تحقيق : عبد الرحمن عثمان - فاطمة حسن تصوير: محمد اللو كثر الحديث في العامين الأخيرين عن "قانون الوظيفة العامة" و "مكافحة الفساد" و "الحكومة الإلكترونية" . ومع هذه الأحاديث ثارت الأقاويل عن "تخفيض الجهاز الإداري للدولة" أي تخفيض العمالة في الحكومة . وتردد الكثير عما يحتويه "قانون الوظيفة العامة" من مواد تجعل الموظفون يهربون من العمل إلى التقاعد ، سعيا من الحكومة لتخفيض إنفاقها ، وكله على حساب الموظفون الحاليون . عندما فكرنا في موقع "أخبار مصر" في تناول هموم الستة ملايين موظف واسرهم ومخاوفهم من وعلى المستقبل، فكرنا أيضا فيمن يكون الشخص الذي نحمل إليه هذه الهموم ونبحث عنده عن الطمأنينة لهؤلاء الملاين الستة. وظن فريق العمل أننا سنذهب إلى وزراء المالية والتأمينات والعمل وربما رئيس الوزراء لكي نجد عندهم بعض ما يشفي الصدور لكننا وجدنا أن كل الخيوط تؤدي لشخص واحد تحمل وزارته هذا الأمر على عاتقها ؛ إنه الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية الذي يصفه البعض بأنه "غيرسياسي" في كلامه أي لايجيد تزويق الكلام وأنه جاد لحد الصرامة و,انه وانه.... ذهب فريق "عمل "موقع أخبار مصر" إلى مكتب "الدكتور أحمد درويش"قبل الموعد المحدد لنجد الفريق الإعلامي للوزير بإنتظارنا ولم يطل إنتظارنا لمعالي الوزير فقد جاء في الموعد ، الذي حدده هو، تقريبا. وجدناه شخصا لطيفا بشوشا ، يحس المرء بالألفة معه منذ بداية لقاؤه ولم تمنعنا ألفته من أن نصر على أن نكون صرحاء في حوارنا معه . الطريف أن الدكتور أحمد درويش كان المبادر بسؤأل لي كشخص كفيف وهل يجد المكفوفون في مصر قراء متطوعون بسهولة وعن مدى إنتشار ثقافة الكتاب المسموع في بلادنا. حينئذ شعرت أكثر بمدى إهتمامه وشعرت بأنني يجب أن أنقل إليه طلب ألوف الموظفون من ذوي الإحتياجات البصرية بضرورة أن يتضمن قانون الوظيفة العامة الجديد مواد تفرض على الجهات الحكومية توفير أجهزة حاسب آلي ناطقة أو مكبرة لتمكينهم من أن يكونوا أعضاء فاعلين في أعمالهم الحكومية بدلا من أن يكونوا قوة معطلة. فقال الدكتور: أحمد درويش :"هذا لا يحتاج إلى قانون ، بل إنه إذا خلصت النوايا ، فهذا واجب على كل جهة بها شخص كفيف، وكل مايحتاجه الأمر هو قرار إداري بأن على كل مؤسسة لديها شخص كفيف توفير كمبيوتر ناطق له" ووعد سيادته ببحث عمل بروتوكول تعاون مع الشركات المنتجة لهذه البرامج لتوفيرها للحكومة. بعد ذلك إنتقلنا إلى الموضوع الرئيسي لحوارنا فبادرت الزميلة فاطمة حسن بسؤال "الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية" ألم يكن قانون العمل الموحد الحالي بتعديلاته كافيا حتى نفكر في تغييره واصدار قانون جديد للوظيفة العامة؟ - "القانون الحالي صدر عام 1978 أي منذ 30 عاما ، والمتغيرات خلال هذه الأعوام الثلاثين كانت كبيرة بما يجعل أي تعديلات على القانون الحالي غير مجدية ، فكان الأفضل إعداد قانون جديد .وهذه سمة القوانين الوضعية وهذا هو الفرق بين الكتب السماوية والقانون الوضعي الذي وضعه الإنسان في خلال مرحلة محددة ، ولما تتغير الدنيا نكتشف أنه هناك حاجة لبديل له. القانون الحالي صدر 78 وحتى عام 84 كان عدد الخريجين محدودا وكانت الدولة تتكفل بتوفير وظيفة لكل خريج. ومن ثم فإن القانون لم ينظم على الإطلاق قضية مثل التعاقد لأنه لم يكن هناك احتياج للتعاقد فالناس كلها معينة. والتعاقد كان ينظر إليه على أنه مسألة مؤقتة، ولذا فإننا نرث حتى الآن مصطلح "المؤقتين" وكانت وزارة الزراعة مثلا إذا إحتاجات خبير لقص الأشجار أسبوعين أو ثلاثة أسابيع تتعاقد معه ، وهذا عمل مؤقت حقا ، لكن إذا تعاقدت مع شخص لثلاث أو أربع سنين وأحيانا سبع سنين فأين لفظ المؤقت هنا؟!!! . ولأن الاحتياج كان ثلاثة أسابيع فقط في الحالة الأولى ، فإن القانون لم يفرض عمل إعلان له أو حتى أن أقوم بترتيب المتقدمين لهذه الوظيفة. واليوم الوضع تغير ، أنا عندي ناس متعاقدين للعمل في برنامج الحكومة الإلكترونية وهناك جهات أخرى كثيرة لديها متعاقدين ، والان أصبح مطلوبا تنظيم عملية التعاقد ومطلوبا أن ينزل إعلان لكي لايكون التعاقد هو وسيلة ل "الواسطة" في الحكومة .ومطلوب ألا يكون مرتب المتعاقد على هوى الإدارة ، فلا يكون أقل من مرتب قرينه فيستغلونه أو يكون أكبر من قرينه وهذا وارد ، فالقانون لم يحدد مرتب للمتعاقد. وهناك نظم المساءلة والمحاسبة أيضا ، فلقد تغيرت منظومة القيم في المجتمع المصري للأسف، ,اصبح مطلوبا وجود نظم مساءلة ومحاسبة أكثر إنضباطا... - واستطرد الدكتور درويش قائلا: " في العادة عندما نحتاج إلى تغيير حاجة مادة أو أكثر فإننا نتقدم بتعديل ، لكننا إكتشفنا أن عدد الأشياء التي نريد تغييرها كبير ، فوجدنا أنه من الأنسب صدور قانون جديد وليس مجرد تعديل للقانون الحالي". - نريد أن نعرف من سيادتك ملامح القانون الجديد القانون يركز على شيئين رئيسين ؛ نظم شغل الوظيفة وما نحتاج إليه من تغيير فيها مثل تقنين التعاقد – مع الابقاء على التعيين، ولقد كان لدينا توجه هل نبقي على التعيين أم لا، لكننا وجدنا أن طبقات الشعب المصري كلها تتفق على الابقاء على التعيين، ولذا سنبقي على التعيين مع تقنين التعاقد، وما يستتبعه هذا من نظم واضحة لتحقيق العدالة والنزاهة والجدارة، "فلا وظيفة بدون اعلان "ولقد حققنا هذا بالفعل في قانون التعليم .الذي صدر ,أخذ بنظام التعاقد والإعلان عنه بطريقة واسعة الانتشار في جريدتين يوميتين ويتم المفاضلة بين المتقدمين ، كما ان الاعلان عن الفائز بالوظيفة سيكون على الموقع الحكومي حتى يستطيع كل من يرى نفسه انه كان افضل من الذي فاز بالوظيفة التقدم بشكوى. والنصف الثاني من القانون يتحدث عن المساءلة والمحاسبة ونظما أكثر حزما وانضباطا. ويقلل عدد الجزاءات، فالجزاءات حاليا 12 جزاء وسنحولها إلى نحو 5 جزاءات ولن يكون هناك إنذار ولفت نظر ونحو ذلك لكي تكون الجزاءات رادعة حيث أن هذه الجزاءات المعنوية مثل الإنذار ولفت النظر سيتم ضمها في نوع واحد فقط وهناك في القانون أشياء نتعشم أن تكون أحد وليس كل أركان التحرك نحو نظام إداري أكثر كفاءة وفاعلية. - سيادتك تحدثت عن الجزاءات وفي مشروع القانون نص يفيد بعدم محو الجزاءات من ملف الموظف ، هل عدم المحو يشمل كل انواع الجزاءات أم أن هناك عقوبات مثل "الإنذار ولفت النظر " يمكن رفعها طالما ان الخطأ المرتكب ليس جسيما ؟. - هنا بدا الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية ألإدارية متفهما للوضع وقال : - "هذه قضية قابلة للحوار " وأضاف " يمحى أثر الجزاء لكنه لايرفع من الملف وهذا معمول به في كافة الجهات التي تطمح لأن تقول أن الشخص الذي يتولى قيادة عليا يجب أن يكون ملفه نظيف تماما، وهذا معمول به في الشرطة والقوات المسلحة وكافة الشركات الدولية... فالجزاء له طبعا أثر ما ، كأن يحرم الشخص من الترقية أو يتم تأخيرها أو يخصم من مرتبه مثلا، والأثر المباشر للجزاء هو العقوبة وبعد فترة ما يصبح هذا الجزاء بدون أثر، وما نطالب به هو ليس محو أثره فلا أحد يتكلم عن محو الأثر لأنه إجراء قانوني لا يمحى أثره ،لكن الحديث يدور حول [هل تنزع هذه الورقة من ملف الموظف أم تبقى ] والأمر الحالي هو أن تنزع هذه الورقة... ونفترض أن الموظف تقدم لشغل إحدى الوظائف الكبرى أو لمنصب مدير عام .. أليس من حقي أن أنظر إلى ملفه.. فإذا تقدم شخصان لوظيفة كيف أفاضل بينهما إلا بالنظر إلى الملف.. وهذه مسألة قائمة حاليا بشكل غير رسمي ، وما نرغب فيه هو ألا نخفي عن أنفسنا الحقائق .. ففي لجان الترقية نقول لبعضنا "على فكرة صاحبنا هذا كان من أربع او خمس سنين عمل كذا وكذا ..." وبشكل غير رسمي نقول " ماتأخدوش فلان هذا بسبب ما كان يفعله] .وربما يكون هذا غير قانوني لأن الورقة نزعت من الملف. وتبقى القضية الآن هي أن الجزاء يمحى أثره لكننا لانستطيع أن نمحو التاريخ فتظل الورقة في الملف وهذا هو المفترض " - وماذا عما يتضمنه القانون عن فتح الإجازات بدون مرتب ؟ - الإجازات إجراء إداري ونحن نفتحه الآن ، فمصر دولة مصدرة للخبرات ولانعتقد أن لدينا بالجهاز الإداري عجز ، في كل التخصصات ... لدينا عجز في تخصصات قليلة جدا ومحددة بعض تخصصات الطب وليس كلها ، وبعض تخصصات الهندسة وليس كلها أيضا وهناك عجز في بعض تخصصات التدريس يمكن تعويضها من خريجي كليات التربية الذين لايعملون .. ولانرى باي شكل من الأشكل أن يقيد الجهاز الإداري للدولة حرية الناس في أن يكونوا ممثلين لمصر في البلدان العربية والمجاورة بل وفي سوق العمل الداخلي.. وهذا لايحتاج تعديل في القانون ولكن تعديل في ثقافة القائمين على الإدارة. ولقد أصدرت كتابا دوريا يوجه بعدم التضييق على الراغبين في إجازات بدون مرتب ومع ذلك مازالت تأتيني شكاوى على الرقم المخصص لهذا " 19468" رقم الشكاوى بوزارة الدولة للتنمية الإدارية. وشكا موظف مثلا ان مديره يرفض لحاجة العمل إليه ، واكتشفنا أنه محاسب وهناك طابور من المحاسبين وألاف من خريجي كليات التجارة المحاسبين في إنتظار فرصة عمل.فهذه ثقافة قبل أن تكون نظام عمل. - وماذا عن الكلام بخصوص موضوع المعاش المبكر ؟ - المعاش المبكر في الحكومة طوعي ، فالحكومة ليست مستثمرا يريد تخفيض نفقاته فيعطي حزمة من الإجراءات للمعاش المبكر . وهو طوعي في الحكومة.. وفي إطار سياستنا نستطلع أراء الموظفين فلايمكن عمل الجهاز الإداري الذي أطمح إليه وبه دون أن يكون هناك رضاء مالي ونفسي للموظفين ، جزء ومن الرضاء النفسي تلك الخدمات التي نقدمها لهم من تأمين صحي وخدمات للمرأة العاملة من توفير حضانة وغير ذلك بل والمكان الذي يعمل به الموظف .. وكل هذا يدخل في إطار الرضاء النفسي. فنحن نأمل في الخروج بقانون متوازن فالقضية ليست مساءلة ومحاسبة بل هي هي قضية إثابة وقضية رضاء مالي ورضاء نفسي. ودعونا نتفق على هذا . وفي إطار التشاور مع الموظفين وجدنا أن القانون الحالي يتسامح في عامين ، فمن بلغ الثامنة والخمسين كان ممكن أتسامح معه وأعطيه معاشا كاملا [وهذه تكلفة على الدولة فهو خلال هاتين السنتين كان يدفع مساهمة فهناك حصة يدفعها الموظف وحصة صاحب العمل تدفعها الحكومة] . وبدأت مؤخرا تظهر ثقافة ولهي ليست منتشرة كثيرا ، وهي أن بعض الناس تريد مثلا عمل مشروع خاص ، او العمل في شركة قطاع خاص قبل أن تخرج للمعاش ، وجاءنا مثلا أن سيدة تقول أنها جدة الآن وتريد أن ترعى حفيدها لكي تعطي إبنتها فرصة للحياة والعمل. ولذا طالب البعض بتقديم سن السماح بالمعاش المبكر إلى 55 عاما بدلا من 58 عاما ونحن ندرس التكلفة مع وزارة المالية وسوف نعلن إذا كانت الدولة تتحمل هذا بإعتبار أن الأعداد غير كبيرة. لكن معظم الموظفون يصلون إلى سن الستين وعند الخروج يطالبون بالمد لهم فالحمد لله الرعاية الصحية تقدمت في مصر وارتفع متوسط العمر 67 و 69 عاما بعد أن كان 57 و 59 عاما منذ عشرين عاما ، وأعتقد أن الدولة سوف تستطيع تحمل تكلفة تخفيض سن المعاش المبكر باعتبار أن الأعداد ليست كبيرة كما قلت."وهذه خدمة أو ميزة نمنحها للناس ، وفي الحقيقة نحن ليس لدينا رغبة لدفع الناس للخروج إلى المعاش لأن في هذا تكلفة - هذا يخالف الأقوال بأن الحكومة تريد دفع الناس للخروج وتخفيض العمالة في الجهاز الإداري للدولة واستطرد الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية وهو يبتسم قائلا : " دعونا نتفق أن كل شيء تفعله الحكومة الناس تقابلها بشكوك ، فجسر الثقة لم يمتد بين الموظف والحكومة بعد - بادرت الزميلة فاطمة حسن بسؤال الوزير هنا " ومن يبني جسر الثقة هذا؟ تبنيه التجربة التي تثبت النوايا الحسنة...ولذا فأنا أتجنب الرد على مثل هذه الأمور فمهما قلت أن نوايانا حسنة لن يصدقوا. هذا الجسر لن يبنى إلا إذا اتصل المواطن بالتليفون أو عبر الإنترنت وطلب خدمة ووجد أنها تصل إليه في منزله وهو لم يسدد قيمتها بعد... فيدرك أن نظام الدفع عند الاستلام نظاما حقيقيا .. وعند جلوسه مع أصدقائه على المقهى سوف يقول لهم على فكرة أنا ضاع مني الرقم القومي وطلبت بدل فاقد على الإنترنت وجاءني للبيت و ماكنتش لسه دفعت تمن الخدمة" جسر الثقة سوف يبنى حين يصدر القانون الجديد ويجد الناس أن قضية المعاش المبكر عمل طوعي وليس هناك نص في القانون يلزم كل الناس بالخروج للمعاش مبكرا ، وطالما نحن نتحدث عن قانون لم يصدر فإن الناس سيظلون يظنون أننا سوف نضع "جملة كدة ولا كده أو جملة خفية"... ماسيبني جسر الثقة هو التجربة الحقيقية وستبدأ الناس شيئا فشيئا تثق فينا " صمت الدكتور أحمد درويش قليلا وبدا أنه يفكر ثم استطرد قائلا: "هذه قضية عالمية وليست قضية مصرية ، وهناك منتدى عالمي يسمى "منتدى الحكومات" ويعقد كل عامين وبدأ بمبادرة من "آل جور" نائب الرئيس الأمريكي السابق " وفي كل دورة يكون موضوع الحوار مختلفا ، وفي دورة يوليو 2007 التي عقدت في النمسا كان موضوع الحوار هو "بناء الثقة بين الحكومات والمواطنين"وكان المتحدثون من دول أوروبية غربية وأمريكية ومن مختلف دول العالم وتحدثوا عن الأجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومات لبناء الثقة مع المواطنين، ولاحظوا أننا نتكلم الآن عن ممثلين للدول الأكثر تقدما وليست دول العالم الثالث" - أليس لوسائل الإعلام دورا في بناء الثقة؟ وسائل الإعلام لها رغبة بشكل ما في اجتذاب المشاهد او القاريء ، والخبر الإيجابي لا يشد القاريء . وسائل الإعلام بالتأكيد لها دور ولكن إذا ظللنا نسير بالنمط المالي الحالي فإن وسائل الإعلام سيكون دورها محدود...فهي في نهاية الأمر لها رغبة في الموضوعات الأكثر إثارة منها إلى الأمور الأكثر هدؤا وانسجاما . فليس خبرا أن مواطنا طلب خدمة من الحكومة ونفذتها ، لأن من وجهة نظرهم هذا واجب الحكومة . أما إن كان هناك مواطنا له تظلما لأن رئيسه في العمل رفض أن يسافر للعمل بالخارج رغم أنه يعمل في مكتب مع عشرة موظفين ليس لهم مكان يجلسون عليه، فهذا خبر !: . - بمناسبة الحديث عن وسائل الإعلام ... هل صدر عن معاليك تصريح تقول فيه " إن موظفي الحكومة هم عالة على الحكومة"؟ بدا الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية مندهشا وهو يسمع سؤالي ، وبدا أكثر إندهاشا لأنه لم لم يقرأ هذا التصريح الذي نشرته جريدة الوفد وكان رده قاطعا حازما : يقينا لا لالا " واستطرد قائلا " لايمكن أن أكون قلت هذا.. أنا وزير تنمية إدارية و ألف باء موارد بشرية تقول إن الشخص الذي لديه ثروة يجب أن يستغلها ، لا أن يشتكي أن لديه ثروة .. أليس هذا صحيحا !!. أنا لدي ثروة والوضع الطبيعي أن أبحث كيف أستغلها .. لا أحد يكون لديه ثروة ويقول أرميها أنا عندي فلوس كثيرة ومش عارف أعمل بيها إيه مش معقول .. لأ لم أقله والأخطر أنني لم أقرأه وإلا كنت قد أرسلت تصحيحا " وضحك الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية ضحكة تملأها المرارة وتعبر فيما نظن عن الفجوة بين الحكومة وليس فقط مع المواطنين بل ووسائل الإعلام . ثم استطرد قائلا : " أنا قلت لدينا فائض" وهذا لا ينكره أحد وبالأرقام كان عدد موظفي الحكومة عام 1976 واحد ونصف مليون موظف وكان عدد السكان فيما أذكر ستة وثلاثين مليون، واليوم تعداد من يعيش على أرض مصر ثلاثة وسبعون مليون أي أن السكان تضاعفوا في الثلاثين عاما الماضية الحكومة نمت من واحد ونصف مليون إلى ستة ملايين أن الحكومة تضاعفت أربعة مرات ... إذا من المؤكد أن لدينا فائض، وماذا نفعل في هذا الفائض .. نستغله نحاول أن نوجهه لأن يكون منتجا .. نحاول نجري تدريب تحويلي... نحاول إعادة التوزيع... هل معنى هذا أن الحكومة لا تشتكي من عجز .. بلى الحكومة لديها عجز لقد جاءني خطاب من أحد المحافظين يقول أن لديه عجزا 114 موظفا فاستغربت بشدة ، وقلت له " ما رأيك إن لدي من المتخصصين الذين يقومون بدراسة مايسمى "دراسة أعباء العمل" أي من يقوم بماذا والمقرر القانوني لموظف الحكومة وحجم العمل الذي يستطيع أدائه من عمل" ... فأجرينا دراسةأعباء العمل لنجد أن لديه 1024 موظفا فائضا وهو يطلب تعيين 114... إذا ما المشكلة!!! المشكلة أن ال 1024 موظفا يريدون العمل في قراهم .. على الرصيف المقابل لمنازلهم... وهذه قضية اجتماعية أتفق معهم فيها لأن الإنتقالات صعبة وهذه محافظات ، لكي لا يقال أن الوزير غير متفهم للمسائل الأجتماعية والاقتصادية في المجتمع ... كلا أنا متفهم للمسائل الاقتصادية والاجتماعية فالانتقالات صعبة ومكلفة وما إلى ذلك... ولذا بدأت منذ عام بحث ما يحقق استقرار المنتدبين ولقد تأخر صدور الموضوع قليلا وبحثنا مثلا أن نجري مقاصة كأن ينقل هذا الموظف إلى تلك الجهة وذلك الموظف إلى هذه الجهة وهكذا يجب أن نبحث عن حلول غير تقليدية لتوزيع الفائض إلى الأماكن التي بها عجز ،... حلول غير تقليدية لنقل الفائضين إلى وظائف أخرى .." وأضاف الدكتور درويش " لكن ليس لدينا النية حتى لتقليص الجهاز الإداري بما فيهم المتعاقدين سوف نجدد لهم . القرار الذي أخذ هو ثبات حجم الجهاز الإداري وقلته أكثر من مرة هو أنني أزيد الجهاز الإداري أكثر من ستة ملايين . ولن أوقف التعيينات وإلا أصبت الجهاز الإداري بالعجز والشيخوخة ولأصبحت الوظائف الدنيا خالية . وحاليا يدخل الجهاز الإداري نفس العدد الذي يخرج إلى التقاعد.. حوالي خمسين إلى خمسة وخمسين ألفا ومنذ عامين استقر الجهاز الإداري عند ستة ملايين ، ولو استطعت أنا ومن يأتي من بعدي وزيرا للتنمية الإدارية تثبيت العدد عند ستة ملايين لمدة خمسة عشر عاما سيصبح الجهاز الإداري مضبوطا تماما . صمت الدكتور أحمد درويش قليلا واستطرد : "يقينا لم أقل كلمة عالة ... ولقد قلت اكثر من مرة في معرض أحاديثي مشروعات عن التطوير والميكنة وما إلى ذلك التي نجريها في الأحياء والوحدات الحسابية " إن الموظف المصري ذكي ولماح وقابل للتعلم والتدريب حاجة مبهرة عندما نقوم بتدريبهم يتدربوا بسرعة جدا – وبقليل من التحفيز- يدرس الدورة ويريد أن ينضم إلى التالية والتالية ففي الوحدات الحسابية ندربهم على الحاسبات ثم كيفية ملأ وإعداد الإستمارات التخصصية ثم نأخذ منهم عشرة في المائة لإدارة النظام فنجد منهم حماسة وتنافس منقطع النظير .