وزير الاتصالات: قطاع تكنولوجيا المعلومات الأعلى نموًا بالدولة للعام السابع على التوالى بمعدل يصل ل 16%    حزب "المصريين": الدولة قادرة على ملاحقة المحرضين عبر الفضائيات الخارجية مهما طال الزمن    أزمة فسخ عقد محمود بنتايج مع الزمالك: موقف اللاعب والإدارة    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    عبقرية مصر الرياضية بأفكار الوزير الاحترافية    مصرع مسن أسفل عجلات القطار بسمالوط    مع «أم كلثوم»    محافظ الإسكندرية: استعداد تام للتعامل مع أى تقلبات جوية أو هطول أمطار    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    ضبط القائمين على إدارة مصحة غير مرخصة بالبدرشين    موعد ومكان عزاء المخرج عمرو بيومي    ضبط مخالفات انتخابية متعددة بقنا وسوهاج خلال متابعة العملية الانتخابية (صور)    محرز يقود هجوم الجزائر ضد بوركينا فاسو فى أمم أفريقيا 2025    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    طارق إمام: الكتابة بالنسبة لي اكتشاف لا نهائي لأراض فنية مجهولة أو مهمشة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    أمم أفريقيا 2025| التشكيل الرسمي لمنتخب بوركينا فاسو أمام الجزائر    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    الاحتلال الإسرائيلي يغلق بوابة "عطارة" وينصب حاجزا قرب قرية "النبي صالح"    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارين بموسكو على الإغلاق لساعات    الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية تحتفل بيوبيلها الفضي.. 25 عامًا من العطاء الثقافي وصون التراث    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    وزير الخارجية: مصر لا يمكن أن تقبل باستمرار القتل والتدمير الممنهج لمقدرات الشعب السوداني    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    انطلاق الانتخابات التشريعية في ميانمار    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    بعد قضاء مدة العقوبة.. إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    بث مباشر الأهلي والمصرية للاتصالات اليوم في كأس مصر 2025-2026.. صراع الكأس يبدأ من استاد السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفلام الرعب‏..‏ المتهم الغائب في حوادث العنف‏
نشر في أخبار مصر يوم 18 - 05 - 2009

'‏قاتلة زوجها بالإسكندرية‏,‏ وأبناؤه‏,‏ استلهموا أحداث الجريمة من فيلم سينمائي‏..‏ المتهمة كتمت أنفاس الزوج‏,‏ وأبناؤه الثلاثة شلوا أطرافه‏..‏ بعد أن ضاقوا ذرعا بتصرفاته ونزواته المتعددة‏,‏ إذ شلوا حركته حتي فارق الحياة‏,‏ وحاولوا التخلص من جثته بأكثر من طريقة‏,‏ من بينها الحرق‏,‏ لكنهم قرروا في النهاية تقطيع جثمانه باستخدام أدوات المطبخ‏,‏ متأثرين بأحداث أحد الأفلام السينمائية‏'.‏
هكذا جاء الخبر الرئيسي بصفحة الحوادث بجريدة الأهرام يوم الأربعاء الماضي‏,‏ وقبله بيوم تناول الخبر الرئيسي بالصفحة نفسها تفاصيل مذبحة حلوان التي قام فيها سائق بقتل مطلقته ووالديها وشقيقها وخطيبها وإصابة طفلته‏,‏ إلي أن دل عليه الناجي الوحيد‏,‏ وهو ابنه أحمد الذي قال في النيابة إنه شاهد والده‏,‏ وهو يرتكب الجريمة البشعة‏,‏ فاعتقد أنه يقوم بتقليد أحد الأفلام الأجنبية‏,‏ ومن ثم راح يراقبه عن بعد‏,‏ دون أن يدور بخلده أنه سيفقد أفراد أسرته في لمح البصر‏,‏ وحقيقة‏,‏ وليس تقليدا لفيلم‏,‏ وهكذا رقد علي صدر والدته‏,‏ وخلع ملابسه‏,‏ وراح يجفف الدماء من علي جسدها‏,‏ وهو يناديها‏..‏ دون جدوي‏!‏
والسؤال الآن‏:‏ هل تعتبر أفلام الرعب التي غزت البيوت بشكل متصاعد في الآونة الأخيرة‏,‏ وأصبح لها عشاقها ومدمنوها من جميع الفئات والأعمار‏,‏ هي المسئولة عن جرائم العنف التي اجتاحت المجتمع المصري‏,‏ وروعت الرأي العام‏,‏ في الأسابيع الأخيرة‏,‏ نظرا لما انطوت عليه من قسوة بالغة‏,‏ ومشاهد مروعة للقتل والطعن والذبح والتمثيل بالجثث؟ وما مدي وحدود هذه المسئولية؟
لأنك قد لا تستطيع أن تمنع ابنك من مشاهدتها‏,‏ ولو حرصت‏..‏ فلا أقل من توعيته بمضار هذه الأفلام التي يؤكد خبراء الفن والاجتماع والنفس أنها تتسبب في متاعب نفسية لمشاهديها‏,‏ وتسهم في زيادة ميولهم العدوانية‏,‏ وتطبعهم إدراكيا مع مشاهدها الدموية‏,‏ بل وتجعلها شيئا مألوفا لنفوسهم‏,‏ فضلا عن أنها تقتل فيهم الإحساس بمعاناة الآخرين‏,‏ وتصيبهم بالتبلد‏,‏ وتتجاوز ذلك إلي إضعاف مناعة أجسامهم ضد الأمراض‏,‏ خاصة النفسية والعصبية‏,‏ وحتي العضوية‏,‏ بحسب أساتذة المناعة‏,‏ كما يرفضها علماء الدين‏,‏ وترتفع المطالبة بتطبيق مواثيق الشرف‏'‏ الفضائي‏'‏ إزاءها‏.‏
بداية‏:‏ إذا رأيت إبنك يشاهد فيلما تحت أحد هذه العناوين أو المضامين‏:'‏ مصاصو دماء‏..‏آكلو بشر‏..‏ أرواح تتناسخ‏..‏ موتي ينهضون للانتقام‏..‏أطفال يتحولون إلي حمير‏..‏ وحوش ومخلوقات غريبة‏..‏ سحر أسود‏..‏ جثث تتمزق‏'..‏ فاعرف أن المعروض فيلم‏'‏ رعب‏'!‏
حسب دراسة أجريت بكلية الإعلام جامعة القاهرة‏,‏ علي‏400‏ طفل بالمدارس الابتدائية‏,‏ في كل من القاهرة والجيزة‏,‏ تبين أن أفلام الرعب‏(‏ تشمل هنا أفلام العنف والحركة‏'‏ أكشن‏')‏ تتصدر المرتبة الأولي في قائمة المواد التليفزيونية التي يقبل علي مشاهدتها الأطفال المصريون‏!‏
المخلوقات الخارقة أو الكائنات الخرافية في هذه الأفلام تعد مادة جذب للصغار‏,‏ وتتمثل المشكلة هنا كما تقول الدراسة في أن هذه الشخصيات غالبا ما تكون الأكثر عنفا بتلك الأفلام‏.‏

'‏ الطفل المصري والقنوات الفضائية‏'‏ كان عنوان دراسة أخري أجرتها الدكتورة مها الكردي الأستاذة في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية‏,‏ حذرت فيها من تزايد معدلات العنف بين الأطفال المصريين نتيجة مشاهدة التلفزيون‏,‏ مشيرة إلي ميل الاطفال للتحول من مجرد الاعجاب بأبطال العنف في هذه القنوات الي مقلدين أو محاكين لهم ثم منفذين‏.‏
ما انعكاس المشاهدة الفعلية لهذه المواد علي الأبناء؟
يجيب عن هذا السؤال المشهد التالي‏:‏ أحمد عبدالعظيم طفل عمره‏11‏ عاما‏,‏ يدرس بمدرسة‏(‏ أمريكان كوليج‏)‏ في الزمالك‏..‏ وقع شجار بينه وبين أخيه إسماعيل‏(‏ ثماني سنوات‏),‏ فما كان من أحمد إلا أن سارع إلي المطبخ‏,‏ واستل السكين‏,‏ وأخذ يهدد بها أخاه‏!‏
وما حدث في الشجار‏,‏ وجد شكلا مختلفا في المزاح إذ أومأ إسماعيل بشوكة الطعام إلي أخيه‏,‏ والأسرة ملتفة حول المائدة‏,‏ قائلا له‏,‏ وهو يلوح بها علي صفحة وجهه‏:'‏ تحب أحطها لك فين‏:‏ في بقك‏,‏ ولا عينك‏,‏ ولا ودانك‏'!‏
في خلفية المشهدين تكمن حقيقة مروعة هي أن الأخوين يدمنان مشاهدة أفلام الرعب‏,‏ وبرغم الكوابيس الليلية التي تزورهما باستمرار‏,‏ لايتوقفان أبدا عن مشاهدتها‏,‏ حتي سرا‏,‏ عند غياب الوالدين عن المنزل‏!‏
ببراءة شديدة يقول أحمد ل‏'‏ تحقيات الأهرام‏':'‏ أحب أشوف الأفلام دي علشان بتعملك إحساس مختلف‏..‏ بأبقي خايف بس مبسوط‏..‏ بأبقي مطمئن أنه مش هايحصل لي حاجة‏,‏ وأقنع نفسي بأن ده تمثيل‏..‏ في المدرسة بنحكي لبعضنا شفنا إيه‏..‏ البنات برضه بتحب تشوف الأفلام دي‏..‏ شفت الميت اللي بيتكلم‏,‏ والجثة اللي اتحركت‏..‏ هكذا نتساءل؟‏'‏
تقول شيرين والدة الطفلين‏:'‏ لقد أصبحا عدوانيين جدا بسبب إدمانهما هذه الأفلام‏..‏ وأحيانا يأتي أحدهما بإيشارب‏,‏ ويحاول خنق الآخر‏,‏ أو يستيقظ فزعا في الليل‏,‏ من جراء كوابيسها‏'.‏ برغم ذلك تفضل شيرين عدم منع طفليها من رؤية هذه الأفلام‏,‏ وتقول إنها تحاول فقط أن تقنعهما بالتخفيف منها‏.‏
الخوف‏'‏ الآمن‏'‏
‏'‏ لا خوف منها‏,‏ فأنت تشاهدها‏,‏ وأنت آمن أنه لن يحل بك خطر‏,‏ بل تستمتع بالشعور به‏'..‏ هكذا يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي مؤكدا أن أفلام الرعب موجودة في العالم كله‏,‏ لأنه في تاريخ الجميع روايات وأساطير‏,‏ كما أن الرعب جانب من جوانب الحياة‏.‏
ويضيف‏:‏ إنها تعتمد علي‏'‏ الخوف الآمن‏',‏ وتؤدي إلي تفريغ الطاقة العنيفة‏..‏ بل إن البعض يحب مشاهدتها قبل الخلود للنوم لينعم بنوم هانيء‏..‏ مشيرا إلي أن المشكلة هي في الالتزام بمعايير الأمان‏,‏ فلا يشاهدها أحد إلا عند سن معينة‏.‏
ومتفقا معه يؤكد علي أبو شادي رئيس هيئة الرقابة علي المصنفات الفنية أن أفلام الرعب ثقافة عالمية‏,‏ وبعضها ذو قيمة فنية‏,‏ وهي تقوم علي ما يشبه اللغز الذي يتم حله في النهاية‏,‏ لكن المشكلة‏-‏ كما يقول‏-‏ ليست في الرعب بل في العنف‏,‏ ونحن نحرص علي عدم التجاوز‏,‏ والإفراط في مشاهده‏,‏ بأي فيلم‏,‏ لدي إجازته‏.‏
تعبير‏'‏ الخوف الآمن‏',‏ الذي استخدمه طارق الشناوي يستدعي من الدكتورة إيمان شريف الخبيرة في علم النفس الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مشاعر الدهشة‏,‏ محذرة من أن الخوف ينطبع في اللاشعور‏,‏ ثم يظهر في أوقات‏,‏ ومناطق معينة‏,‏ فكيف يكون‏'‏ آمنا‏',‏ معتبرة أفلام الرعب سببا في الاضطرابات السلوكية والنفسية‏,‏ وتنمية الميول العدوانية‏.‏
والدليل علي ذلك دراسة أعدتها‏-‏ هي نفسها‏-‏ حول العنف داخل الأسرة‏,‏ وقد سألت أحدهم‏:‏ من أين أتي بطريقته في ارتكاب جريمته فأجاب‏:‏ من الأفلام التي أشاهدها‏.‏
مشاهد الرعب تنطبع‏-‏ إذن‏-‏ في أذهان من يشاهدونها‏,‏ وتبقي معهم لسنوات‏,‏ وربما طوال العمر‏,‏ وأكثر من يتأثرون بها هم الأطفال‏(‏ أقل من‏11‏ سنة‏),‏ وبالنسبة للمراهقين هناك سرعة استثارة‏,‏ وتخزين للتأثيرات‏,‏ وعنف كامن‏,‏ يظهر لاحقا في المواقف المختلفة‏.‏
والمشكلة مشكلة الفراغ‏,‏ لذا يكفي في رؤية الدكتورة إيمان أن يشاهدا الشاب أحد هذه الأفلام مرة كل أسبوع أو شهر‏,‏ لا أن تكون تك عادة له‏,‏ لأنها ستنطبع عليه‏,‏ وتؤثر في شخصيته‏,‏ وعلي الأسرة انتقاء المواد المفيدة لأبنائها‏,‏ وتنويع المشاهدة‏,‏ وأن تمسك الأم دوما بالريموت‏,‏ وتشغل فراغ الأبناء بالأنشطة المفيدة‏,‏ فالبداية للأسرة‏,‏ والنهاية للإعلام‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.