يظنّ البعض أن الليبرالية هي شر محض، وأن كل الليبراليين في العالم هم ضد الدين، ويعارضون الشعائر، ويحاربون الله ورسوله، ويحقدون على الإسلام! ترسخ هذا الظن بعد حادثة إلغاء المآذن في سويسرا من قبل اليمينيين الذين يهيمنون على أوروبا حالياً ويظهر أنهم سيسيطرون عليها مستقبلاً. ولا نفرق بين اليمينيين والليبراليين، وننسى أن أفعالنا كانت هي التي طرحت المشروعية لليمين الأوروبي، فهم يجدون في تفجيرات لندن ومدريد ومحاولات الاغتيال والتخريب أكبر الأدلة على خراب المسلمين. من المهم التفريق بين اليمينيين والليبراليين، ذكرت صحف سويسرية الأحد أن الليبراليين في سويسرا يبحثون إجراء استفتاء جديد لإلغاء الحظر على بناء مزيد من المآذن في البلاد، وتعتزم مجموعة نادي هلفتيك التي تضم أكثر من 20 مفكرا سويسريا وضع خطة عمل لإلغاء الحظر الذي أثار انتقادات على نطاق واسع في الخارج ودفع المئات للخروج إلى الشوارع في مطلع الأسبوع في زوريخ وبازل وبرن. إنهم يدافعون عن الحريات في التدين، ويتمنون للمسلمين ما يتمنونه لغيرهم. هؤلاء هم الليبراليون حقيقة. مشكلة الكثير من المصطلحات الكبيرة، أنها تدنس عبر صراع التيارات من جهة، ومن جهة أخرى، عبر أتباع لم يفهموها، كما هو حال بعض الليبراليين في عدد من الأقطار العربية، الذين يقومون باستفزاز الآخرين، والاعتداء على خصوصية التدين، وعلى حرية التعبد. فيذهب البعض مشككاً وناقداً عنيفاً للإسلام من دون أن يكون ليبرالياً متوازناً في نقده، لهذا فإن المجتمعات الإسلامية، لديها حساسية شديدة من الليبراليين، بسبب ممارسات من لم يعرفوا الليبرالية حق المعرفة. قال أبو عبد الله غفر الله له: والبعض يظن أن الليبرالية، تيار واحد ووجه واحد، بينما هي ممارسات شتى، جِماعها الدفاع عن حريات الآخرين، وإتاحة المجال لهم لممارسة شعائرهم. وما دفاع هؤلاء المفكرين السويسريين عن المسلمين، إلا خير شاهد على الفرق بين فهمهم للمصطلحات وبين فهمنا لها. الليبراليون العرب رقصوا طرباً بقرار حظر المآذن، والليبراليون في أوروبا استاؤوا ويؤسسون جبهات للدفاع عن مآذننا! هل نعرف بعد هذا الحدث كيف نتعامل مع الأمم. اليمين الأوروبي النافذ ليس هو أوروبا، إنهم جزء من أوروبا، لديهم خطاب عاطفي جذاب، ويكسبون أصوات الناس، عبر تذكيرهم بجرائم أبنائنا، في بلادهم، من تفجيرات واغتيالات. ولولا أننا أخطأنا وأفسدنا في أوروبا، لما وجد اليمين أي مشروعية لقراراته. نقلا عن صحيفة الوطن السعودية