أثارت بعض الأصوات المنفرة التي انطلقت من مآذن دمشق جدلا حول توحيد الأذان لكن ذلك الأمر تم تجميده بعد اعتراضات جهات عدة ، لكن البعض يدعو إلى اختيار المؤذنين من أفضل الأصوات حتى لا ينفروا الناس من الصلاة. ويوضح مفتي دمشق الشيخ عبد الفتاح البزم لفرانس برس أن مديريات وزارة الأوقاف في المدن السورية هي الجهة المسئولة عن اختيار المؤذنين، متمنيا على تلك المديريات اختيار المؤذنين من بين "أجمل الأصوات وأحسن الاداءات". وإذ يرفض الشيخ البزم وصف صوت المؤذن بالنشاز، ويفضل القول ان "اصوات الناس تتفاوت"، يؤكد في الوقت نفسه ان حسن الصوت والاداء "ضروري" توفره في المؤذن "كي يكون هذا الاعلام عن اقامة الصلاة في الاوقات الخمس محببا للنفوس ومدعاة للسرور والقبول" عند من يسمعه من مسلمين وغيرهم. واستنادا إلى تجربته ، فان محمد عربي ، مؤذن جامع "بعيرة" وسط العاصمة السورية، يقول ان ما يقارب خمسين بالمئة من مؤذني دمشق "لا علاقة لهم بالاذان ولا يعتمد على اصواتهم، حتى ان فيها نشازا"، وياسف لان "الواسطة تتدخل في تعيين المؤذنين". ومن بين الاصوات التي تعلو رافعة الاذان في مساجد دمشق، وتتراوح تقديرات عددها بين 450 و700 جامع، لفت المؤذن محمد عربي انتباه ابناء الحي المحيط بالجامع الذي يؤذن فيه، فهو "يتمتع بصوت متمكن وباداء مؤثر" على حد تعبير مامون الذي يدير محلا لصيانة الاجهزة الرياضية في ذلك الحي. ويبدو الرجل محرجا وهو يقول "نتمنى ان تحل الاصوات الشابة مكان بعض المؤذنين الذين كبروا وتعبت اصواتهم". ويروي المؤذن ذو الاربعين عاما حادثة جرت معه منذ اسابيع اذ قصدته امرأة اجنبية في المسجد بعد رفعه اذان العصر تساله ان كان لديه "سي دي غناء"، ويتابع بعد ان علت وجهه ابتسامة رضى "سبحان الله حتى انها لا تعرف كلمة اذان". مقدرات في الصوت وعاطفة ويتذكر هذا المؤذن كيف كان بيته ملاصقا لحائط جامع ومؤذنه "منفر ولم اكن اصدق متى ينتهي الاذان"، مشيرا الى ان رفع الاذان يستلزم مقدرات في الصوت وعاطفة صادقة لاداء هذه الشعيرة الدينية. وما حدث مع هذا المؤذن يتكرر على لسان كثيرين غيره، وثمة حادثة شهيرة في هذا السياق يوردها الشاعر الدمشقي نزار قباني في مذكراته عندما خرج والده ولاحق ببندقيته مؤذنا ازعجه صوته وهو يرفع الاذان في جامع قريب من بيتهم. ويشرح مدير مكتب مدير الاوقاف في دمشق صالح تلج ان لديهم لجنة مختصة تنظر شهريا في الشكاوى"، ومنها المقدمة من الاهالي بحق المؤذنين، واذا ثبت للجنة ان المؤذن لديه مشكلة "يتم فصله مع حفض حقوقه المادية". ومعظم المخالفات في موضوع الاذان يلخصها تلج بمسألة "تراجع المقدرات" الصوتية لبعض المؤذنين مع تقدمهم في السن، اذ ان سن تقاعدهم هو الستين، ويؤكد ان وزارة الاوقاف "شددت" على عمل اللجان الفاحصة، مضيفا ان "مواضيع الفوضى والعشوائية في المساجد نحلها تدريجيا". " تدني الأجور" ولكن مسؤولا في "التفتيش الديني" التابع لمديرية اوقاف دمشق، يتحفظ على ذكر اسمه، يبين ان اللجنة التي تفحص المؤذنين تضم الى جانب منشدين ومسؤولين في وزارة الاوقاف مندوبا عن نقابة الفنانين، لافتا الى ان "الفحص قاس ولا يتجاوزه من لا يملك صوتا جيدا او لا يفهم بالنغمات". والسبب الرئيسي لسماع اصوات "غير متمكنة" ترفع الاذان، بحسب هذا المسؤول، هو "تدني الاجور" الذي باعتقاده يدفع المؤذنين الى "التغيب" عن مهمتهم في بعض اوقات الصلاة، ليقضوا اعمالا لهم، موكلين مهمة رفع الاذان الى "اناس غير اكفاء احيانا يزعج صوتهم الناس"، مؤكدا على "ضرورة" تحسين وضع المؤذنين "ووقتها نحاسب المؤذن اذا تغيب عن رفع الاذان" على حد تعبيره. وكغيرهم من "الموظفين الدينيين" فان التعويض المالي للمؤذن متواضع وهو حوالي مئة دولار شهريا. وبلهجة متفهمة يعرب مفتي دمشق عن اعتقاده بان المؤذن يفهم رفع الاذان على انه "عبادة وخدمة دين ولو انه اراد ان يمشي على موضوع الراتب كان لا يؤذن"، ويضيف انه "لولا ان الدوافع الايمانية لوجدنا تخلفا كبيرا" في مجال الوظائف الدينية عموما. وفي سياق متصل كان المفتي العام لسوريا اعلن مطلع عام 2007 عن مشروع لالغاء مكبرات الصوت وتوحيد الاذان في جوامع سوريا (حوالي عشرة الاف جامع)، لينطلق من جامع واحد في كل محافظة سورية ويصل بقية جوامعها لاسلكيا، الا ان هذا المشروع كما يوضح مفتي دمشق "لم يخرج نقاشه بتيجة لان المعترضين عليه من العلماء كثر". ولا يخفي مفتي دمشق معارضته لهذا المشروع ، والسبب الرئيسي كما يقول هو انه يرى "الاذان عبادة بحد ذاته"، وان المشروع خطوة "خاطئة" من شانها "تعطيل الف حنجرة في دمشق عن هذه العبادة".