الهجرة وسوق العمل إعداد: إيمان التوني العلاقات المصرية الليبية تشهد تطورا ملحوظا وتعاونا مستمرا في مختلف مجالات التعاون بين البلدين، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، بالإضافة إلى إقامة المشروعات المشتركة في مجالات النفط والغاز والاستثمارات. 32 % زيادة في الاستثمارات وقد ارتفع حجم الاستثمارات الليبية في مصر بنسبة 32 % خلال العامين 2007 و2008. كما وصل عدد الشركات الليبية العاملة في مصر إلى 236 شركة في مختلف المجالات، بينما بلغ عدد شركات الاستثمار المصرية العاملة في ليبيا 9 شركات. وعلى هامش القمة المصرية الليبية في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2008، بحث اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بالاستثمارات المشتركة بين مصر وليبيا سبل زيادة الاستثمارات الليبية في مصر إلى 10 مليارات دولار العام 2009. وتتضمن المشروعات المقرر تنفيذها بين البلدين إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز المصري إلى أوروبا عبر ليبيا، وإقامة منطقة صناعية وتجارية حرة بين البلدين، وقيام عدد من شركات المقاولات المصرية بتنفيذ مشروعات إسكانية وتطوير البنية التحتية في ليبيا. ومن المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين مصر وليبيا إلى 2 مليار دولار خلال 2009. من جهة أخرى، جاءت ليبيا في المركز الثاني – بعد السعودية التي احتلت المركز الأول - على قائمة الدول العربية المستقبلة للصادرات المصرية، حيث بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى ليبيا نحو 524 مليون دولار خلال الشهور ال9 الأولى من العام 2008 مقابل 170 مليون دولار في نفس الفترة عام 2007، بينما حققت الصادرات المصرية إلى الدول العربية كافة زيادة وصلت إلى 215 % خلال نفس الفترة، وذلك وفقا لتصريحات رئيس قطاع نقطة التجارة الدولية بوزارة التجارة والصناعة المصرية. الهجرة وسوق العمل ووسط هذه العلاقات الاقتصادية المتميزة، تبدو بعض المشكلات المتعلقة بأوضاع العمالة، وظروف العمل، ومستوى الأجور المتدنية مقارنة بمستوى المعيشة، وسوء المعاملة من قبل أرباب العمل، فضلا عن الهجرة غير الشرعية، وإدانة البعض في جرائم وصلت العقوبة فيها إلى الإعدام، وتسعي الجهات المسئولة في البلدين لحل هذه المشكلات. عدد من العمال المصريين في ليبيا ومن بين هذه المشكلات، تنظيم مئات العاملين المصريين – خلال العام 2008 – اعتصامين أمام القنصلية المصرية في طرابلس، مطالبين بإعادتهم إلي مصر بسبب تعاقدهم مع إحدى الشركات الليبية بأجور متدنية، حيث اكتشفوا بعد وصولهم أن الأجور التي تعاقدوا عليها وصدقت عليها وزارة القوي العاملة متدنية جدا مقارنة بالأسعار المرتفعة، ووافق وزير الخارجية المصري "أحمد أبو الغيط" علي ترحيلهم على نفقة الوزارة وتحمل نفقات إعاشتهم. وفي منتصف يوليو/ تموز 2008، ألقت السلطات الأمنية الليبية القبض على 36 مصريا ضمن مجموعة كبيرة من العمالة الإفريقية بتهمة محاولة الهجرة غير الشرعية، كانوا في عرض البحر بمنطقة "زوارة "بالمياه الإقليمية الليبية قرب الحدود التونسية في طريقهم إلى إحدى الجزر الإيطالية. ولمواجهة مثل هذه المشكلة تبذل السلطات المصرية والليبية جهودهما لمكافحة عصابات الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، والتي تقوم بتقديم الوعود الوهمية للشباب للحصول على فرص عمل بإيطاليا أو غيرها من الدول الأوروبية مقابل آلاف الجنيهات. ومؤخرا – في ديسمبر/ كانون الأول 2008 - جددت السلطات الليبية حبس طاقم مركب مكون من 6 صيادين مصريين، وأودعوا في سجن الجلاء بمدينة «طبق» الليبية. وكان المركب خرج في رحلة صيد من ميناء "مرسى مطروح" في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، على أن تعود في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2008، إلا أن محرك المركب تعطل أثناء تعرضهم لرياح شرقية، أدخلتهم إلى المياه الليبية، فألقت السلطات القبض عليهم واتهمتهم بالتسلل والصيد في مياهها دون تصريح. وكانت الخارجية المصرية نجحت – في مايو/ أيار 2008 - في تأجيل تنفيذ حكم الإعدام ضد مواطن مصري، الاتفاق مع الجانب الليبي على إعادة النظر في أحكام الإعدام الصادرة بحق 23 مصريا أدينوا في قضايا قتل، وإعادة التفاوض مع أقارب المجني عليهم للحصول علي عفو منهم، أو قبول الدية. كما قررت السلطات الليبية العفو عن 22 مصريا أدينوا في قضايا مختلفة في مدينة "بنغازي"، بعد أن أمضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها ضدهم. وفي القاهرة، أكد السفير محمود عوف المشرف علي القطاع القنصلي بوزارة الخارجية أن الوزارة تبذل كل ما في وسعها لتأجيل تنفيذ حكم الإعدام ضد عشرة مصريين ثبتت عليهم جريمة القتل العمد . وقال عوف إن الوزارة استطاعت تأجيل حكم الإعدام لأكثر من 10 سنوات في بعض الحالات بالتعاون مع السلطات الليبية، التي أبدت تعاونا شديدا في إطار العلاقة المتميزة بين البلدين. ومن المقرر أن تعقد لجنة قنصلية مصرية ليبية في طرابلس تضم ممثلين عن الوزارات والجهات المصرية المعنية، وعلى رأسها الداخلية والقوى العاملة والعدل يومي 12 و13 يناير/ كانون الثاني 2009، لمناقشة أوضاع الجالية المصرية في ليبيا وأهم المشكلات التي تتعرض لها، وتتصدرها مشكلة المصريين المحكوم عليهم بالإعدام في ليبيا، والمصريين المحتجزين في السجون الليبية. وعلى الصعيد الإفريقي – المجال الجغرافي الأوسع للبلدين "مصر وليبيا" – تجري الترتيبات حاليا لانعقاد قمة الاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية "أديس أبابا"، والتي من المتوقع أن تشهد تحديد أسس تشكيل الحكومة الأفريقية الموحدة.