** بالأمس القريب أكدت إسرائيل رغبتها في مواصلة البناء في مستعمرتين في الضفة الغربية, في حين أشار الوزير رافي إيتان المكلف بشئون القدس إلي أن موازنة العام الحالي تنص علي بناء250 مسكنا في مستعمرة معاليه أدوميم, وبناء مئات المساكن الأخري في منطقة جيل أبو غنيم. ففي يوم الثلاثاء4 من ديسمبر الحالي طرحت الحكومة الإسرائيلية عروضا لبناء307 وحدات سكنية في حي استعماري بإحدي المستعمرات بجبل أبو غنيم في القدسالشرقية. وهو ما يخالف كل التفاهمات التي تم التوصل إليها في مؤتمر أنابوليس كما أكدت ذلك الرئاسة الفلسطينية التي دعت علي لسان الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي الضغط علي إسرائيل للتراجع عن قرار مواصلة بناء المستعمرات في حين يدعي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن أوامر البناء في مستعمرة جبل أبو غنيم ليست حديثة وأن الحكومة الإسرائيلية كانت قد صدقت عليها من فترة طويلة. وبرغم الانتقادات الدولية فإن أفيجدور ليبرمان وزير الشئون الاستراتيجية ونائب رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إن أعمال البناء في حي استعماري في القدسالشرقية تتواصل بأقصي سرعة ممكنة زاعما أن جبل أبو غنيم جزء لا يتجزأ من إسرائيل وأن هذه المنطقة ستظل كذلك. المحلل السياسي بصحيفة هاآرتس عكيفا الدار يري أنه من الصعب التفكير في مكان ملائم أكثر من جبل أبو غنيم لإجراء الاختبار الأول لروح أنابوليس وأن المقاومة بين أزمة جبل أبو غنيم(2) وتطور أزمة جبل أبو غنيم(1) يمكن أن تشير إلي صعود عملية السلام بالفعل إلي طريق جديد أو إلي أن كل اللاعبين متوقفون في الطريق القديم. ويتساءل عكيفا الدار قائلا: هل يري أولمرت الذي كان قد ضغط لإقامة جبل أبو غنيم في شرقي المدينة من ديوان رئيس الوزراء ما لم يره من مكتب رئيس البلدية حينما كان رئيسا لبلدية القدس؟ هل سيضطر الرئيس بوش إلي ابتلاع الضفدع في نهاية المطاف كما فعل ذلك الرئيس بيل كلينتون قبل عشر سنوات؟ أزمة جبل أبو غنيم(1) اندلعت هي الأخري بعد المحاولة الأمريكية لإحياء عملية السلام في شهر فبراير عام1997 وبعد أسابيع من التوقيع علي اتفاق الخليل قررت حكومة نيتانياهو إقامة(85) وحدة سكنية عند حدود القدس الجنوبية الشرقية ثلثها علي أراض خاصة فلسطينية. السلطة الفلسطينية اعتبرت الخطة فصلا جديدا في مؤامرة عزل عاصمتهم عن الضفة. الأزمة نشبت في أثناء زيارة ياسر عرفات البيت الأبيض في بداية مارس. كلينتون طلب من الزعيم الفلسطيني أن يضع في اعتباره الضغوط المفروضة علي نيتانياهو. عرفات أوضح أن لديه هو الآخر مشكلات في الداخل وناشد كلينتون في غضب أن يطالب إسرائيل بتأجيل إقامة الحي والرئيس الأمريكي أرسل حينئذ المنسق دينيس روس إلي نيتانياهو ومعه رسالة بضرورة تجميد عملية البناء. علي الناحية الأخري وقف المستعمرون واليمينيون وإلي جانبهم رئيس البلدية إيهود أولمرت الذي كان قد طلب من نتانياهو قبل ذلك بفترة قصيرة الدخول إلي نفق حائط البراق تلك المغامرة التي انتهت بسقوط عشرات القتلي الفلسطينيين. وعرفات أدرك أنه ترك وحده في المعركة ويبدو أن مؤتمر أنابوليس لم يغير الوضع في الجانب الإسرائيلي. هم يدعون أن الحي موجود في حدود القدس البلدية التي يسري عليها القانون الإسرائيلي وأنه ليس هناك أي مانع من البناء هناك مثلما لا يوجد أي مانع للبناء في أي مكان آخر في إسرائيل.. صحيفة هاآرتس الإسرائيلية تتساءل ماذا سيفعل العالم ورعاة أنابوليس إذا اختبأ أولمرت وراء الضرورات الائتلافية وصادق علي البناء الجديد؟. وفي النهاية فإن القرار الإسرائيلي بالبناء في جبل أبو غنيم يعتبر انتهاكا صارخا للتعهدات التي ذكرت في قمة أنابوليس فضلا عن أنه انتهاك للقانون الدولي الذي يعتبر الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية أراضي محتلة. والأمر برمته يثير الشكوك حول نيات إسرائيل الفعلية وعدم التزامها بما جاء في أنابوليس بشأن تنفيذ خريطة الطريق التي تنص علي الوقف الكامل للاستيطان.