أبرز المخرج الفلسطيني نزار حسن ممثلي المذاهب المختلفة من سُنة وشيعة في لبنان على الحياد في فيلم تسجيلي باسم جنوب يرى فيه أن الطائفية أكثر خطورة على أمن لبنان من إسرائيل. عُرض الفيلم ضمن مسابقة مهرجان الإسماعيلية الثاني عشر للأفلام التسجيلية والقصيرة حيث كان مقالا بعنوان (أن تكون شيعيا الآن) ونشرته الكاتبة اللبنانبة منى فياض بعد الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وجماعة حزب الله لمدة 34 يوما ودمرت كثيرا من البنية الأساسية في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. تقول الكاتبة في الفيلم إنه بعد بدء الحرب التي كان سببها المباشر قيام حزب الله بخطف جنديين إسرائيليين شعرت أن "البلد على كف عفريت" وتضيف أن تلك الحرب أرست واقعا يتلخص في أن يصير الجنوب "بلوك" شيعيا وأن "الاحتلال (الاسرائيلي) 1948 قطع الاتصال بين فلسطينوجنوب لبنان" الذي أصبح تحت سيطرة الحزب. وتقول إحدى ضيفات الفيلم وتعرف نفسها بأن هويتها لبنانية عربية إن "الطائفية أخطر (على لبنان) من إسرائيل.. إسرائيل عدو واضح" لكن الكاتبة بيسان طي تعترف أنها مع حزب الله مبررة ذلك أنه "يحارب إسرائيل. الدولة اللبنانية مستقيلة من هذا الواجب." ولا تنطلق الكاتبة في هذا الرأي من داع مذهبي بل ترد على سؤال عما يعني لها أن تكون شيعية قائلة "لا شيء" فلا يعني لها كثيرا أن يكون الحزب الذي يناوئ إسرائيل شيعيا أو سُنيا. وبيسان تكره اللون الأسود الذي يميز الضاحية الجنوبية للعاصمة وترى أن مشروع الدولة اللبنانية كان علمانيا ثم صار ذا طابع ديني خلال الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 الى 1990. وفي الفيلم الذي تبلغ مدته 58 دقيقة يرفض لبنانيون تعبير " الضاحية الجنوبية" لبيروت قائلين إن هذه التسمية الجديدة تنتمي الى حزب الله فيرى المواطن اللبناني لقمان أن "الضاحية قبل 1982 كانت كوزموبوليتانية" وملتقى لجنسيات وثقافات متنوعة قبل أن يكسر الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة تلك الحالة. ويتوقف لقمان أمام عام 1982 قائلا إن هذا العام هو "الزلزال.. حالة كربلائية" في إشارة الى مأساة كربلاء التاريخية التي انتهت بمصرع الإمام الحسين بن علي حفيد النبي محمد (ص). ويحتل طقس عاشوراء السنوي في لبنان جانبا كبيرا من مشاهد الفيلم وهو نوع من جلد الذات فعليا لا نفسيا عقابا على تقصير الجيل المعاصر للحسين في نصرته. ويتضمن هذا الطقس رقصا وصراخا ويقوم الرجال بتعرية صدورهم وضرب رؤوسهم بآلآت حادة فتسيل الدماء التي تصبغ ساحة الاحتفال باللون الأحمر وهم يرددون "يا حسين" و"حيدر حيدر" وهو أحد أسماء الخليفة علي بن أبي طالب ابن عم النبي محمد وزوج ابنته فاطمة. وتنفي منى فياض أن يكون هذا الطقس بربريا أو همجيا لكنه في رأيها "بدائي". ومعظم الذين تحدثوا في الفيلم كانوا ينتمون الى تنظيمات ماركسية ومنهم شاب يعترف أنه "دينيا غير ملتزم" لكنه يشارك في طقس عاشوراء بل يحمل ابنه الصغير على كتفيه الى رجل يضرب الطفل بآلة حادة في مقدمة رأسه فيصرخ ويصير شعره بلون الدم الذي يسيل في خيوط على وجهه. ويظهر الفيلم أبناء الدين الواحد منقسمين في لبنان الذي ينقسم حتى على شهر مارس اذار فالثامن من اذار يشير الى حزب الله الشيعي و14 اذار عنوان فريق سعد الحريري زعيم كتلة المستقبل. وقبل عرض الفيلم قال مخرجه نزار حسن وهو من فلسطينيي 1948 إن الفيلم لا يستهدف "حزب الله أو الحريري" مُشددا أنه يؤيد " المقاومة ضد إسرائيل وأمريكا". والمهرجان الذي يختتم مساء الاربعاء القادم تشارك فيه أفلام من 40 دولة منها ثماني دول عربية هي لبنان والعراق وسوريا والسعودية والاردن وتونس وفلسطين ومصر. وتبلغ جوائزه 60 ألف جنيه مصري (حوالي 11 ألف دولار) توزع على خمس مسابقات تشمل الفيلم الروائي القصير والتسجيلي الطويل والتسجيلي القصير والرسوم المتحركة والأفلام التجريبية. (رويترز)