وفيما لو لحقت باكستان بعضوية الدول الفاشلة، سواء بسبب نشوب النزاعات والحروب الأهلية فيها، أم جراء وقوعها تحت سيطرة إحدى الحركات أو الجماعات الراديكالية مثل "طالبان"، فإن من شأن ذلك أن يزعزع الاستقرار الإقليمي بأسره، طالما أن الخطر الأمني الذي يتهدده سوف يكون أسوأ من أفغانستان والصومال بكثير. ذلك أن لباكستان ترسانة نووية ضاربة يخشى منها، كما أن تعدادها السكاني يفوق ما لروسيا من كثافة سكانية كبيرة.
والحقيقة أن لتصور هذا السيناريو المرعب لدولة باكستانية فاشلة ما يبرره، نظراً لضعف حكومة إسلام آباد المنتخبة ديمقراطياً، إضافة إلى هشاشة الاقتصاد الوطني وتزايد مخاوف النخب المتعلمة من أن تتخلى واشنطن عنها وعن بلادها مثلما فعلت من قبل مع أفغانستان في عام 1989. لكن من المستبعد جداً أن تكرر الولايات المتحدة ذلك الخطأ، على أن يظهر الجيش الباكستاني ما يكفي من الالتزام بسحق المتطرفين وهزيمتهم، بدلاً من إنفاق ميزانيته الدفاعية -التي تسهم الولايات المتحدة الأميركية بنصيب مقدر من المساعدات فيها- على الإعداد لحرب جديدة مع عدوه التقليدي الهند.
* نقلاً عن جريدة "الاتحاد" الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.