الاهرام المسائي 5/2/2008 أبدا لن نسمح بتجويع غزة تلك التعليمات التي سيسجلها التاريخ للرئيس حسني مبارك تلخص موقف مصر من حصار إسرائيل لغزة, ذلك الموقف الذي جاء انطلاقا من ثوابت مصر الوطنية وتأكيدا علي أن مصر أبدا لن تتراجع عن التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية,ذلك الموقف اختصارا قد قطع الطريق أمام كل مزايد أو متشدد أو منافق. هناك امران يجب توضيحهما الأول هو ما أصدره البرلمان الأوروبي من تقرير مشبوه مرفوض من كل المصريين الشرفاء ضد مصر وقيادتها السياسية والثاني هو الضغط المستمر الأمريكي من خلال خفض المساعدات الأمريكية لمصر ذلك القرار الذي نادي به الكونجرس الأمريكي هذان الأمران يجب النظر اليهما بعمق حتي ندرك من وراء هذه الأمور, ورغما عن ذلك عندما جاء حصار غزة انطلق الموقف المصري طاعنا كل ضغوط غير آبه بأي ضغوط أيا ماكانت وجهتها, لم تتم مراعاة إلا شيء واحد وهو الأمن المصري القومي فقط, وثوابتنا وواجبنا الوطني تجاه الأخوة الفلسطينيين المحاصرين في غزة, وفتحت الحدود أمام الأخوة الفلسطينيين للتزود بكل مايحتاجون من مصر. ولانعرف أين ذهب الذين نصبوا أنفسهم أولياءا مدافعين عن حقوق الإنسان أمام مايحدث في غزة من جانب إسرائيل؟ بل مايدعو للدهشة ان حصار غزة أمام مرأي ومسمع العالم أجمع, ومع ذلك لم ينتفض اي فرد متشدق نصب نفسه مدافعا عن حقوق الإنسان في مواقف أخري, بل هنا يجب ان أذكرهم بالمادة(3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص علي أن لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه, وكذا المادة(5) والتي تنص علي أنه لايجوز تعريض أي إنسان للتعذيب ولا العقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الخاصة بالكرامة وكذا المادة(13) والتي تنص علي أنه يحق لكل فرد أن يغادر أي بلدة والعودة اليها كل هذه النصوص أين من وضعوها وأين من يكيلوا الأمر بألف مكيال؟, بل وأين هم الآن من يشهدون هذه المواد في وجه كل شخص يتصورون أنه مضاد لأفكارهم وأهدافهم؟ أين هم ألا يرون أو يسمعون مايحدث في غزة من حصار وتجويع علني أمام العالم الذي لايحرك ساكنا؟ ان تصريحات باراك وزير الدفاع الإسرائيلي بتخلي إسرائيل عن مسئوليتها من غزة, وماجاء من تصريحات أعقبت موقف مصر, بأن إسرائيل تريد تصدير الأزمة الي مصر, تلك التصريحات تتماشي مع الرؤي الإسرائيلية بوجوب وجود شريط أمني من كل إتجاه, حتي ولو كان من خلال أطماع معلنة أو غير معلنة في أراضي ودول الجوار, هذا فضلا عن أن أولمرت ورفاقه بعد الإخفاق الفاضح في حرب لبنان الأخيرة أراد أن يحقق أي مكاسب علي الأرض وأن يستقطب الناخب الإسرائيلي الذي فقد الثقة في قادته, الذين لم يستطيعوا من خلال تفوقهم العسكري أن يحققوا أمنا لمواطنهم وحماية من أي نوع, فقد خسرت إسرائيل في لبنان ولم تحقق أي هدف معلن لتبرير حربها حتي أبسط أهدافها وهو استعادة جندييها المخطوفين لم يتحقق, وهو الأمر الذي يحدث الآ في غزة بعد اجتياحها فلم تستطع إسرائيل في ظل هذا الحصار أن توقف إطلاق صواريخ القسام ولم تستطع حتي الآن ان تستعيد جنديها المختطف بمعرفة حركة حماس. ولعل ماقامت وتقوم به إسرائيل يزيد جرح السلطة الفلسطينية أمام أبناء فلسطين حيث أن إسرائيل قامت بحصار غزة بعد أنابوليس, بل يجب أن نضيف لذلك ماتقوم به إسرائيل الآن من بناء7300 وحدة استيطانية جديدة!! رغما عن أنف انابوليس ومن حضروا أنابوليس من هنا يجب أن نعترف ان إسرائيل ما كانت تفعل ذلك إلا في ظل وضع فلسطيني متأزم خاصة بعدما قامت حماس بالاستيلاء علي غزة, وهو الأمر الذي لا نناقشه الان ولكن يجب ان نرصد أن هناك تباينا واضحا في المفاهيم لدي الفرقاء في الضفة, وغزة حيث أن فتح في الضفة تعلي شعار ضرورة القضاء علي الأرهاب والتطرف في فلسطين وان ما حدث لغزة هو جراء ما قامت به حماس من استيلاء علي السلطة, وما تقوم به من إطلاق للصواريخ علي المستعمرات الاسرائيلية, في حين ان حماس في غزة تعتبر ان ما تقوم به هو رد فعل شرعي ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يغتال يوميا ابناء فلسطين لا فرق بين الرجال والنساء والأطفال, الكل تحت مرمي الاستهداف الإسرائيلي. لكن ما يجب التفكير فيه هو أنه مع فرضية انتهاء الحصار سنكتشف ان تكرار هذا الأمر او تصعيده في أي وقت امر وارد ولما لا وربط غزة والقطاع باقتصاد إسرائيل وربط مصادر الطاقة بغزة والقطاع بإسرائيل هو أمر خاطيء منذ بدايته نجحت إسرائيل في اقتناصه من الفلسطينيين والعرب بعد أوسلو وهو الأمر الذي يجب ان يفكر فيه جديا العرب إذا ارادوا ان يقوموا بواجباتهم نحو فلسطين. شيء اخر محزن انه في ظل ما تعانيه غزة من حصار وفي ظل موقف مصر من هذا الحصار لم نسمع ايه مبادرات عربية للمساندة, او حتي التنديد لما يحدث في غزة, بل لم تسمع آيا من الدول العربية والتي تملك مليارات الدولارات والتي تقوم باستثماراتها في أمريكا واوروبا ان قامت بتحويل جزء من هذه الاستثمارات في داخل مصر التي تواجه بمفردها ما يتم في غزة. إن حصار غزة, قد أوضح أمورا يجب ان توضع في الاعتبار وهو أن العالم ذا القطب الأمريكي الأوحد هو عالم قد فقدت فيه الكثير من الدول حتي القدرة علي الشجب والتنديد بل لم يكتف القطب الأمريكي بغل يد الكثيرين بل كم ايضا افواههم بل ونشك في أنه قام بقطع السنتهم حتي لا يفكروا حتي في الشجب والتنديد, إلا أنه لم يستطع ولن يستطيع ان يفعل ذلك مع الكبار حيث أن الكبار لا يموتون كما أن مصر ستظل من خلال مواقفها الوطنية موضع الريادة للعرب والشرق الأوسط.