شهدت الحدود المصرية مع قطاع غزة أخيراً عبوراً فلسطينياً كاسحاً لآلاف الفلسطينيين من سكان القطاع بعد أن تم فتح عدد من الثغرات في الجدار القائم على الحدود ، قابلها ترحيب مصري واستيعاب وتفهم لمتطلبات سكان غزة الإنسانية في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق على القطاع، لكن سرعان ما أبدت القاهرة مخاوفها من أن يتحول باب الرحمة على الحدود إلى بوابة الجحيم للأمن القومي المصري، في ظل أنباء عن تسلل عناصر إرهابية تحاول استهداف الأمن المصري. وأكد رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى المصري الذراع التشريعية الثانية في مصر - وسفير مصر الأسبق لدى إسرائيل محمد بسيوني على خطورة الأوضاع في غزة وضرورة التحرك لإيجاد حلول جذرية وعملية، مشدداً على أن فتح مصر لحدودها مع القطاع والسماح بعبور الغزاويين ما هي إلا حلول وقتية من المؤكد أنها لن تستمر طويلاً ولابد أن تقوم مصر في وقت قصير بضبط حدودها ووقف العبور والسيطرة على الحدود. وأضاف السفير بسيوني أنه «ليس في مصلحة الفلسطينيين استمرار الاعتماد على الجانب المصري في تلبية احتياجاتهم وعليهم إيجاد قنوات ترسخ للترابط بين القطاع والضفة وبقية الأراضي الفلسطينية حتى لا تتحول الأراضي الفلسطينية إلى جزر منعزلة يصعب بقاؤها واستمرارها ويسهل ابتلاعها من أية جهة وهي الإستراتيجية التي تسير عليها إسرائيل دائماً وهي اتباع سياسة الخنق والتدمير». وكشف بسيوني عن أن «مصر متنبهة لمخططات إسرائيل الخبيثة والتي تسعى إلى إحكام الخناق على قطاع غزة حتى يوشك أهالي القطاع على الموت فلا يكون أمامهم إلا إما التحرك إلى الجانب المصري بعنف فيحدث صدام بين المصريين والفلسطينيين حرصاً من مصر على حماية حقوقهم فيتحول الصراع من إسرائيلي - فلسطيني إلى صراع مصري - فلسطيني. وهو ما لا تسمح به مصر وهو الاحتمال الثاني والذي تتمناه إسرائيل أيضاً أن يكون الخروج من غزة في اتجاه مصر بلا عودة هروباً من الخناق المفروض وبالتالي يتم تفريغ غزة من سكانها وخلق مشكلة جديدة على الحدود المصرية وخلق قضية جديدة وجيل جديد من اللاجئين الفلسطينيين». أما مندوب فلسطين الدائم بالجامعة العربية السفير حسين عبدالخالق فأشاد بموقف القيادة المصرية من الأزمة القائمة في قطاع غزة من خلال فتح حدودها أمام المواطنين الفلسطينيين لتلبية احتياجاتهم الضرورية وفتح ثغرة مهمة لفك الخناق الذي يفرضه الكيان الصهيوني على قطاع غزة. وأكد عبدالخالق أن «الفلسطينيين يقدرون ويتفهمون المخاوف المصرية ومبعثها الأساسي الحرص والخوف على القضية الفلسطينية وعدم إعطاء الفرصة لإسرائيل لخنق القطاع وإجبار أهله على مغادرته وتحويل الأراضي الفلسطينية إلى جذر معزولة يصعب عليها البقاء واستمرار الحياة فيها كدولة مستقلة مستقرة».