جريدة نيويورك تايمز الامريكية تناولت في مقال لها نموذجاً يعكس حياة المراة المسلمة المهاجرة إلي الولاياتالمتحدة ، يركز على حياة فنانتين احداهما باكستانية و الاخرى ايرانية وذلك عن طريق استعراض اسلوبهما و خطهما الفنى وايضا ملابسات حياتهم اليومية و مفاهيمهما الاسلامية و تأثر و تأثير البيئة الغربية عليهما و بالتالى على طابعهما الفنى .. " بعد علاقة طويلة استمرت عبر الهاتف ، تزوجت أسما أحمد Asma Ahmed وهى رسامة من مدينة كراتشيالباكستانية ، من رفيع الدين شيكوا Rafi-uddin Shikoh ، الخبير الاستشاري للأعمال التجارية في نيويورك ، في عرس تم عن طريق كاميرا الويب عبر شبكة الانترنت .و قد اقامت العروس الجديدة فى حى كوينز بمدينة نيويورك عام 2002 ، ومنذ ذلك الوقت حاولت أن تجد نفسها من خلال الفن . في باكستان كانت اعمال السيدة شيكوا الفنية فى معظمها ذات صبغة اجتماعية سياسية ، وعبرت عما اعتبرته استعمار وغزو امريكى لبلادها بسلاسل مطاعم الوجبات السريعة ، على سبيل المثال ، لوحة اطلقت عليها اسم "الغزو" جعلت فيها دونالد ماكدونالدز يرتدي زى المهرج بشعر مستعار احمر نارى ، ويحيط نصب تذكاري في وسط كراتشي. اما هنا فى الولاياتالمتحدة ، فقد حدث تحول عميق لفنها فاصبح اكثر ارتباطا بالشخصية مع هويتها الجديدة كمهاجرة ، و قد كانت أول لوحاتها فى امريكا "تمثال الحرية" الذى اعادت بنائه كصورة من بلدها : فجعلتها امراة باكستانية فى فستان الزفاف ،و اصبح التمثال جزء من سلسلة لوحات اتخذت فيها "اسما" من التمثال موضوعا للوحاتها فجعلت منه على سبيل المثال امراة باكستانية تحمل طفلها و تحتضنه . وكان عملها الفنى الثانى هو انها حولت خريطة المترو لمدينة نيويورك الى مخطوطة بلغتها الام " الاردية " وهو ماجعلها تحس بالالفة و الاعتياد على المدينة . وأخيرا ، في عام 2006 ، اتخذت القرار الصعب بتغطية شعرها ( ارتداء الحجاب) ، متاثرة بالمرأة المسلمة فى الولاياتالمتحدة التي تتمكن من الجمع ما بين الإيمان والطموح الوظيفي ، تتشابه السيدة شيكوا البالغة من العمر 31 عاما مع نظيرتها الفنانة الايرانيةالامريكية نيجار احكمى Negar Ahkami البالغة من العمر 38 عاما وهى انيقة سوداء الشعر ،ويتشاركان جدران معرض جديد اقيم في المنتدى الثقافي النمساوي في مانهاتن ، تحت اسم : "الخفى و المرئى :اكتشف الحجاب " . احكمى ، ترعرعت فى ضاحية نيو جيرسي ، وتعتبر نفسها فقط من الناحية الفنية " مسلمة " وفقد لعبت بالصور النمطية للمرأة في منطقة الشرق الأوسط الغريبة في فنها. الفنانتان المسلمتان ، كلتاهما فى الثلاثينيات ، وهما أمهات لأطفال صغار ، و يعيشان في منطقة نيويورك.وكلتاهما تستكشفان هوياتهما وخلفياتهما في أعقاب احداث 11 سبتمبر . فتعملان على خلق نوع جديد من فن إسلامي ، حديث ،غربى يركز على العنصر الانثوى و هو ما يؤكده " ديفيد هاربر David Harper وهو القيم على المعرض النمساوي فيقول " المرأتان من أصل مسلم ، و تحاول أسما و نيجار اكتشاف هويتهما ، والنظر إلى نفسيهما وتراثهما وتجاوز القوالب النمطية ، و " المثير للاهتمام أن الاثنتين اوجدتا اسلوبين مختلفين بشدة من المنظور الامريكى ". معرض "الخفى و المرئى " المستمر منذ 29 اغسطس ، يضم اعمال 15 فنانا ، بينهم 13 امرأة ، لكن "اسما و نيجار" هما الوحيداتان المقيمتان بالولاياتالمتحدة . المعرض جزء من فعاليات " مهرجان الاصوات المسلمة " الذى نظمته أكاديمية بروكلين للموسيقى ، وجمعية آسيا وجامعة نيويورك ومركز الحوارات. و تحاول الفنانتان المسلمتان من خلال اعمالهم فى المعرض إضفاء الطابع الإنساني على الحجاب.و قد نهجت " اسما " طريق جدي عميق.بلوحتها "خلية النحل"وهى عبارة عن خلايا النحل المحشوة بالاوشحة الملونة و هى ترسل رسالة على لسان العديد من النساء الامريكيات المسلمات تقول لدينا الجراءة و الطموح و نرتدى الحجاب " . وفي المقابل مجموعة " نيجار احكمى " من التماثيل والتى اطلقت عليها اسم " الدمى الفارسية " فهى ساخرة ولاذعة لكنها واضحة المدلول وتتألف من ثمانية من الدمى متدرجة الاحجام ، الوانها زاهية .. الاوجه ذهبية اللون . الدمية الكبرى صارمة ، ذات جبهه عريضة ترتدى الزى الايرانى الاسود الكامل(الشادور ) . بينما الدمي الاصغر فالاصغر ترتدى مزيج من الحجاب او فساتين . وهنا تقول "نيجار"كافحت صور خرس ، ونكد المرأة الإيرانية بزى الشادور الاسود الكامل ، بالنسبة لي هذه الصور لا تعبر عن حقيقة المرأة الإيرانية أكثر من كونها صور لحريم القرن التاسع عشر ". و"نيجار " هى بالدرجة الاولى رسامة على الرغم من مجموعتها النحتية "الدمى الفارسية " ،وهى تحاول من خلال لوحاتها سرد التفاصيل بالجمع بين الجمال الفارسي مع العرى النفسي فى الفن الغربي .. وهنا تقول "لقد شعرت دائما أن من الضرورة ان يكون هناك فن اسلامي تعبيري". و تضيف "لطالما اردت ان يكون بالاخص فن فارسى تعبيرى ، وهو أمر رائع يمكن صقله" لقد كانت "نيجار احكمى" طفلة لوالدين ايرانيين هاجرا بالستينيات للولايات المتحدة ، عاشت طفولتها فى كليفتون ، ونيوجيرسي ، و قد قضت اشهر صيف ساحرة في ايران و حتى قيام الثورة الاسلامية عام 1979. ومع أزمة الرهائن ، اصبح عالمها نصفين ، مما جعلها تشعر وهى طفلة بالفوضى و الانقسام فتقول "وفي الوقت الذي كنت أحاول استيعاب الامر ، كان مربكا للغاية بالنسبة لي"فقد ولدت هنا ، بينما اصلها على الجانب الاخر فى ايران الفنانة الشابة الحساسة ، لم تستطع ان تفعل شيئا حينما اطلق احد زملاها فى الدراسة عليها اسم " ايه الله " لم تستطع مواجهه الصور النمطية التليفزيونية عنها و عن اسرتها. بعد سنوات حينما تعلمت مهارات الرسم فى مركز الفنون بنيويورك ، تعلمت اخراج هذه الاحاسيس فى لوحاتها و لكنها دفعت بها بعيدا عن ثقافتها .. ولكنها تمكنت من اعادة الاتصال بجذورها اثناء دراستها بجامعة كولومبيا في أواخر الثمانينيات حيث درست تاريخ الفن ولاحظت العلاقة بين الفنون الغربية والفارسية التى ينفيها الأكاديميين . وقد ظلت تمارس الفن حتى اثناء دراستها للحقوق بجامعة جوتنبرج تاون وبعد التخرج عملت أولا فى شركة للمحاماة ، وبعد ذلك في الادارة القانونية لمتحف الفن الحديث . وحينما اصبحت فى سن الثلاثين قررت " نيجار" أن تترك عملها حتى تتمكن من التفرغ للرسم و كان اخر اسبوع عمل لها أسبوع 11 سبتمبر 2001. إذا كانت " نيجار" من الجيل الأول الامريكى الذى ينظر خلفه و لوطنه بشىء من التعقيد ، فان الباكستانية " اسما " تعد حديثة نسبيا من بين المهاجرين ، ومعظمهم ينظر إلى الأمام.. فتقول "اسما "وهى تقف بجوار الجراج بمنزلها الكائن فى منطقة مارلبورو بنيو جيرسى " "لم اشعر ابدا بهذه السعادة و الحرية " . في كراتشي ، كانت "اسما " تعتبر المرأة التي تغطي شعرها من مخلفات الماضي. فقد قامت جدتهابخلع الحجاب خلال حقبة الاستعمار البريطاني ، ووالدتها كانت أول امرأة في العائلة تتلقى تعليمها الجامعى . وتتذكر " اسما" زى العباة الموحد الذى كانت ترتدية المرأة في بلدها اثناء الدراسة الجامعية . لم تخرج من كراتشي أبدا حتى انتقلت إلى نيويورك ، ولم تكن تتوقع مزيج الرعب و الاحساس بالقطيعة والغربة التى شعرت بها حينما وصلت ."هنا كنت أنظر الى مدينة جديدة ضخمة متسائلة :' كيف أجعل هذا بيتي وبلدي؟ '". فنيا تحولت " اسما " الى تمثال الحرية وترجمة خريطة مترو الانفاق "للاوردية" . اجتماعيا بدأت زيارة أحد المساجد. . و هنا تقول "أعتقد بأنه كونك من الأقليات ، يجعلك تبحث عن من هم على شاكلتك " مضيفة "لم ارتاد المساجد ابدا في باكستان. لكن المسجد هنا بمثابة مركز اجتماعي ، وهنا ما اكتشفته . ومن ثم اتخذت بعض الأصدقاء من المسلمين ، وهذا فتح عيني. فقد كان هناك نساء تقدميين وعصريين ويرتدون احدث صيحات موضة و يرتدون الحجاب ". وتعبر " اسما "عن تجربتها مع قرار الحجاب بقولها "كان لي الحرية في هذا البلد لاتخاذ القرار والاختيار .. وهنا فى امريكا الناس تدعك تعيش حياتك كما تريد ." ومنذ ارتدائها الحجاب بدات "اسما" فى حفظ ما تعرفه ب"يوميات الحجاب"فيوميا تعمل على لوحه او مقصوصة فنية تتضمن نموذج او شكل غطاء للرأس ، وأحيانا بشكل هزلي تماما . بعد ذلك ، ركزت على تحويل الامر من فن ذاتى الى فن جماعى فدعت الاصدقاء و نشرت عبر الانترنت رغبتها فى خلق عمل جماعي لارساء "فن الحجاب" .. و قد تلقت الفنانة الباكستانية الاصل 200 ردا في غضون اسبوعين ول " اسما" ايضا سلسلة من لوحات كبيرة عن بطلات مسلمات امريكيات مستوحاة من قصص الأصدقاء : طبيبة ، وهو محامية وكاتبة. هن سيدات مسلمات قويات من نيويورك يساهموا فى دعم و انقاذ المدينة يوميا وعلى النقيض و المقارنة بما حدث في 11 سبتمبر . و هكذا تحولت اعمال "اسما " الى الجانب الاجتماعى السياسى فى الولاياتالمتحدة و لكن اكثر حميمية مما كان عليه الامر فى باكستان.