استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    انتخابات مجلس الشيوخ.. الآليات والضوابط المنظمة لتصويت المصريين فى الخارج    هذا العيار أقل من 3920 جنيها، أسعار الذهب ببداية تعاملات اليوم الأربعاء    ارتفاع سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الأربعاء    لأول مرة منذ أسبوع، استقرار أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 30-7-2028 بالفيوم    ارتفع في بنكين.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الأربعاء    أسعار البيض اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    إغلاق جميع الموانئ التجارية في هاواي بسبب أمواج تسونامي    نائبة إسبانية تعلن تضامنها مع أسطول الصمود العالمي لدعم غزة    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    وزير الخارجية: مصر تهتم بتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الولايات المتحدة    تحليل جديد: رسوم ترامب الجمركية سترفع نفقات المصانع الأمريكية بنسبة 4.5%    الخارجية الأمريكية: قمنا بتقييم عواقب العقوبات الجديدة ضد روسيا علينا    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية فى أوسيم    فقد الوعي بشكل جزئي، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    محافظ الدقهلية:1586 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية المستعمرة الشرقية بلقاس    وزير الإعلام السوري يتوسط لدى الداخلية للإفراج عن الصحفية نور سليمان    فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية لدخول كلية الحقوق والرابط الرسمي    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    ليلى علوي تسترجع ذكريات «حب البنات» بصور من الكواليس: «كل الحب»    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    لا تتبع الوزارة.. البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب منصة جنوب شرق الحمد    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    إبراهيم ربيع: «مرتزقة الإخوان» يفبركون الفيديوهات لنشر الفوضى    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    اليوم، طرح تذاكر حفل الموسقار العالمي عمر خيرت في دبي أوبرا    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    مطران دشنا يترأس صلوات رفع بخور عشية بكنيسة الشهيد العظيم أبو سيفين (صور)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    نبيل الكوكي يقيم مأدبة عشاء للاعبى وأفراد بعثة المصرى بمعسكر تونس    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    التفاصيل الكاملة لسيدة تدعي أنها "ابنة مبارك" واتهمت مشاهير بجرائم خطيرة    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروج الأمريكي من العراق!
نشر في أخبار مصر يوم 18 - 06 - 2008


الشرق الأوسط: 18/6/2008
مهما كانت نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة في نوفمبر القادم فإن واحدة من أهم نتائجها سوف يكون الخروج الأمريكي من العراق، وهو الأمر الذي سوف تكون له نتائج متوسطة وطويلة المدى على المنطقة والعالم. وليس معنى ذلك أن أسلوب المرشحين لمنصب الرئاسة الحاليين سوف يكون واحدا، فعلى جانب باراك أوباما فإن منهجه في سحب القوات الأمريكية سوف يقوم على حزمة من الخطوات الدبلوماسية في إطار الأمم المتحدة، ترافقها خطوات أخرى سياسية للتفاهم والضغط على إيران وسوريا مع تعبئة لقدرات سياسية واقتصادية ومعنوية للدول المجاورة الصديقة للولايات المتحدة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر والأردن وتركيا. وفي هذا الاقتراب سوف يكون الرئيس الأمريكي الجديد مستخدما لصورته كرجل أكثر تفهما وفهما لأخطاء الرئيس السابق، والحاجة إلى فترة وصفحة جديدة للتعامل وبناء العلاقات مع الأصدقاء والأعداء في ذات الوقت.
وعلى الجانب الآخر فإن جون ماكين الذي أعلن عن استعداده للبقاء في العراق لمائة سنة أخرى فإنه لن يكون أقل تلهفا على الخروج من العراق ولكن منهجه سوف يقتبس الكثير من منهج الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون الذي كان أكثر المرشحين الأمريكيين تشددا إزاء الحرب في فيتنام، ولكنه كان الرجل في النهاية الذي تفاوض مع فيتنام الشمالية آنذاك، وعقد الاتفاق معها، وسحب القوات الأمريكية في النهاية. هنا فإن ماكين لن يتورع عن فعل ما فعله نيكسون من قبل في تصعيد الحرب واستخدام القوة إذا كان ذلك ضروريا لإقناع الآخرين في العراق وإيران وكل الأشرار من وجهة النظر الأمريكية بأن الولايات المتحدة ليست في عجلة من أمرها وأنها لا تتخذ قراراتها من موقع الهزيمة.
ولكن أيا ما كان المنهج المتبع فإن النتيجة سوف تكون واحدة، وربما اختلف الموقف من حيث الفترة التي يستغرقها كل منهج، ولكن الأرجح أن الفارق بينهما سوف يحسب بالشهور أكثر مما يحسب بالسنوات. وفي الجوهر فإن كلاهما يعاني من ناحية عناصر القوة انقلاب الرأي العام الأمريكي على الحرب وتزايد رفضه لها، وارتفاع التكلفة الاقتصادية والاستراتيجية للحرب، وباختصار فإن الخروج من العراق سوف يعطي الرئيس الأمريكي الجديد قدرا من الوقت لإعادة الحسابات الكونية الأمريكية من جديد. ولكن ليس معنى ذلك أن الولايات المتحدة سوف تكون على استعداد للإعلان عن استسلامها وتسليم العراق للقوى المضادة لها، فمن الناحية الأخرى لعناصر القوة فإن الأمر في العراق نفسه يعطي الولايات المتحدة أوراقا لا بأس بها حيث حققت استراتيجية «التصعيد» نجاحات ملموسة من حيث حصر نطاقات العنف جغرافيا بالنسبة لجماعات «القاعدة في الشمال الغربي ومنطقة الموصل، وتحقيق تحول واضح في مواقف الرأي العام العراقي إزاء الجماعات الرافضة لكل التحولات الناجمة عن الغزو الأمريكي للعراق خاصة على جانب السنة. ولا يقل أهمية عن كل ذلك أن الحكومة العراقية الحالية رغم الانتقادات المشروعة الموجهة لها حققت بعضا من النجاح على صعيد المصالحة الوطنية حينما وجهت حملة عسكرية ضد العناصر الشيعية المتطرفة لمقتدى الصدر، وفي نفس الوقت أقرت قانونا للعفو العام، وآخر للمعاشات، وثالث لاستئصال البعث يتوجه فقط للعناصر القيادية من نظام صدام حسين، ورابع لسلطات الأقاليم يعطي بدايات فيدرالية ولا مركزية لدولة عراقية جديدة. وفي نفس الوقت فإن السلطات العراقية تقوم بتجهيز قوانين وخطوات سياسية هامة منها إجراء انتخابات الأقاليم، واستخدام عوائد البترول بطريقة تدعم التنمية في العراق وتعطيه دفعة جديدة بعد سنوات من التدمير.
كل ذلك لا يعني بالضرورة أنه بوسع الولايات المتحدة إعلان النصر في العراق، لأن الأوضاع بعيدة كل البعد عن ذلك، ولكن النقطة الهامة هنا أن الرئيس الأمريكي سوف يبدأ تطبيق منهجه ومعه بعض الأوراق والأرصدة العراقية التي تساعده على الحركة الدبلوماسية والسياسية. وربما يعطيه بعض من القوة أن الحرب في العراق على تكلفتها الاقتصادية العالية ليست مكلفة كما تبدو بنفس الدرجة التي كانت عليها في حروب أخرى خاضتها الولايات المتحدة من قبل أخذا بالأسعار الثابتة لعام 2007 فإن تكلفة الحرب في العراق والحرب على الإرهاب عموما قد بلغت 439 مليار دولار سنويا وهو ما يمثل 3.9% من الناتج القومي الإجمالي و20% من الإنفاق الفيدرالي، أما في حرب فيتنام فقد كانت 650 مليار دولار أو 9.4% من الناتج القومي الإجمالي أو 46% من الإنفاق الفيدرالي، وفي حرب كوريا كانت التكلفة السنوية 650 مليار دولار أو 14.2% من الناتج القومي، و69.4% من الإنفاق الفيدرالي، وفي الحرب العالمية الثانية كان إجمالي الإنفاق 3.2 تريليون دولار أو 37.5% من الناتج القومي و 89.5% من الإنفاق الفيدرالي.
كل ذلك لا يعني بالطبع أن الحرب الحالية في العراق غير مكلفة، فهي كذلك خاصة على ضوء أزمات أخرى يمر بها الاقتصاد الأمريكي فضلا عن تكلفة الفرصة البديلة، ولكن المسألة هنا هي أنه من زاوية الحسابات الاستراتيجية البحتة فإن الرئيس الجديد عند تطبيق منهجه سوف يظل لديه فائض اقتصادي من عناصر القوة يعينه بأشكال شتى أثناء عملية التطبيق. وربما كان الأمر نتيجة هذه العوامل كلها قد قاد الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش لاستباق الانتخابات باتفاقية أمنية بين العراق والولايات المتحدة تعكس الوضع الحالي لتوازنات القوى وتعطي الولايات المتحدة بعد انسحابها بعضا من المزايا الاستراتيجية في العراق تعينها على إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة في تعاملاتها مع موضوعات الإرهاب والنفط وإيران.
وهنا فإن النظرة العربية واجبة على الأوضاع الراهنة والمستقبلية في العراق لأن الأوضاع الاستراتيجية سوف تتغير كلية بعد الانسحاب الأمريكي عندما تتحرك قوى عديدة للتعامل مع وضع جديد كلية على العالم العربي والشرق الأوسط كله. والحقيقة فإننا عندما نتحدث عن النظرة العربية فإننا نعني موقف الدول العربية مثل السعودية ومصر والأردن وسوريا ودول الخليج العربية وهي الدول التي سوف تتأثر مباشرة بالتغير الجاري في العراق. ومن واجب هذه الدول على نفسها وعلى المنطقة كلها أن تشارك في صنع التغيير الذي سوف يجري سواء من خلال التعامل مع الولايات المتحدة أو العراق أو إيران أو تركيا وهي الأطراف التي سوف تكون لها تأثيرات مختلفة على التحولات الجوهرية في بغداد.
وفي الحقيقة فإن مثل هذه الوقفة يجب أن تبدأ من الآن بنصيحة للولايات المتحدة أن عقد اتفاقية أمنية مع العراق في ظل الاحتلال الأمريكي لن تكون مقبولة لا من العراقيين ولا من العالم العربي ولا من إيران وسوف تكون لها نتائجها السلبية على الاستقرار في العراق والمنطقة. صحيح أن الولايات المتحدة عقدت اتفاقيات أمنية مع عشرات من دول العالم والمنطقة ولكن الظروف والثقافة السياسية مختلفة تماما عما هو عليه الحال في العراق. ومن الممكن وقف هذه الاتفاقية إذا شعرت الولايات المتحدة أنه سوف يكون هناك اقتراب عربي من نوع جديد إزاء الحكومة العراقية الحالية. وبصراحة فإن القيادات العربية بدت خلال السنوات الماضية وكأنها لا تستطيع، ولا تعرف إلا التعامل مع قيادات من نوعية صدام حسين، أما القيادات الحالية فإنها تبدو قادمة من عالم غريب. ومثل ذلك لم يعد ممكنا استمراره، ليس فقط لأن صدام حسين قد مات ومعه نظامه، وربما الكثير من أفكاره، وإنما لأن العراق تغير بأكثر مما يقدر أي طرف عربي وآن الأوان لتعامل بناء مع هذا التغير.
وفي مقال آخر ربما نعود إلى التغيرات الحادثة ليس فقط في العراق ولكن في بقية العالم العربي أيضا، ولكن ما يهمنا هنا هو أن يكون للجانب العربي نصيب في عملية التشكيل المقبلة للحالة العراقية مهما كان المنهج الذي سيتبعه الرئيس الأمريكي. وهنا فإن اقترابا آخر ضروري من كل من إيران وتركيا على قواعد خاصة بالمصلحة، فلا يوجد لدى أي منهم مصلحة في عراق مفكك يزدهر فيه العنف والطائفية والإرهاب بقدر ما لديهم من مصلحة ألا يعود العراق لما كان عليه في عهد صدام حسين. وما يهمنا في هذه المرحلة هو أن يعود العراق دولة مستقرة يقع في ظلها إعادة تشكيل العراق بالطريقة التي يختارها أبناء العراق. وفي الأمر تفاصيل كثيرة، ولكن نرجو أن تكون النقطة واضحة !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.