انها البلاد التي تشبه لا بل تطابق صورتها الأولى من الجو، صورتها النهارية وتلك الليلية، ففي الدقائق القليلة لمرور الطائرة في فضاء الامارات قبل أن تحط في مطارات مدنها خصوصاً في أبو ظبي ودبي، ستكشف هذه المدن عن مشهدها الخاص ككتل خضراء مقطعة بشكل منتظم مرتب في أبو ظبي مثلاً ومدينة تزدحم بالأبراج في دبي، ثم كخيوط خضراء تخترق أفقاً رملياً واسعاً وتوصل المدن ببعضها، صورة حقيقية للبلاد و «الباقي تفاصيل»... أما في الليل فللمدن معالم أخرى، فالأضواء هي حدودها وتفاصيلها، كل شيء مرسوم بالضوء في الامارات، حتى أدق الأزقة لها خطوطها، إنها بلاد الضوء، وعندما تحاول أن تحتفل فهي تحتفل بزيادة الضوء. الصحف تمتلئ بتلك الأخبار القصيرة التي تحكي عن استعدادات هذه المدينة أو تلك لعيد الفطر بحملات نظافة وتزيين، وحتى تلك المدن التي كانت تعتبر «هامشية» أو تلك التي لم تكن «تحت الضوء»، باتت تتدرج لتصبح جزءاً من مدن الأضواء. يقول الخبر المنشور في احدى الصحف المحلية «أن دائرة الأشغال والخدمات العامة في رأس الخيمة (وهي أحدى الإمارات السبع) أنهت تزيين 20 الف عمود إنارة والجزر الوسطية في طرق الامارات الداخلية والخارجية بالمصابيح الملونة وبعبارات التهنئة بحلول العيد السعيد»... فالعيد في الامارات هو في الدرجة الأولى جرعة إضافية من الأنوار الليلية تحول المدن إلى علب من الضوء، إنها اشتعال للانوار التي ستضيء ليس فقط الطرقات والحدائق بزينة إضافية بل ستضيء كل ما يجب تسوقه لا بل تجعله أكثر وضوحاً وأكثر الحاحاً، فمدن الملاهي التي تستحدث وتركز للمناسبة في المدن، هي مهرجانات ضوئية. أما مراكز التسوق التي تختنق بالأنوار والقناديل وكل شعارات العيد، فهي أصلاً تعيش ليلاً دائماً مشغولاً بالضوء الصناعي لانها مراكز مقفلة... ولانها بلاد «المولات» فهي إذاً بلاد الأضواء الصناعية على مدى النهار، فكيف بها في الاعياد. لقد اصبحت الأنوار عنواناً وشعاراً للأعياد. والأرقام، كما هي مثلاً في البورصة والعقارات، هي ايضاً في موازنات الألعاب الضوئية، تشهد اضطراداً... فكما أعلن مكتب دبي للتسوق، بلغت موازنة احتفالات «العيد في دبي»، 15 مليون درهم (أكثر من أربعة ملايين دولار). و «العيد في دبي» هو برنامج جديد يشهد هذا العام دورته الأولى، وهو غير «شهر التسوق» و «مفاجآت صيف دبي»... وتغطي موازنة هذا البرنامج أعمال التزيين والديكور والترويج لفعاليات العيد ولكن سيكون للألعاب النارية التي ستطلق على مدى أيام العيد في سماء المدينة، النصيب الأكبر. وبما أن الضوء هو لعبة جذب وتسوق باتت تمارسها البلاد في شكل احترافي، فلعبة الأضواء لا تختلف أيضاً في أبو ظبي، فهي أيضاً تشهد الألعاب النارية وإضاءة الشوارع والمولات بالمزيد من الأنوار والزينة وهي أيضاً يشهد كورنيشها البحري الكثير من الأنشطة، وتستحدث فيه مدينة ملاهٍ كبيرة وتشهد مراكزها التجارية الكثير من العروض. العيد في الإمارات ضوئي في الدرجة الاولى وهو امعان في لعبة الإبهار التي يبدو انها تذهب إلى مزيد من الاحترافية.