انقلب عالم عارضات الازياء رأسا على عقب بسبب الازمة المالية فمن حياة يملؤها البذخ والحصول على ملابس مجانية من أكبر بيوت الازياء وجيش من المعجبين و15 ألف دولار لمجرد السير بشكل استعراضي على خشبة المسرح، تحولن لربط الاحزمة وتدبير نفقات العيش. وفي عروض ازياء يناير/ كانون الثاني في باريس وميلانو وهو مناسبة رئيسية للاعلانات عن المنتجات الفاخرة والماركات العالمية استخدم المصممون عددا أقل من عارضات الازياء بالمقارنة مع 2008، وبدأت العارضات ووكالات الاعلان تشعر بوطأة الازمة. وقال ايدن جون ماري مدير وكالة برايم لتشغيل العارضات في لندن -التي كانت في وقت تمثل عارضة الازياء الشهيرة كلوديا شيفر وعملاء يدفعون 3 الاف جنيه استرليني (4200 دولار) في اليوم- ان العارضات الان يعملن بأجر 1500 جنيه. فتقول آنا تشيزي -23 عاما- انها استبدلت أحد فساتين بيت الازياء ستيفان رولان برداء من الجينز لتتوجه الى عرض تالي حيث تراجع اجرها والاسعار الى النصف. ومثل العديد من العارضات القادمات من أوكرانيا وروسيا والبلقان والتشيك، تحول تشيزي أموالا بانتظام الى اسرتها التي اضحت تعمل بالقطعة وتواجه صعوبات في العثور على عمل بسبب التراجع الاقتصادي. وأضافت تشيزي قبل ان تختفي وسط حشد من الفتيات الشقراوات النحيفات، ان الحال تبدل فاصبحت بحاجة لمساعدة اسرتها وأكدت انها لا تستطيع رفض أي عقد. وجدير بالذكر، أن احجام المشترين وسط ارتفاع معدلات البطالة والخوف من كساد عميق وطويل الامد اضطرت المتاجر بشكل عام لخفض توقعاتها للارباح وميزانياتها للتسويق وبالتالي اجور العارضات. وللتغلب على الازمة تتجه وكالات الاعلان الى خلطة مما يطلقون عليه "العارضات التجاريات" اللائي تعملن في مجموعة من الاعمال الاخرى مثل تصوير الكتالوجات وبين "عارضات المسرح" اللاتي تقدمن عروض الازياء وتظهر صورهن على أغلفة مجلات الموضة. وفي السياق ذاته، تقول كارين دايموند مديرة وكالة مودل ان الاثر الكامل للازمة سيظهر في وقت لاحق من 2009 اذ ان ميزانيات الاعلانات توضع في وقت مبكر، مؤكده أن العملاء سيركزون على العارضات العاملات في المجال بالفعل مما يصعب الأمر على القادمات الجدد. ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور الانترنت تحول عمل عارضات الازياء الى أحد أكثر أسواق العمل تنافسية وعولمة. واليوم قد ترسل فتاة مراهقة من قرية صغيرة في شرق أوروبا صورتها بالبريد الالكتروني لاحدى الوكالات وتجد نفسها مشهورة بين عشية وضحاها. ومن تصل الى القمة -دون حساب النجمات البارزات مثل كيت موس وناعومي كامبل- تحصل على 500 الف دولار سنويا. لكن في ظل الازمة الراهنة تقول العارضة الصربية جورجينا ستوليكوفيتش -19 عاما- التي تشارك في عرض بيت الازياء كريستيان لاكروا ان تدهور الاوضاع دفعها للتفكير في العودة للتركيز في دراستها، بعد ان علقت الحصول على شهادة في العلوم السياسية لمدة عام للعمل ومساعدة أسرتها. واستطردت، ان عروض الازياء كعمل مازال يوفر مالا أكثر من أعمال أخرى كثيرة، حيث تستطيع توفير اموال أكثر من والديها. لكن الجدية بدت على وجهها فجأة وقالت ان الازمة قد يكون لها جانب ايجابي اذا اجبرتها على استكمال دراستها الجامعية. أما أنا نشيزي الاوكرانية فتأمل في ان يساعدها زملاءها في مجال الموضة في الحصول على عمل اخر اذا لم يعد احد يطلبها لعروض الأزياء. لكن العديد من العارضات اللاتي تبدأن العمل وهن مراهقات دون خبرة في أي شيء سوى الابتسام أمام الكاميرات قلن انهن ليس لديهن خططا أخرى لكنهن تشعرن بالقلق من قلة العمل. وحتى الشركات الكبرى التي تنتج السلع الفاخرة بدأت تشعر بوطأة الازمة، فقد اعلنت ريتشموند الشركة السويسرية التي تنتج أقلام مونبلون وساعات كارتييه في وقت سابق من 2009 انها لا ترى دلائل على الانتعاش بعد أن جاءت مبيعاتها في الربع الثالث من 2008 أقل من المتوقع. وشهد المجلات من كوند ناست التي تنشر مجلة فوج الشهيرة للازياء والى مؤسسة تايمز تراجعا كبيرا في عقود الاعلانات، وتوقعت نيويورك تايمز انها تراجعا أكبر للمبيعات. (رويترز)