أثارت العملية الأخيرة التي نفذها تنظيم القاعدة واستهدفت مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف، الكثير من علامات الاستفهام عن طبيعة الدور الذي يلعبه التنظيم في اليمن وخريطة توزعه في الأراضي اليمنية، والطرق والأساليب التي تسمح بتسلل عناصر القاعدة الفارين من الضربات المتواصلة التي توجه لهم في المملكة والذهاب إلى اليمن والعكس. وتشير مصادر يمنية إلى أن تمدد تنظيم القاعدة في البلدين (المملكة واليمن) يفرض على الأجهزة الأمنية فيهما رفع درجة التنسيق بينهما إلى أعلى مستوى بهدف تحجيم نشاط تنظيم القاعدة وشل حركته في المناطق التي يتواجد فيها، بخاصة في المناطق التي توفر له " أرضية خصبة للتوالد والتكاثر" . ومنذ مطلع العام الجاري والحكومة اليمنية تخوض حرب كر وفر مع خلايا القاعدة التي عادت إلى السطح بسلسلة الهجمات التي استهدفت سياحا أجانب ومصالح أجنبية عدة في أكثر من منطقة، ووجدت صنعاء نفسها في حرب مفتوحة ضد خلايا " القاعدة " توسعت تاليا إلى مثلث يضم محافظات الجوف، وشبوة ومأرب ؛ فضلا عن محافظة أبين الجنوبية التي تعد من أهم معاقل الجماعات الجهادية في اليمن، بالإضافة إلى المناطق الصحراوية في محافظة حضرموت، شرقي البلاد. وتقول دوائر أمنية يمنية إن هذه المحافظات تعد مسرحا لنشاط القاعدة في البلاد بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية التي تم تنفيذها من قبل خلايا جديدة ظهرت إلى السطح تحت مظلة " تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب "، وتورطت في تنفيذ العديد من الهجمات التي استهدفت المصالح اليمنية والأجنبية انتقاما لمقتل واعتقال بعض أعضائها ؛ في حين كانت تتبنى مخططات لهجمات ضد مرافق حيوية في اليمن والمملكة. ووضعت هذه التطورات في تكتيك الهجمات الإرهابية التي تتبناها القاعدة الحكومة اليمنية في موقف حرج للغاية مع حلفائها في الحرب على الإرهاب، بخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي رأت في ذلك تأكيدا لفرضيتها التي ترى أن اليمن لا يزال يمثل بيئة مثالية لنشاط " القاعدة " التي عاودت بناء نفسها في أماكن كثيرة في هذا البلد . وبدا أن هذه الفرضية صحيحة إلى حد ما بعد إعلان الأجهزة الأمنية اليمنية الكشف لأول مرة عن تنسيق بين خلايا التنظيم في اليمن والمملكة، حيث ينظر تنظيم القاعدة إلى المملكة واليمن كمربع جغرافي واحد، وهو المعطى الذي ضاعف من المخاوف من خطر تهديد القاعدة التي لوحت في بياناتها بأن المصالح الغربية في اليمن والمملكة أصبحت في مرمى نيران خلاياها . ولا يبدو أن هدف صنعاء مقتصر على ملاحقة خلايا وعناصر متورطة في عمليات إرهابية وحسب، إذ إن البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية تكشف عن نيات لدى السلطات اليمنية في مواصلة تفكيك الخلايا المتجددة وتقطيع أوصالها عن طريق ملاحقة مصادر التمويل التي تعتقد صنعاء أنها منتشرة في اليمن وخارجها ؛ فضلا عن التركيز على خيوط تكشف اتصالاتها بخلايا منتشرة في دول مجاورة. ويأمل المسؤولون اليمنيون، كما السعوديون، في تحقيق نجاحات جديدة ونوعية في تتبع وملاحقة الخلايا الكامنة في البلدين عن طريق التنسيق الأمني لمواجهة الخطر المتجدد للقاعدة . واعتبر مهتمون بشؤون الجماعات الإرهابية أن تزايد نشاط تنظيم القاعدة في اليمن ينفي ما تذهب إليه الحكومة من أنها تحكم السيطرة على تحركات الإرهابيين وتنظيم القاعدة، ويرى هؤلاء أن تنظيم القاعدة أراد أن يثبت من خلال الأحداث الإرهابية الأخيرة وجوده بقوة في اليمن في ضوء المعطيات والمتغيرات الهيكلية التي استحدثها التنظيم والتي كان من أبرزها نقل قيادة القاعدة في الجزيرة العربية من المملكة إلى اليمن.