تدفق الكمبوديون زرافات زرافات على المعابد المنتشرة في جميع أنحاء البلاد حيث تتوقف الحياة بكل معنى الكلمة للاحتفال بواحد من أهم مهرجانات العام الدينية على الإطلاق «بخوم بن» أو مهرجان الموتى. ويعتقد الكمبوديون أنهم لو لم يكرموا الموتى خلال المهرجان الذي يستمر على مدى 15 يوما وبلغت ذروة فعالياته أمس الاثنين فإن الأرواح الجائعة تبعث من جديد. وثمة أرواح عديدة لهذه الأمة ذات التاريخ الدموي من الحرب الأهلية التي استمرت 30 عاما فضلا عن ميراث نظام الخمير الحمر الذي قتل نحو مليوني شخص في ظل حكمهم خلال الفترة 1975 1979. وقد ظهرت هذه الارواح بالفعل في الذاكرة على الأقل عبر المحاكمات الوشيكة المشتركة بين كمبوديا والأمم المتحدة لزعماء الخمير الحمر السابقين والمتوقع أن تبدأ أولاها في غضون شهور. وتحتل صور الزعماء الخمسة السابقين المحتجزين حاليا الصفحات الأولى للصحف بشكل يكاد يكون يوميا. وعلى الرغم من أن غالبية الكمبوديين ولدوا بعد الاطاحة بالخمير الحمر أصحاب التطبيقات الماوية المتطرفة والذين خلفت كتب المناهج الدراسية الخاصة بهم من أي ذكر لحمامات الدم التي اسالوها وذلك في اطار مرسوم «روح المصالحة» الذي اصدرته الحكومة فإنه ما من كمبودي إلا وينعى بعضا من أفراد اسرته الذين قضوا نحبهم على يد هؤلاء. وكانت الحركة طلبت من جميع من يعملون بالحقول الخروج في مسيرة لإعادة كمبوديا إلى مدينة فاضلة زراعية أسمتها العام صفر أودت بحياة خمس السكان بسبب العمل الشاق والمرض والمجاعة والتعذيب والاعدامات في غضون أقل من اربع سنوات. وفي كمبوديا البوذية هناك دائما احتفال في جنازة ويقيمه المعبد مجانا حين لا تقدر اسرة الميت على دفع تكاليفه. وهناك دائما صورة للأحباب ولم يسمح لأغلبية من ماتوا تحت حكم الخمير الحمر لأن يقام عليهم حداد في ظل نظام يحظر الدين . والأرواح التي لا يقام عليها حداد تكون غاضبة وجائعة وتغيب عنها الراحة بحسب تقليد للخمير.