الوقت البحرينية - محرر الشؤون السياسية: ‘'معسكر سلام بحري''.. ‘'قاعدة عسكرية فرنسية'' في أبوظبي، تسميات لشيء واحد، وهي أول قاعدة دائمة لفرنسا في قلب الخليج.. مكان ‘'المعسكر'' تم اختياره في موقع متميّز ومثير، حيث شيدت القاعدة بالقرب من مضيق هرمز في مقابل إيران؛ وهذا يعني أن باريس وضعت موطئ قدم لجيشها بمحاذاة طهران، وفي قلب الخليج العربي، ولكن السؤال المشروع: لماذا هذه القاعدة؟ أبوظبي وباريس تملكان من المبررات الوجيهة لإنشاء هذه القاعدة وفق مصالحهما، على اعتبار إنها ‘'تُرسخ الأمن والاستقرار والسلام، وتحمي الممر المائي بالخليج''، كما أنها ‘'تُشكل مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين في إطار معاهدة الدفاع المشترك التي تم توقيعها سابقا''، والأهم وفق الرئيس الفرنسي ‘'ليست موجهة ضد أحد، لكنها تعكس رغبة فرنسا في مساندة الإمارات عند الحاجة''، مشيرا إلى أنها ‘'دليل على الثقة المتبادلة بين البلدين في المجال العسكري''. ربما الهدف أيضاً، مكافحة القرصنة، بمشاركة القاعدة الفرنسية في جيبوتي، إضافة إلى تثبيت الاستقرار الإقليمي وفق تطور العلاقات السياسية لتخدم أهداف الدولتين، غير أن جمهورية إيران الإسلامية ترى الأمر مخالفا لذلك، باعتبار ‘'إقامة قاعدة فرنسية على أراضي الإمارات لا يخدم أمن المنطقة، بل سيزيد من التوتر''، في حين تعتقد الإمارات، وربما آخرون أيضاً، أن التوتر في الأصل موجودة بتصريحات وتهديدات المسؤولين الإيرانيين، ومنها ‘'التهديدات النارية بإغلاق مضيق هرمز''. التطورات السريعة في المنطقة، تعطي المحبين للسلم العالمي مؤشرات متناقضة، (مع الشيء وضده في آن)؛ فهم يرفعون شعار: ‘'لا للقواعد العسكرية الأجنبية في منطقتنا!!''، لكنهم يصطدمون بتهديدات ما فتئت باستخدام القوة من دولة قوية ضد دولة لا حول لها ولا طول، فتستنجد بالأجنبي الأقوى لحمايتها، وكأننا نَحِنُّ للماضي الاستعماري البغيض. وهكذا، فهذه القاعدة الجديدة التي شيدت في أبوظبي، تضم خدمات جوية وبرية وبحرية للجيش الفرنسي، إضافة إلى500 عسكري، يضاف إليها استضافة غواصات واستقبال حاملات طائرات نووية، في تزامن مع توقيع ‘'اتفاقية دفاعية جديدة تتيح اتخاذ إجراءات عسكرية في حال تعرض أرض الإمارات لخطر''، بينما صحيفة ‘'لوموند'' الفرنسية اليومية تنقل عن مصدر دبلوماسي قوله ‘'إذا ما شنت إيران هجوما على الإمارات، فإنها ستكون بذلك تهاجم فرنسا أيضا''.. والبقية تأتي هذه التكهنات عن مغزى وجود هذة القاعدة الفرنسية ربما يجيب عليها مقال نشر في "لوموند" الفرنسية التي قالت: التمركز عسكرياً وبصورة دائمة في منطقة الخليج، بالتضافر مع مبيعات تكنولوجيا متقدّمة ومبيعات طائرات لإمارات الخليج الغنية: هذان هما الهدفان، اللذان اختارتهما ديبلوماسية نيقولا ساركوزي. ويلاحظ أن إفتتاح القاعدة البحرية الفرنسية جاء بعد إسبوع من إطلاق صاروح "سجيل-2" الإيراني الذي يصل مداه إلى 2000 كيلومتر، مما يجعله قادراً على الوصول إلى إسرائيل، والدول العربية، وجنوب أوروبا.