يرى محللون أن أزمة الائتمان تهدد سندات الخزانة الأمريكية بالانهيار في حال تراجع الثقة في قدرة الولاياتالمتحدة على تسديد ديونها الكبيرة. ومن اللافت للنظر أن الدولة الفيدرالية التي تعاني جراء تراجع عائداتها الضريبية وارتفاع نفقاتها إلى حد هائل لمساعدة الاقتصاد على الخروج من وضعه الصعب كانت في الواقع من الرابحين على الأمد القريب جراء الأزمة المالية. ففي ظل تراجع الأسهم والتقلبات الحادة في أسعار المواد الأولية ومخاطر أسواق القروض اجتذبت سندات الخزانة مستثمرين من العالم بأسره بحثا عن توظيف أموالهم في قطاع خالٍ من أي مخاطر. وتعاني سوق الأسهم الأمريكية تفاوت أداء أسعار الأسهم منذ مطلع 2008 مقابل تدني الإيرادات بشكل مستمر في حين تبقى نسبة التضخم العدو التقليدي لأسواق السندات في أعلى مستوياتها. وتمكنت أمريكا بإصدارها سندات خزانة من تخفيض معدلات الفائدة بشكل متواصل، وقد وافق بعض المستثمرين على نسبة فائدة معدومة في مزاد علني على سندات أجل 35 يوما في 17سبتمبر/ أيلول 2008. وتستغل الخزانة الأمريكية الوضع ومن المتوقع أن تصل قيمة المبالغ التي جمعتها في الأسواق منذ ذلك التاريخ إلى 300 مليار دولار وذلك في إطار برنامج وضع خصيصا لمساعدة الاحتياطي الفيدرالي. ومن جانبها، وزعت وزارة الخزانة الأمريكية 24 مليار دولار من سندات الخزينة أجل 5 سنوات في مزاد شهري، مما شكل مبلغا غير مسبوق لمزاد فصلي منذ 2003 ولو أن الطلب كان يفوق ذلك بأكثر من مرتين إذ كان يصل إلى 845 مليار دولار. ووصف متابعون الإقبال على شراء سندات الخزانة بالهروب إلى النوعية، وهو ما يعني أن الخزانة الأمريكية تملك عائدات ضريبية تسمح لها في مطلق الظروف بتسديد كامل للمبالغ المطلولة منها وأن الدولار سيبقى عملة آمنة. يرى جويل ناروف الخبير الاقتصادي المستقل، أن ثمة فورة في الإقبال على سندات الخزانة، وسط معدلات فائدة معدومة أو سلبية إلى حد غير منطقي، لافتا أن الفائدة ستعود وترتفع بعد تبدد المخاوف. وأضاف بيل كينج من مؤسسة رامزي كينج سيكيوريتيز، أنه من غير المنطقي إقراض أية جهة زادت ديونها إلى هذا الحد ولاسيما عندما تكون آفاق النمو رديئة. فالجهات الكبرى التي تملك سندات الخزانة الأمريكية هي بالمقام الأول مصارف مركزية تتحكم بفائض تجاري مثل المصرف المركزي الياباني والمصرف المركزي الصيني وكذلك مصارف مركزية خليجية. وستكون قيمة أصول هذه الجهات المقرضة في خطر كبير في حال انهيار السندات الأمريكية مما سيشكل ضغطا على الدولار وبالتالي انهيار الأصول الأمريكية ومنها أسواق الأسهم وسيؤدي على الأرجح إلى ركود كبير. ولهذا فإن انهيار السندات الأمريكية يشكل خطرا على الحكومات التى تمتلك أصولا بالدولار، وتحول المستثمرين عن سندات الدين الأمريكي سيضر الولاياتالمتحدة أولا ويتخطاها لدول العالم. (أ ف ب)