3 أعوام من الإرهاب مستقبل الجارين أعدت الملف: إيمان التوني قنابل يدوية وأسلحة آلية بيد إرهابيين هاجموا "مومباي" أكبر مدن الهند وعاصمتها المالية – الخميس 27 نوفمبر 2008 - فخطفوا رهائن وأصابوا وقتلوا مئات الأشخاص من مختلف الديانات والجنسيات من شتى أنحاء العالم، في مشهد صدم كل من شاهده على شاشات التليفزيون في الهند وخارجها، حيث تصاعدت ألسنة اللهب وأعمدة الدخان من واحد من أهم فنادق العالم الفخمة فندق "تاج محل" القريب من نصب "باب الهند" والذي بني قبل أكثر من مائة عام ويعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني ونزلاؤه عادة من الشخصيات المهمة دوليا ومحليا، وكذلك فندق "أوبروي" الفاخر أيضا وأغلب نزلائه من رجال الأعمال، نظرا لموقعه في منطقة "ناريمان" القريبة من بورصة مومباي للأوراق المالية والبرلمان المحلي. كما استهدفت الهجمات الإرهابية الدامية مستشفى، ومحطة سكة حديد، ومطار مومباي الداخلي، ومبنى "ناريمان هاوس" السكني والذي يضم مركزا يهوديا أحتجز فيه حاخامات إسرائيليون. وتمثلت الأولوية بالنسبة للسلطات الهندية في تحرير عشرات الرهائن والأشخاص المحتجزين بالفندقين - ومن بينهم من العرب مصريون وسفير قطري ومسئول أردني رفيع المستوى و8 سياح كويتيين – ونجحت بالفعل في تحرير أكثر من 90 رهينة خلال 24 ساعة، فضلا عن 7 من اليهود حرروا في عملية إنزال نفذتها القوات الخاصة الهندية بواسطة مروحية على سطح "ناريمان هاوس" - صباح الجمعة - وسط إطلاق كثيف لتغطية الهجوم، ما أسفر عن تحرير حاخام ورهائن آخرين ومقتل مسلحين اثنين كانا يحتجزانهم. "مجاهدو ديكان" أم باكستان؟! من جهة أخرى، أعلنت منظمة تطلق على نفسها اسم "مجاهدو ديكان" – وتعني مجاهدي الجنوب - مسؤوليتها عن تنفيذ هذه الهجمات المخططة بإحكام، وذلك من خلال رسائل بعثت بها إلى وكالات الأنباء عبر البريد الإلكتروني. وقال أحد أعضاء المنظمة – وهو متحصن داخل فندق أوبروي - للتلفزيون الهندي إنه من بين 7 مهاجمين يحتجزون رهائن داخل الفندق، مضيفا "افرجوا عن كل المجاهدين المسلمين الذين يعيشون في الهند" مطالبا بعدم اضطهاد المسلمين. ومن جانبها، قالت الشرطة الهندية إنها اعتقلت ثلاثة مسلحين - أحدهم باكستاني الجنسية - داخل فندق "تاج محل"، مشيرة إلى أن هؤلاء المسلحين ينتمون إلى جماعة "لشكر طيبة" الباكستانية - التي تطالب باستقلال إقليم كشمير – بينما نفت الجماعة على لسان المتحدث باسمها عبد الله غزناوي أي علاقة لها بهذه الهجمات بل وأدانتها، وأكدت مجددا موقفها المناهض للإرهاب. وفي المقابل صرح رئيس الوزراء الهندي "مانموهان سينغ" بأن الهجمات تميزت بالتخطيط والتنسيق الجيدين، متعهداً بإيقاع العقاب الأقصى بالمشاركين في هذه الهجمات. وقال إن منفذي العملية أجانب دون أن يحدد جنسياتهم. وأضاف أن المشاركين في هذه الهجمات لن يفلتوا من العقاب، مشيراً إلى أن بلاده تنسق مع الدول المجاورة في محاربة الإرهاب. وكان سلاح البحرية الهندية ذكر أن أفراده احتجزوا سفينة شحن يُشتبه بعلاقتها بهجمات مومباي. وقال المتحدث باسم البحرية الهندية الكابتن "مانوهار نامبيار" إن السفينة "إم إي ألفا" قد وصلت إلى شواطىء مومباي في الآونة الأخيرة قادمة من ميناء كراتشيالباكستاني. كما نسبت صحيفة "تايمز أوف إنديا" لضابط كبير في الشرطة قوله إن تقارير استخباراتية كانت قد حذرت من احتمال دخول إرهابيين إلى مومباي عبر البحر. ونقلت تأكيد الضابط - الذي اشترط عدم ذكر اسمه - أن تلك المعلومات كانت متوفرة قبل 6 أشهر، وقد عثر منذ 4 أشهر على مركب في الشاطئ المحاذي للمدينة, لكن بعد تفتيشه لم يعثر على أية مواد تفجيرية بداخله. 3 أعوام من الإرهاب يذكر أن الهند تتعرض منذ سنوات لسلسلة من التفجيرات والهجمات المسلحة، حيث شهدت خلال الأعوام ال3 الأخيرة فقط 13 واقعة إرهابية، 7 منهم في العام 2008 فقط. ففي 13 مايو/أيار، انفجرت ثماني قنابل تبعد عن بعضها 500 متر في ظرف 12 دقيقة، في منطقة يوجد بها سوق ومعبد هندوسي في "جايبور"، ما أسفر عن مقتل 63 شخصاً وإصابة نحو 200 آخرين بجروح. وفي 26 يوليو/تموز، لقي 49 شخصاً مصرعهم وأصيب أكثر من 114 آخرين بجروح في "أحمد أباد"، جراء انفجار 7 عبوات ناسفة بصورة متزامنة في منطقة محدودة خلال ساعة واحدة. وفي 13 سبتمبر/أيلول، دمرت 5 انفجارات سوقين وموقع سياحي في نيودلهي، ما أدى إلى مقتل 21 شخصاً وجرح 97 آخرين، بينما عثر على قنبلتين في دار للسينما وموقف للسيارات، تم إبطال مفعولهما. وفي 27 سبتمبر/أيلول انفجرت عبوة ناسفة في سوق للزهور جنوبي دلهي، ما أسفر عن مقتل شخصين، بينهما طفل في العاشرة من عمره. وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول، قتل شخص وأصيب نحو 100 في انفجار أربع قنابل بسوقين ومحطة حافلات ومنطقة سكنية في ولاية تريبورا. وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول، انفجرت عبوات ناسفة وضعت في سيارات بولاية "مانيبور" بالقرب من مركز لتدريب عناصر الشرطة، مخلفة وراءها نحو 15 قتيلا وعشرات الجرحى. وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول، انفجرت 9 عبوات ناسفة بشكل متزامن تقريباً في مناطق مزدحمة بولاية "آسام"، ما أدى إلى مقتل نحو 74 شخصاً، وجرح ما لا يقل عن 400 آخرين. أما في عام 2007 فقد شهد ت الهند 3 أحداث دامية، ففي 19 فبراير/شباط، قتل ما لا يقل عن 65 شخصاً وأصيب العشرات بانفجار قنبلة في قطار كان يقل نحو 610 أشخاص بالقرب من نيودلهي. وفي 18 مايو/أيار، قتل خمسة أشخاص وأصيب 7، عندما انفجرت عبوة ناسفة في مسجد مكة ب"حيدر أباد" بعد صلاة الجمعة، وهو أكبر المساجد في آسيا. وفي 25 أغسطس/آب، لقي ما لا يقل عن 44 شخصاً مصرعهم وجرح أكثر من 100 بانفجار في كافتيريا ومحل للموسيقى في "حيدر أباد". كما وقعت 3 هجمات إرهابية بالهند أيضا في عام 2006، كانت مدينة "مومباي" - المدينة الهندية الأكثر رخاء وانفتاحا على العالم – مسرحا لاثنين منهم. ففي 7 مارس/آذار، وقعت ثلاثة انفجارات في مدينة "فاراناسي" استهدفت معبداً هندوسيا ومحطة قطارات، وأسفرت عن مقتل 14 شخصاً وجرح 16 آخرين. وفي 11 يوليو/تموز، وقعت 7 انفجارات خلال 11 دقيقة، مستهدفة قطارات للركاب ومحطات قطارات في "مومباي"، ما أدى إلى مقتل 180 شخصاً على الأقل وجرح أكثر من 150 آخرين. وفي 8 سبتمبر/أيلول، قتل نحو 33 شخصاً وأصيب 100 في انفجار مزدوج قرب مسجد في "ماليجاون"، على بعد 185 ميلاً إلى الشمال من "مومباي". مستقبل الجارين ورغم التحسن الكبير والتطبيع الناجح والتدريجي للعلاقات بين الهند وباكستان، وتوقيع الطرفين على اتفاقية للتعاون في مكافحة الإرهاب تنص على تبادل المعلومات بشأن أي احتمالات بوقوع هجمات على أي منهما، إلا أنه يخشى من أن تدفع هجمات نوفمبر 2008 الأمور في اتجاه حرب بين البلدين الجارين اللذين ظلا في حالة حرب منذ تأسيس دولة باكستان في عام 1949.