الأخبار 9/9/2008 منذ أن تولي الرئيس السادات مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية عقب رحيل الرئيس عبدالناصر وهو يعلن، ويؤكد، ويبشر، أن الأولوية المطلقة أمامه ستكون من نصيب الثأر من العدو الإسرائيلي، وضرب قواته المحتلة والمتمركزة في سيناء وطرد فلولها حتي آخر شبر من التراب المصري، من جهة، وبناء الشعبية التي كان السادات يفتقدها في بداية توليه الرئاسة.. من جهة أخري! ولعلنا نتذكر كيف تحمل السادات سخرية الكثيرين من خلال »النكت« التي ألفوها، ورددوها، وأضحكونا بها عن »سنة الحسم« التي حددها القائد الأعلي للقوات المسلحة 1971 وانتهت السنة بدون »حسم« ولا »ثأر«.. وقيل آنذاك إن التأجيل جاء بسبب سوء الأحوال الجوية خاصة »الضباب« الذي يعوق الطلعات الجوية الهجومية! ما قيل وتردد وقتذاك:يأسا وتأييسا من إمكانات قواتنا المسلحة في شن الحرب الثأرية، كان يسمعه الرئيس السادات ويضحك مع الضاحكين منه، لكنه في الوقت نفسه كان يتابع استعدادات الجيش دعما، وتدريبا، وتسليحا كأولوية مطلقة أمامه. في كتاب الزميل صلاح قبضايا، الذي صدر في الأسبوع الماضي، تحت عنوان ذات معني ودلالة: "سادات 73" يذكرنا صفحاته الأولي بتلك الفترة الصعبة التي وعد الرئيس السادات خلالها بأن »المعركة آتية لا ريب فيها.. إن لم تكن غدا فبعد غد علي الأكثر«، والجهد الكبير الذي بذله من أجل توفير كل الإمكانات الأساسية والضرورية لشن الحرب الهجومية، ثم يفاجأ باكتشاف »تنظيم سري« شكله بعض الضباط لمنع نشوب تلك الحرب التي ينتظرها الشعب المصري بفارغ الصبر! بعد اكتشاف هذا التنظيم، والقبض علي العديد من الضباط وعلي رأسهم رئيسه ومحركه الأول:اللواء علي عبدالخبير.. كتب صلاح قبضايا يقول: [أدلي اللواء عبدالخبير باعترافات تفصيلية وأقر بمسئوليته الكاملة عن تشكيل تنظيم سري من العسكريين باسم:»إنقاذ مصر«. وبمواجهة الآخرين باعتراف عبدالخبير أمام المدعي العسكري العام، أقروا بتورطهم. وأصدر الرئيس السادات قرارا بإقالة اللواء محمد محرز مدير المخابرات الحربية لأن أجهزته لم تنجح في كشف أسرار التنظيم السري منذ البداية]. ويضيف مؤلف كتاب »سادات73« قائلا: [بعد نجاح السادات في التخلص من معارضي شن الحرب، أصبحت جميع أفرع القوات المسلحة تحت قيادة عناصر تؤمن بفكرة عبور قناة السويس ومواجهة العدو شرق القناة، ووضع خطة متكاملة لذلك، إعتمادا علي ما يتوافر للقوات المسلحة وليس طبقا للمفترض توافره. وبتعيين القيادات الجديدة، وباستبعاد المتخوفين من فكرة الحرب، بدأ دوران عجلة الحرب علي مدي عشرة أشهر كانت تجري خلالها عمليات تمويه وخداع استراتيجي تمهد لحلقات أخري من الخداع التكتيكي الذي يسبق ساعة الصفر. وعندها.. تكتمل كل خيوط الخطة التي صنعت أحداث أكتوبر 1973].ولا بأس من استعادة التعرف علي بعض عمليات التمويه التي قمنا بها لخداع إسرائيل، وكما سجلها مؤلف كتاب»سادات 73«: [لقد اكتشف العدو أن مصر قامت بتسريح 30 ألف مجنٌد وإحالتهم إلي الاحتياط، وشكل ذلك مفاجأة للجميع، ورأت إسرائيل فيه مؤشرا من مؤشرات اليأس لدي المصريين، دون أن يتنبه أحد إلي أن الجنود المسرحين كانوا من غير حملة المؤهلات ومعظمهم من العاملين في مواقع غير قتالية وليس منهم من يشارك في الوحدات الضاربة]. وكان السادات قد تعمد أن يعلن قرارات يعلم جيدا أنها لن تنفذ، وكلها زيادة في التمويه علي العدو وتضليله عن الحقيقة. فساعة الحسم 71 لم تحسم شيئا! والوعد بشن الحرب قبل نهاية السنة التالية 72 لم يتحقق نتيجة كثافة الضباب، من جهة، وبسبب اندلاع الحرب بين الهند وباكستان! ويروي صلاح قبضايا النكتة الشهيرة التي راجت وقتذاك، وتقول: [ إن الرئيس السادات أصدر أمرا بأن يكون عام 72 امتدادا لعام71، وأن يسمي ب71بشرطة، أو عام71مكرر]! ويؤكد صلاح قبضايا أن هذه النكتة وغيرها كان يضحك لها السادات، ويري فيها دعما لعمليات التمويه والخداع، وزيادة ثقة قادة الجيش الإسرائيلي في أن مصر لن تجرؤ علي شن الحرب ضد قواتها الرابطة في سيناء.