ترصد الباحثة المصرية عفاف عبد المعطي مشهد الكتابة النسوية في بلادها في ضوء الواقع السياسي منذ ثورة 1919 حتى نهاية حكم الرئيس السابق أنور السادات ، حيث ترى أن القضايا كانت واضحة وتتمثل في التحرر الاجتماعي للمرأة ومشاركتها في هذا التحرر . لكن عفاف عبد المعطي في كتابها (المرأة والسلطة في مصر) رأت ألا تغلق القوس الزمني فتركت بابا مواربا حيث تناولت أعمالا إبداعية نشر بعضها في بداية القرن الحادي والعشرين كعينة ممثلة "لجيل جديد من الكاتبات أفرز النظام العالمي الجديد تواجدهن" بالتزامن مع اهتمام نقدي في السنوات الاخيرة بالادب الذي تكتبه المرأة. وصدر الكتاب في القاهرة عن دار الهلال ويقع في 308 صفحات ، وأوضحت الباحثة فى الكتاب أنه بعد ثورة 1919 تبنت المرأة الكتابة الصحفية وأصدرت مجلات نشرت من خلالها مبادئ التحرر ، كما شهدت تلك الفترة ظهور أعمال إبداعية قليلة نسبيا مثل مجموعة قصصية بعنوان (حكايات جدتي) لسهير القلماوي عام 1935 ورواية (الجامحة) لامينة السعيد عام 1950. واستدركت قائلة "لكن بذرة التحرر التي غرستها الرائدات بمساعدة من حالفهن من الرجال لم تؤت ثمارها حيث تعارض مع خطاب المرأة المائل الى التحرر خطاب آخر للرجل يطالبها فيه بالعودة الى المنزل" في أواخر الاربعينات وبداية الخمسينات. واللافت للانتباه أن تصدر نساء مجلات مثل ملكة سعد التي أصدرت عام 1919 مجلة (الجنس اللطيف) منادية بضرورة تعليم المرأة المصرية التي لم تكن في نظرها أقل من نظيرتها الاوروبية كما دعت النساء للذهاب للجمعيات للتباحث مع رفيقاتهن "عما يدور في البلاد وتبدين رأيكن" كما أصدرت بلسم عبد الملك مجلة (المرأة المصرية) ولبيبة أحمد مجلة (النهضة النسائية) وفاطمة اليوسف مجلة (روزاليوسف) وهدى شعراوي مجلة (المصرية) ونبوية موسى مجلة (الفتاة). وقالت عفاف عبد المعطي انه بعد ثورة 23 يوليو تموز 1952 نالت المرأة حظا أكبر من التعليم الجامعي وقدمت اسهامات ابداعية "لكنها كانت منصرفة عن المشاركة بالدور السياسي الفاعل في المجتمع ولم تكرس جهدها الادبي لتعضيد مبادئ الثورة" وان كانت رواية (الباب المفتوح) 1960 للطيفة الزيات أدرجت في سياق محاربة الاستعمار. وأضافت أن السبعينات شهدت "انفتاح المرأة على قضايا مثيرة في الكتابة مثل الجسد والجنس وان كان ذلك بشكل يفتقر الى البعد الفني الا أنه يخترق منطقة محرمة .. موضوعات لم يكن للمرأة عهد بها مثل وصف الكبت الجنسي الذي تعانيه المرأة تحت سطوة المجتمع المغلق." وقالت ان هذا التراكم من الخبرات في الحياة والكتابة أثمر في العقدين الاخيرين "تدفق الكتابة النسوية .. تجارب مليئة بوعي المرأة المأساوي" تبحث عن الحرية بالتمرد على ما يمثله الرجل في النظام الاجتماعي والتنظير النقدي معا. وينتصر الكتاب -وان لم تصرح المؤلفة بذلك- للجيل الحالي من كاتبات القصة القصيرة والرواية.. فباحصاء سريع يتضح أن عدد من تناولت أعمالهن المنشورة في السنوات الثماني الاخيرة يزيد على عدد الكاتبات طوال ثمانين عاما في القرن العشرين حيث اكتفت بعضهن بكتابة رواية أو مجموعة قصصية واحدة ثم اتجهت الى الكتابة السياسية أو الصمت الذي لا علاقة له بالسلطة السياسية التي لم تكن في معظم الفترات عائقا أمام أي موهبة (رويترز)