ثلاثون عاما مرت علي توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وما زال الجدل دائراً في تل أبيب حول كشف حساب المكاسب والخسائر من السلام الذي يصفه كثيرون منهم بأنه "في برودة الآيس كريم". السلام البارد هو النغمة المكررة لدى كتاب وإعلاميين اعتادوا انتقاد مصر لاحتفالها بحرب أكتوبر/ تشرين الأول وعيد تحرير سيناء وليس بذكرى توقيع المعاهدة (26 مارس/ آذار) معتبرين أن مصر استردت سيناء بالسلام وليس بالحرب، لكنهم تجاهلوا أنه لولا حرب أكتوبر 1973 ما جلست إسرائيل على طاولة المفاوضات. لكن الرد الحقيقي على هذه الادعاءات جاءت على لسان سفير مصر بتل أبيب "ياسر رضا" في كلمته في الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتوقيع المعاهدة الذي أقامته الخارجية الإسرائيلية، إذ أوضح أن السلام الدافئ لن يأتي إلا بعد تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وبعد أن أنهى السفير المصري كلمته صعد سفير إسرائيل في مصر "شالوم كوهين"، وقال إن التطبيع بين مصر وإسرائيل يبقى حتى الآن في طي الأمل المفقود، فهناك أجيال عديدة تربت وكبرت على انتصار أكتوبر/ تشرين الأول ولم تسمع شيئا عن زيارة الرئيس السادات لإسرائيل، الاحتفال حضره أيضا السفير الأمريكي في إسرائيل. التليفزيون الإسرائيلي كان العازف الأكبر على اتفاق السلام المسمى في إسرائيل باتفاق السلام البارد، حيث أذاعت القناة العاشرة برنامجا إخباريا تناول توقيع المعاهدة ورأي الشارع المصري، لكنه ركز على الآراء التي تعتبر أن إسرائيل ما زالت دولة العدو. كما عرض البرنامج جزء من فيلم "السفارة في العمارة" ومقطع غناء الفنان "عادل إمام" لأغنية شعبان عبد الرحيم "أنا باكره إسرائيل" على أن ذلك هو الرأي العام المصري. واقتبس البرنامج الإسرائيلي جزء من برنامج لقناة "العالم" تناول معاهدة السلام، وأذاع جانبا من حديث أحد المتخصصين المصريين قال فيه إن حدود مصر ظلت آمنة منذ توقيع المعاهدة وإن المرة الأولي التي هددت فيها هذه الحدود كانت من قبل الفلسطينيين، وبهذا اختتم البرنامج الإخباري الذي بثته القناة العاشرة. في المقابل ولدى تناول الصحف الإسرائيلية الحديث عن نفس الموضوع، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" خبر الاحتفال بمعاهدة السلام في إسرائيل وتهنئة الرئيس الإسرائيلي "شيمون بيريز" للرئيس المصري "حسني مبارك" بهذه المناسبة، ولم يكن الخبر ولا محتواه لافتا للنظر قدر تعليقات الجمهور الإسرائيلي الذي بدا متشددا في غالبيته. وعلى سبيل المثال لا الحصر، قال الإسرائيلي "عزرا" إن كل يوم يمر على إسرائيل تعلم أن تهريبا مستمرا عبر الأراضي المصرية وأن الرأي العام في مصر ضد إسرائيل، وأن الاسرائيلين الذين يزورون مصر يلحون بشكل دائم لإيقاف عمليات التهريب ويأتوا يوما بسلام حقيقي. وأضاف أن إسرائيل حقا تحتاج لمصر، ولكن في وجهة نظرة فإن القاهرة تحتاج أكثر لتل أبيب ولابد أن يأتي اليوم الذي تقول فيه إسرائيل لمصر "كفاية". وقال الإسرائيلي "موشيه" إنه كان كافيا بالنسبة له مشاهدة القناة المصرية حتى يعرف أن هذا السلام مجرد سلام على ورق، وأن الشعب المصري بأكمله ضد هذا السلام باستثناء بعض السياسيين. وقال آخر إن على إسرائيل أن تعيد سيناء إليها من جديد، حيث عرض فكرة خيالية - لو سمعها المصريون لسخروا منها - وهي شراء سيناء من مصر كما اشترت الولاياتالمتحدةألاسكا من روسيا، معتبرا أن الانسحاب من سيناء كان خطأ كبيرا ولابد من استعادتها، لكن شخصاً آخر يرد عليه بأن احتلال سيناء - ورغم شكه في قدرة إسرائيل على ذلك - ستكون بمثابة نهاية الدولة العبرية وخطأ تاريخي فادح.