تحول مرأب قديم وسط القاهرة إلى مسرح كبير شهد حفلة اختتام مشروع الموضة، إذ تهادت على خشبته مجموعة من العارضات في أزياء غير تقليدية تتسم بالتجريب وسط حضور كثيف. وتخلل العرض وصلات غنائية وموسيقية من التراث المصري والأفريقي بينما توزعت عبر الأركان المحيطة بالمسرح نماذج مختلفة لنوعية النشاطات التي تألف منها مشروع الموضة. انطلقت فعاليات هذا المشروع قبل أسابيع بإشراف معهد غوته والجامعة الألمانية في القاهرة، وجامعة حلوان المصرية ومؤسسة «سوا» التابعة لغاليري التاون هاوس. وضم المشروع ورش عمل شارك فيها طلاب من جامعة حلوان والجامعة الألمانية لتجريب تقنيات مختلفة من الطباعة، وإعادة تشكيل الأزياء الشعبية التقليدية. ففي ورش عمل «سوا» التي أشرف عليها الفنان محمد خفاجي والتي أقيمت في غاليري «تاون هاوس» كان الاهتمام منصباً على البحث عن خامات جديدة ومبتكرة لتصنيع الإكسسوارات، من مواد وعناصر تجريبية مثل الأكياس البلاستيكية وعلب المشروبات وغيرها من العناصر والمفردات المتاحة إلى جانب معالجة الملابس التقليدية في شكل جديد ومبتكر. وقدّم مشروع «مظاهر القاهرة» الذي أشرفت عليه فنانة التصوير الفوتوغرافي كلاوديا فينز ومصممة الأزياء فريد ماير نماذج من الناس في شوارع القاهرة مع إجراء حوارات حول الموضة والهوية والأحلام والطموحات الشخصية لكل منهم لتعرض نتائج الصور وهذه اللقاءات تحت عنوان «مظاهر القاهرة» في مدونة الموضة التي انطلقت مع بداية المشروع على شبكة الإنترنت. كما تحولت أيضاً تحت السياق ذاته إحدى الواجهات في شارع طلعت حرب في وسط القاهرة إلى وسيلة عرض استثنائية للتصاميم التجريبية عبر شاشات لمعالجة موضوع الموضة والهوية والتحولات التي تطرأ على مفهوم الموضة وإدراكنا لها، وهي الفكرة التي أشرفت عليها أيضاً فريد ماير الأستاذة في الجامعة الألمانية في القاهرة مع فريق من الطلاب. وتحت شعار «تأنق» قدم الفنان شادي أديب سلامة مشروعه للتراكيب التفاعلية والإسقاط حيث تمكن الجمهور من خلاله تجريب نوعيات مختلفة من الأزياء من طريق تركيب الصور الفورية. ومن أبرز فعاليات المشروع ورشة العمل التي أدارتها مصممة الأزياء المصرية اللبنانية هدى شكري طوال أسبوع كامل مع طلاب وطالبات جامعة حلوان حيث اهتمت الورشة بالجانب العملي الذي يتناول موضوع الموضة والهوية مع التركيز على تعلم مبادئ الرسوم الأولية. وبعد انتهاء الورشة أقامت المصممة معرضها للأزياء تحت عنوان «بيروت تنادي» الذي حاولت من خلاله كشف النقاب عن الثقافات المختلفة والأديان وأساليب اللغة وطرق التفكير والسلوكيات في المجتمع اللبناني وكانت نقطة الانطلاق في رحلة استكشافية رصدت تعقيدات تواجه المهاجر في البحث عن هويته وشعوره بالانتماء عندما يقرر الاستقرار في مجتمع آخر، والخلط والربط بين الأصول التي جاء منها وتلك العناصر والجوانب الأخرى الجديدة التي اكتسبها من المجتمع الآخر الجديد. ويعد هذا المشروع أول خطوة لعرض جذور الفنانة والمصممة هدى شكري وكذلك ثقافتها الشخصية ووضعها الاجتماعي ومحاولة استيعاب الحوار بين الثقافات من خلال التصاميم الخاصة بها، إذ يعكس العرض رحلة بحثها عن هويتها الخاصة ومعالجتها لها من خلال خطوط الأزياء التي تضعها. ونشأت فكرة المعرض في صيف عام 2006 خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، وشكري ولدت في لبنان عام 1980 ونزحت مع عائلتها في سن السادسة إلى ألمانيا حيث درست التصميم في المعهد العالي للتصميم في مدينة فورتسهايم وشاركت في معارض في مدينة شتوتغارت وعدد من المدن الألمانية والأوربية الأخرى. كما أنتجت المصممة خصيصاً للمعرض فيلماً لعرض خلفيات مجموعتها، وصاحب عرضها أيضاً عرض آخر لفيلم «نقطة تفتيش» للفنان الفلسطيني شريف واكد الذي يركز على أزياء نقاط التفتيش الإسرائيلية ويسلط الضوء على ما يسمى موضة الواقع من خلال استعراضه للأزياء والملابس المختلفة للناس عند نقاط التفتيش الإسرائيلية ليعكس بما يتخطى الجماليات مفاهيم الإذلال والحراسة والحرية. وكانت الحفلة التي أقيمت وسط القاهرة تحت عنوان «عندما تعبر الملابس عن الهوية» ختاماً لكل تلك الفعاليات حيث أمكن للجمهور مشاهدة عرض الأزياء وعروض الأداء الحية والحوارات، إذ عرض نتاج الورشة الفنية التي استمرت أسابيع عدة من تصاميم واسكتشات ونماذج من الأعمال النهائية بينما خصص جانب آخر لتصاميم الحنة والوشم السوداني والأفريقي، إلى جانب عروض التطريز وورشة التصاميم المفتوحة وكذلك عرض لمدونة الموضة في مصر على شبكة الإنترنت.