نقلا عن / اخبار الخليج فى 19/6/2008 منذ 11 سبتمبر وتصريحات الحرب على الإرهاب واشتراك معظم الدول العربية في حملة مكافحة الإرهاب، ودخولها في «قانون الإرهاب« بوضعه محلّ الاستخدام المحلي في كل بلد وحسب التوجيهات الأمريكية، فإننا بكل ثقة نقول وكما يقول المحللون كافة، ان الإرهاب زاد في العالم بقياسات كبيرة مقارنة بما كان عليه قبل الحرب الأمريكية على الإرهاب وقبل أحداث سبتمبر. وفي السياق لم يبق حتى الآن بلد عربي واحد، لم يتعرض لاعتداءات إرهابية، حتى (الإمارات) التي كنا نخالها بعيدة عن أجواء تلك الاعتداءات، دخلت مؤخرا دائرة التصريحات البريطانية والأمريكية التي استبقت بتصريحاتها، وربما القائمة على أسانيد مخابراتية، بأن (الإمارات) معرضة لاعتداء إرهابي في بداية هذا الصيف، وأن على مواطنيها، البريطانيين والأمريكيين، أخذ الحيطة والحذر. والغريب ان تنظيم «القاعدة« حسب تصريحات قادته أو قادة الفروع المتفرعة منه في البلاد العربية، هو المسئول عادة عن أغلب الاعتداءات التي عادة ما تجد أرضها المناسبة للإرهاب في البلاد العربية، وفي الأغلب فإن اعتداءاتها المكوكية تلك تقتل مواطنين وأبرياء ونساء وأطفالا، ونادرا جدا ما تقتل الأمريكيين الذين - حسب خطابها الجهادي - فإن عملياتها موجهة ضدهم وضد غيرهم من الغربيين. أحداث (الجزائر) الأخيرة ليست هي الأخيرة بالطبع، فالخليج كما صرح (الظواهري) في واحد من خطاباته هو الهدف القادم أو الهدف المستقبلي، بعد السعودية طبعا. ولكن كيف بالإمكان تصديق، أن دولة عظمى مثل أمريكا، وقد حشدت خلفها كل دول العالم، ونسقت مخابراتها مع مخابرات كل دول العالم أيضا، لاتزال عاجزة عن حصار عمليات الإرهاب التي تقوم بها القاعدة؟ ورغم كل العمليات العسكرية التي تعلنها ضد خلاياها في العراق، ويكون عادة العراقيون الأبرياء هم هدف تلك العمليات العسكرية، ثم سرعان ما تخرج (وجوه قيادية جديدة) للقاعدة، لتقتل بدورها الأبرياء، وكلا الطرفين (الأمريكي وتنظيم القاعدة) يعلن باستمرار حربه الهوجاء ضد بعض، وإذا بالضحايا في أغلب الوقت ليسوا إلا من أبرياء الوطن العربي، الذين لا علاقة لهم لا بأمريكا ولا بتنظيم القاعدة، لكأن تلك العمليات، ومعها التصريحات الأمريكية والتصريحات المضادة لقادة تنظيم القاعدة، ليس لها من دور إلا تخدير الرأي العام العالمي، بأن المعركة المحتدمة بين الطرفين تسير على قدم وساق، ولكن ورغم ذلك فإن الطرف الأمريكي لا يصل إليه الضرر الفادح، مثلما الطرف الآخر في تنظيم القاعدة، تكون قياداته في مأمن من أن تصل اليهم مخابرات أي بلد في العالم، كأنهم أشباح يتنقلون في الكرة الأرضية، فيما مسرحية (جوانتنامو) مستمرة، ومسرحية المحاكمات للأبرياء (بصفة متهمين من القاعدة) مستمرة أيضاً، أما (ابن لادن) فإن غيابه الشخصي عن المسرح العالمي، وربما موته منذ زمن طويل، لا يجعلان من المتعذر إسماع صوته (ربما المفبرك) في الأشرطة التي يتم إرسالها الى قناة الجزيرة عادة، باعتبارها أشهر القنوات الفضائية ولضمان وصول (الرسالة اللادنية) الى جميع المشاهدين. والمرء يتساءل بعد هذا: ما دخل الإمارات اليوم في احتمالية تعرضها لاعتداء إرهابي؟! وإذا كانت المخابرات البريطانية والمخابرات الأمريكية على علم بذلك الاعتداء، فكيف جاءهما اليقين فيما لم تعرفا مثلا شيئا لمنع حدوث مثل ذلك الاعتداء قبل وقوعه؟! ويعود السؤال: لماذا الإمارات اليوم؟! وهل الاعتداء سيكون خدمة للسياسة الأمريكية كما هي العادة في الأماكن الأخرى؟! هل القاعدة فعلا بهذه القوة والجبروت الطاغي؟! وهل المسألة ستدور في حيز ابتزاز سياسي للإمارات، ربما لعدم رضا الطرف الأمريكي عن بعض التوجهات السياسية الإماراتية، وخاصة تجاه إيران؟! هل سيكون للمرتزقة الإرهابيين الموظفين مخابراتياً من بعض الدول الكبرى دور في القيام بذلك الاعتداء، ثم وصم التهمة للقاعدة، وباعتراف من (وجوه قاعدية) أيضا وذلك للغرابة؟! أي دور تلعبه القاعدة إذاً في إفادة المخططات الأمريكية، ونشر الإرهاب حسب التوقيت والجغرافيا بدقة لتصب في توجهات تلك الخططات؟! أي علاقة وأي تنسيق ليزداد الإرهاب، رغم الحرب العالمية على قادته من القاعدة، وليظل (بعبع الإرهاب) متوافراً دائما وحسب الحاحة لدى المخططات الأجنبية؟ وهل للازدهار الاقتصادي والتنموي والتفوق الاستثماري والتوجه الثقافي والإعلامي في الإمارات دخل اليوم في محاولة جعل الإمارات بؤرة أخرى من بؤر الاعتداءات الإرهابية لمجرد إعاقة نهضتها، حتى لم يبق بلد عربي واحد من المحيط الهادر الى الخليج النادر، إلا وفرخت فيه الخلايا الإرهابية، وكما لم يحدث قط قبل أحداث سبتمبر؟! هل القاعدة فعلا بهذه القوة والجبروت الطاغي، لتنتشر مثل الخلايا السرطانية، رغم كل الحرب المعلنة لمكافحتها وضدها؟! هل هناك لعبة غامضة بين القط الأمريكي والفأر الإرهابي من تنظيم القاعدة، ليستمر حجم الحرب المعلنة ضده، وليتزايد الإرهاب في العالم، ولتزداد معه سطوة (قانون مكافحة الإرهاب) ضراوة في كل مكان حتى في أمريكا نفسها، ولتزداد وطأة تكميم الأفواه، وابتزاز الدول كما يحدث اليوم؟! وهل أحداث سبتمبر التي كثرت الأقاويل حولها، وعاما بعد عام يتكشف بعض غموضها هي (العملية التحويلية الكبرى) لمجرى الأحداث في العالم، التي نبتت منها عمليات إرهابية في سياقات أصغر، ولكنها معاً وجميعاً، تسعف التحالف العسكري الصناعي في فعل ما يريد فعله في كل مكان؟! ويعود السؤال الذي لن يتكشف غموضه بسهولة: لماذا الإمارات الآن سوف تتعرض لاعتداء إرهابي حسب التصريحات الأمريكية والبريطانية خاصة انه من المؤكد أن جهة من القاعدة أو فروعها ستتبنى الاعتداء وكالعادة؟!