اهتمت الصحافه العربية بالانتخابات الايرانية التي سوف تعقد غدا حذر رئيس المكتب السياسي ل «الحرس الثوري» يد الله جواني من مشروع «ثورة مخملية» في إيران عشية الاقتراع لانتخاب الرئيس الإيراني غداً. في الوقت ذاته، دخلت العلاقة بين الرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني مرحلة القطيعة النهائية ما يحتّم تخلي الأخير عن منصبه في حال فوز نجاد بالرئاسة. جاء ذلك بعد أيام من المهرجانات الصاخبة لأنصار المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي المدعوم من رفسنجاني، والتي تخللتها انتقادات شخصية حادة للرئيس بلغت حد اتهامه بالكذب وتبادل نجاد ورفسنجاني اتهامات بالفساد، قبل أن يوجه الأخير رسالة الى مرشد الجمهورية علي خامنئي يطلب فيها التدخل لوقف «الافتراءات» محذراً من «خطورة» البلبلة. وأبلغت الى «الحياة» مصادر قريبة من «الحرس الثوري»، ان أركانه مستاؤون من الرسالة التي وجهها رفسنجاني الى المرشد، ويعتقدون أن الرئيس السابق «يحاول إسقاط نجاد بأي وسيلة». وأصدر «الحرس» بياناً اعتبر فيه الانتخابات «إحدى ساحات الاختبار الكبرى للشعب الإيراني». وأضاف البيان الذي أوردته وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا)، ان المشاركة الكثيفة في الاقتراع ستؤدي الى «الهزيمة الحتمية لاستراتيجية أميركا والغرب، واستمرار صمود الشعب الإيراني وثباته أمام أطماع قوى الهيمنة والغطرسة». وأبدى «الحرس» في البيان «عتبه لمواقف وإجراءات بعض الأفراد والتيارات»، مشدداً على «أولوية المصالح والمنافع الوطنية وترجيح ذلك على المصالح الشخصية والحزبية». ونسبت وكالة «رويترز» الى جواني قوله: «يكشف استخدام أحد المرشحين لوناً محدداً للمرة الأولى، بداية مشروع ثورة مخملية»، في إشارة الى اللون الأخضر الذي اختارته حملة موسوي. في الوقت ذاته، أوصى مجلس صيانة الدستور بوقف تظاهرات الإصلاحيين في الشوارع، باعتبار ان استمرارها بعد انتهاء الحملات الانتخابية، يشكل مخالفة للدستور. ورأى الناطق باسم المجلس عباس علي كدخدائي في مؤتمر صحافي أمس، انه «لا يحق لكبار المسؤولين في النظام التدخل في الحملة الانتخابية»، غامزاً بذلك من قناة رفسنجاني باعتباره غير مرشح. وعزا عدم السماح للأخير بالظهور عبر وسائل الإعلام الرسمية لدحض اتهامات نجاد له بالفساد، الى ان القانون «لا يسمح ألا للمرشحين بالرد على نظرائهم». وأشار الناطق باسم المجلس الى إجراءات ستُتخذ لمنع «المضايقات» في الشوارع، في إشارة الى المهرجانات الليلية لأنصار موسوي. معروف إن مجلس صيانة الدستور يرأسه احمد جنتي المقرب من خامنئي. وعلمت «الحياة» ان رفسنجاني ابلغ مقربين منه رغبته في التخلي عن مناصبه الرسمية في حال فوز نجاد، لاستحالة التعايش بينهما. وقالت مصادر مطلعة في طهران ل»الحياة» ان البيان الذي اصدره 14 رجل دين في قم تأييداً لرفسنجاني، هدفه التأثير على الناخبين في الأرياف حيث يتمتع نجاد والمرشح الآخر المحافظ محسن رضائي بتأييد، فيما ينحصر التأييد لموسوي والمرشح الإصلاحي الآخر مهدي كروبي في المدن. وأضافت المصادر ان رجال الدين الذين اصدروا البيان، هم من «جمعية التدريسيين» التي تميل الى الإصلاحيين، ولا تزال تتمتع بنفوذ لدى بعض الأئمة في الأرياف. وقارع نجاد خصومه أمس في «عقر دارهم» في طهران، اذ حشد عشرات الآلاف من مؤيديه الذين ساروا من ميدان الثورة الى ساحة الحرية حيث تقام مناسبات الاحتفال بذكرى الثورة. واتهم نجاد موسوي بالكذب حول الوضع الاقتصادي للبلاد، مندداًبالانتقادات التي وجهها إليه موسوي وكروبي ورضائي. ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عنه قوله: «بفضل الله، سترسلهم الأمة الإيرانية إلى قعر التاريخ». وجدد مهاجمة رفسنجاني، متعهداً «قطع أيدي من نهب ثروات البلاد»، إذا أعيد انتخابه. وفي جريدة الشرق الاوسط تناولت ايضا انتخابات الرئاسة الايرانية وظهور توتر بين المرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئي ورئيس مجلس الخبراء الإيراني هاشمي رفسنجاني إذ انتقد رفسنجاني صمت خامنئي بعد الاتهامات التي وجهها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى رفسنجاني. ووجه رفسنجاني رسالة بهذا المعنى إلى خامنئي في مبادرة فريدة علنية قبل أقل من 48 ساعة من الانتخابات. وخلال مناظرة تلفزيونية اتهم أحمدي نجاد، الذي رشح نفسه لولاية جديدة، رفسنجاني ونجله بالفساد. وهذه الاتهامات العلنية غير معهودة خصوصا أنها تطال أحد رجال الثورة التاريخيين وأحد كبار المسؤولين في النظام الإيراني. و أوضح رفسنجاني أنه «طالب أحمدي نجاد بأن يسحب كل الاتهامات الموجهة إليه وإلى نجله تفاديا لملاحقات قضائية» وأنه «طلب من الإذاعة والتلفزيون منح الأشخاص المتهمين حق الرد». وأضاف رفسنجاني «لكن هذين الاقتراحين رفضا واختار المرشد الأعلى أن يلزم الصمت» مضيفا أنه «على الشباب أن يعرف الحقيقة». والرئيس السابق (1989 1997) هو حاليا رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، هيئة التحكيم بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور. واتهم أحمدي نجاد رفسنجاني بأنه خصمه الحقيقي في الاقتراع في 12 يونيو (حزيران)، مؤكدا أنه يدعم المرشحين الآخرين على حسابه. وركز أحمدي نجاد خلال مناظرته التلفزيونية على اتهام خصمه الرئيسي رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي بأنه أداة في يد رفسنجاني. وأكد المرشد الأعلى قبل الحملة الانتخابية أنه لن يدعم أي مرشح. لكنه قدم مواصفات للرئيس المثالي تنطبق على تلك التي يدعي أحمدي نجاد بأنه يتمتع بها. وأراد الرئيس الإيراني بذلك الإشارة إلى دحض المرشحين الآخرين للرسوم البيانية التي عرضها في مناظرات متلفزة كإثباتات على تأكيده أن الوضع الاقتصادي الإيراني في تحسن. وندد المحافظ محسن رضائي، «بتلاعب (الرئيس) بالأرقام». وأفاد التلفزيون الإيراني أنه سيمنح أحمدي نجاد 25 دقيقة على حد أقصى من أجل مداخلته. كما اتهم نجاد منافسيه في الانتخابات أمس بتبني أساليب تجريح استخدمها الزعيم النازي أدولف هتلر لتشويه سمعة منافسيه وقال إنهم قد يواجهون السجن لإهانته. وقال أحمدي نجاد إن منافسيه خرقوا القوانين بإهانتهم للرئيس. وأبلغ مؤيدين تجمعوا أمام جامعة شريف بطهران «ليس لأحد الحق في إهانة الرئيس وهم فعلوا ذلك. وهذه جريمة. الشخص الذي أهان الرئيس يجب أن يعاقب والعقاب هو السجن». وأضاف الرئيس الإيراني «إهانات واتهامات من هذا القبيل ضد الحكومة هي عودة لأساليب هتلر وهي أن تكرر الأكاذيب والاتهامات حتى يصدق الجميع تلك الأكاذيب». وإهانة مسؤولين كبار ومن بينهم الرئيس جريمة في إيران تصل عقوبتها القصوى إلى السجن عامين. وانعكست المشادات الانتخابية الغاضبة في مدينة قم المقدسة لدى الشيعة وهي مركز ديني رئيسي في الجمهورية الإسلامية حيث عبر 14 من رجال الدين عن «قلق وأسف عميقين» من الضرر الذي لحق بصورة إيران جراء تلك الإهانات والاتهامات السياسية. وقالت جماعة أخرى إن رفسنجاني سيكون مسؤولا إذا تصاعد التوتر وتحول إلى عنف. وشهدت الحملة الانتخابية، التي أستمرت ثلاثة أسابيع زيادة التأييد لموسوي الذي كان بعيدا عن دائرة الضوء السياسي منذ عمل رئيسا للوزراء خلال الحرب مع العراق بين عامي 1980 و1988. ويتهم موسوي أحمدي نجاد بعزل إيران بهجومه اللاذع على الولاياتالمتحدة وبنهجه المتشدد فيما يتعلق بسياسة إيران النووية وبإنكاره المحرقة. كما يؤيد موسوي تخفيف التوترات النووية بينما يرفض مطالبة طهران بوقف عملها النووي الذي يخشى الغرب أنه قد يستخدم في صنع قنابل. وتقول إيران، خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، إن برنامجها النووي سلمي. ولن تغير انتخابات الجمعة سياسة طهران النووية التي يقررها الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، لكن فوز موسوي قد يمهد الطريق أمام علاقات تقوم على قدر أقل من المواجهة مع الغرب. ويرى محللون أن الرئيس الإيراني المقبل سيتولى مهام منصبه في لحظة حاسمة في تاريخ السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية بعد أن عرض الرئيس الأميركي باراك أوباما فرصة بدء فصل جديد في العلاقات بين البلدين. لكن الآن أصبحت الفرصة سانحة أمام إيران لإصلاح ثلاثة عقود من العلاقات السيئة مع واشنطن واللجوء إلى حل يتم التوصل إليه بالتفاوض للأزمة النووية مع الغرب والتي شهدت فرض مجلس الأمن الدولي ثلاث مجموعات من العقوبات على طهران. إلا أن الرابح في الانتخابات الإيرانية الرئاسية المقبلة سيلعب دورا كبيرا في تطبيق تلك السياسة والتعامل مع ما يمكن أن يصبح نقطة تحول في العلاقات الإيرانية مع العالم الخارجي. تركيز السياسة الإيرانية الخارجية بعد الانتخابات سيتمحور حول كيفية الرد على مبادرات أوباما وإدارة المحادثات النووية مع القوى العالمية». وأضاف أنه «حتى الآن كان من السهل على إيران مهاجمة الولاياتالمتحدة خاصة بعد ما قاله بوش.. ولكن في ظل إدارة أوباما تغيرت الأمور». يسود اعتقاد بين القادة الإيرانيين أنه في حال الضرورة فإن لدى أوباما ما يجعل العالم ينقلب ضد إيران، وهذا هو السبب الذي يجعل من الواجب على القادة الإيرانيين حل كافة القضايا العالقة مع واشنطن في ظل إدارة أوباما». وبعيد تسلمه منصبه في يناير (كانون الثاني)، قال أوباما إن إدارته مستعدة لتمد يد الدبلوماسية إلى إيران إذا «خففت قبضتها».