إبداعات أنامل الخطاطين والفنانين تتجلى على صفحات القرآن الكريم في سبيل الفوز بالثواب ونيل شرف المساهمة فى رسم حروف وأشكال المصاحف الشريفة التي أصبحت ميدانا خصبا للتنافس بين الفنانين في تجويد الخط العربي، ودقة الزخارف المذهبة، وتناسق الألوان ونضارتها، وروعة نقوش الغلاف الجلدي. مصاحف نادرة من أندر مخطوطات المصاحف في العالم التي تعد آية من آيات الفن الإسلامي الرفيع، صفحة رائعة من مخطوط قرآني كتب على الرق الأزرق النفيس النّادر بالخط الكوفي المذهب، ويعتقد أنه كتب بمدينة القيروان بأمر من الخليفة العباسي المأمون. وهناك صفحة أخرى نادرة من مخطوط قرآني كتب على الرق بالخط الكوفي المغربي المجود، مشكلة بالنقاط الحمراء، وتعد من أوائل المخطوطات التي تحولت الخطوط المائلة الصغيرة بها إلى نقاط لتمييز الحروف العربية المتشابهة. ومن أبرز المصاحف النادرة في مصر، مخطوط "ربعات أولجايتو" الذي كتبه الخطاط عبد الله بن محمد بن محمود الهمذاني، للسلطان أولجايتو خذ بنده محمد، ثامن سلاطين الدولة الإيلخانية بإيران عام 1284م، وقد كتبت أجزاء هذه الربعة بالمداد الذهبي المشعر بالمداد الأزرق، وأحيطت سطورها بالجداول والزخارف الذهبية، بحيث يتصدر كل جزء لوحتان منقوشتان بالذهب وبهما زخارف استهلالية هندسية، تتداخل فيها الدوائر والأشكال الخماسية والنجمية. وتضم قاعة العرض المُتحفي بدار الكتب مجموعة من أندر وأثمن المقتنيات التراثية تشتمل على 27 مصحفا مخطوطا يتميز بجودة الخط، وبراعة الزخرفة، وجمال نقوشه المحلاة بالذهب واللازورد. ومن أقدم هذه المصاحف، مصحف كتب في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، بخط كوفي على رق غزال. ومن المصاحف القيمة ذات الحجم الكبير نسخة بقلم ثلث جلي وبين سطورها ترجمة باللغة الفارسية، صنعت في الهند سنة 1331 ه، و تحتوي على7 جلدات، وغلافها من الفضة الخالصة المطعمة بالرقائق الذهبية والياقوتية. كما تميز العصر المملوكي بالثراء الثقافي وزخر بعدة نسخ من المصحف المخطوط، من بينها مصحف تحتفظ به دار الكتب المصرية كتب سنة 1243ه بقلم ريحاني، يعرف باسم (مصحف الملك الناصر محمد بن سيف الدين قلاوون)، مكتوب بماء الذهب ومشعر بالمداد الأسود بخط أحمد يوسف تركي. أما المخطوط الذي اشتهر ب(مصحف أماجور) في العصر العباسي بين عامى (256-264ه)، فمن أقدم المصاحف التي تحمل تاريخا محددا. وفي مكتبة سراي "طوبقابي" باسطنبول 10ورقات من مصحف شريف لنموذج بديع للخط الكوفي المزخرف، ويتجلى به مزج مداد السناج الأسود بالذهب، وكتابة علامات التشكيل باللون الأحمر مما أضفى جاذبية على شكل الكتابة، وقد حاكى فيه الخطاط أساليب المماليك في الكتابة الكوفية، والمذهل في هذه الأوراق الكتابة دون المساس بسطح الورقة بعد تشعيره بالذهب، فالخطاط حمزة الشرفي قام بكتابة الخطوط أكثر من مرة وهى واقعة نادرة، كما أن جلد المصحف مغطى بفتات الصدف، وفي ختام الصفحات نوه الخطاط إلى أن هذه الصفحات مقدمة إلى السلطان قنصوى الغوري. ومن المصاحف البديعة بمتحف الآثار التركية الإسلامية مخطوط من مدينة "هراة" الإيرانية بخط شمس الدين باسنقري، وفيه سورة الفاتحة وأول البقرة، وقد كتب بخط النسخ محاكاة لياقوت المستعصمي، ويعتبر تحفة فنية نادرة في خطه وزخرفته، فقد كتبت أسماء السور وعدد آياتها بالخط الكوفي بصحيفتى صدر المصحف، وزخرفت نهاية الآيات بأشكال زخرفية رقيقة، بينما رسمت أشكال تشبه الغيوم، ووحدات زخرفية نباتية بين السطور. وهناك مصحف نادر كتبه إمبراطور هندي منذ حوالي 400 سنه بخط اليد، يزن 13 كيلو جراما وطوله 39.51 سم وارتفاعه 20 سم. وتمت كتابته بخطوط ذهبيه وفضية ولكل ورقة من هذا المصحف رائحة عطر مختلفه عن الورقة الأخرى، والخامة المصنوعة منها صفحات المصحف مقاومة للحريق تجنبا للحوادث، وقد نجحت القوات الهندية في إحباط محاولة لسرقه هذا المصحف وبيعه مقابل 50 مليون دولار. كما تفنن الخطاطون في كتابة المصاحف بأشكال مختلفة وأحجام متفاوتة، فهناك المصاحف التي كتبت بأحجام صغيرة لا تتعدى السنتيمترات والمثمنات كمصاحف السناجق التي تعلق على الأعلام في الحروب وأخرى كتبت على صفحة واحدة أو ثلاثين ورقة أو على أوراق طوال محفوظة في علب من الفضة والذهب. بينما توجد مصاحف كبيرة بطول 140 سم وعرض 70 سم ووزن 154 كجم على الرقوق كما في المصحف الهندي الذي أهدي لمكتبة المدينةالمنورة.