الاهرام 2/10/2008 تتغير الحكومات والاحزاب في اسرائيل ولكن السياسات الاسرائيلية لا تتغير بل تزداد اهدافها وضوحا واقترابا من الغاية المحددة لها, وهي تصفية القضية الفلسطينية واحتلال مزيد من الارض وتهجير سكانها والايقاع بين فصائلها. أما عندنا في العالم العربي, فلا الحكومات تتغير ولا السياسات, بل يعاد انتاج نفس الأوهام والافكار والكليشيهات المكررة عن عملية السلام ومفاوضات الخداع التي يموه بها الجميع علي الجميع... لدرجة ان يصدق ابو مازن وعود إيهود اولمرت بأنه سوف يستمر في محادثات السلام معه حتي بعد ان تخلص منه حزبه كاديما, وانتخب تسيبي ليفني لتشكيل حكومة جديدة. وتصل السذاجة بالعرب ان يعلنوا ترحيبهم بالسيدة ليفني, بحجة انها ستسير علي درب اولمرت, وانها افضل من باراك او نيتانياهو. لقد ترك اولمرت منصبه بعد ان استنفد اغراضه في المماطلة والتسويف, حتي وصلت الصراعات بين فتح وحماس إلي ذروتها وأسال الاخوة الاعداء دم بعض, وفقدت الدول العربية نفوذها وقدرتها علي التأثير بعد ان نجحت الاموال الامريكية والاوروبية في افساد السلطة الفلسطينية, وعزل حماس لترتمي في أحضان ايران وسوريا.. خاصة بعد ان انحازت الدول العربية الرئيسية مصر والسعودية الي فتح, واصبحنا امام مأزق جديد تراود البعض فيه فكرة ارسال قوات عربية إلي غزة بحجة معاقبة من يعرقل المصالحة الفلسطينية. اي معاقبة حماس بصريح العبارة.. وهي دعوة الي الكارثة. وحين تتولي منصب رئيس وزراء اسرائيل سيدة لها تاريخ مخابراتي عريق مثل ليفني من أسرة ذات تاريخ ارهابي, وكانت تشارك في المفاوضات طوال حكم اولمرت دون نتيجة, فلا أحد يتوقع ان تصل عملية السلام علي يديها إلي نهاية مرضية.. فضلا عما ينتظر أن تواجهه من مصاعب في تشكيل حكومة ائتلافية تضم شاس والعمل لها شروط مستحيلة في التفاوض, وقد تضطر الي اجراء انتخابات جديدة. ومع ذلك فقد حاول العرب من باب سد الذرائع والمشاركة في عمليات التمويه المكشوفة التي تمارسها اللجنة الرباعية ومندوبها الدائم توني بلير ومبعوثو الاتحاد الاوروبي سولانا وغيره الذين لا يكفون عن زيارة اسرائيل والاجتماع مع ابو مازن أن يطلبوا عقد جلسة خاصة لمجلس الامن لبحث مشكلة الاستيطان التي تفاقمت منذ انعقاد مؤتمر انابوليس فلم يفلحوا إلا في جعلها جلسة للونس والدردشة بعد ان قاطعتها رايس ومندوبا بريطانيا وفرنسا. ومعني ذلك أن القضية الفلسطينية قد انتقلت الي مرحلة موت اكلينيكي, ويبدو التفاؤل غير المبرر بليفني بمثابة مشاركة في عملية الخداع الكبري التي أدارتها امريكا في عهد بوش لقتل القضية الفلسطينية وتقطيع جثتها ودفنها مع ابو مازن وهنية في الضفة وغزة.!!